Site icon هاشتاغ

85 ألف “فرصة” وأضعافها من النفوس “المحبَطة”: مسابقة التوظيف المركزية.. “خطة” لتحصيل الإتاوات من آلاف الحالمين بوظيفة “لاتغني عن جوع”

هاشتاغ_ إيفين دوبا

منذ الإعلان عن مسابقة التوظيف المركزية التي أعلنت عنها وزارة التنمية الإدارية في التاسع من شهر كانون الثاني الماضي، تقدم الآلاف من الراغبين، وسط “تهليلات” حكومية وحديث عن “مزايا” في المسابقة الجديدة.

الوزارة تحدثت عن المزايا الجديدة للمسابقة الجديدة، سواء من حيث وجود ثلاث رغبات للمتقدم بعد أن كانت محصورة برغبة واحدة خلال المسابقات الماضية، أو حتى إلغاء شرط العمر، والذي كان محدداً للقبول في الوظائف الحكومية عند 35 عاماً، وكذلك “استهدافها كل الفئات وفق آليات جديدة تعتمد الموثوقية، حيث ستكون الاختبارات مؤتمتة بالكامل دون أي تدخّل بشري في نتائجها”وفقاً لوزيرة التنمية الإدارية سلام سفّاف.

لكن هذه الميزات لم تصمد كثيراً أمام مئات الشكاوى من قبل المتقدمين، حول آلية التقدم للمسابقة، والأعباء المترتبة عليها.

“كلام على ورق”!.

 

85 ألف فرصة عمل ستوفرها المسابقة الجديدة بـ”مزايا” أخفت من “بريقها” عراقيل عدة، رصدها “هاشتاغ” في أكثر من محافظة، منها ما اشترطته وزارة التنمية الإدارية بضرورة تقديم “المتسابقين” تصريحاً إلى لجنة استلام الطلبات في الأمانة العامة للمحافظة يشمل عدم وجود رابطة قرابة أو مصاهرة حتى الدرجة الثانية مع الرئيس الإداري الأعلى أو الرئيس الإداري المباشر أو مع عامل آخر في الوحدة التنظيمية ذاتها التي يرغب المتقدم بالتقدم إليها ضمن الجهة العامة، إضافةً إلى قلة المراكز التي تستقبل طلبات التقدم للمسابقة، والازدحام الشديد عليها.

وزاد من حجم الصعوبات، الأعباء المادية المترتبة على استصدار الأوراق المطلوبة “سواء تمّ قبول المتقدّم أم لا”، ووساطات ومحسوبيات لانهاية لها، وليس أخيراً بحث واقع العقود سواء كان للمياومين أو العمال الموسميين، والتي تزخر بها مؤسسات القطاع العام، وكيفية التعامل مع واقعهم الإداري في المؤسسات التي يعملون بها في حال تقدموا للمسابقة المعلن عنها.

وبحسب التقديرات الرسمية فإن سورية تحتاج سنوياً لأكثر من 300 ألف فرصة عمل تبدو في الظروف الحالية مستحيلة، تسعى من خلالها الحكومة إلى تنفيذ حوالي ثلثها، لكن المشكلة تبقى في استمرار العراقيل والعقبات المرافقة لأي مسابقة، ويبقى دعم الشباب مجرد “كلام على الورق”!.

“ضحايا الحالمين بوظيفة”!

 

تغافلت الحكومة عن الخبرة التي اكتسبها المتعاقدون بعقود سنوية أو مؤقتة، ومضى على تعاقد بعضهم سنوات عدة، وكانوا من أوائل ضحايا “مسابقة الأحلام”، فبعد تفاؤلهم بقرب التثبيت بالتزامن مع الإعلان عن المسابقة، فوجئوا بأنهم والخريجين الجدد سواء، ففي حال نجحوا في المسابقة سيخسرون سنوات عديدة من خدمتهم وما يرافقها من درجات ضائعة، ليعودوا إلى نقطة الصفر، وإن رسبوا فهم مهددون بأية لحظة بالإقالة وفسخ العقد.

وحسب التصريحات الرسمية، فإنه يحق للعامل المؤقت والموسمي الذي هو على رأس عمله في مؤسسته أن يتقدم إلى المسابقة الحالية، ولكن دون أن تكون له أولوية، أو إعطاء علامات تفضيلية تميزه عن غيره من المتقدمين، وفي حال عدم نجاحه بالمسابقة يعود إلى مؤسسته طالما أن ما تربطه بها علاقة تعاقدية.

أما بالنسبة للمتعاقدين من الفئات الرابعة والخامسة، فهم ليسوا أفضل بكثير، رغم نسبة الشواغر المطلوبة منهم، بالقياس إلى الشواغر المطلوبة من الفئتين الأولى والثانية؛ حيث اشتكى عدد من العمال في بعض الوزارات بأن دليل مراكز العمل لم يتضمن حتى شواغر للمهام التي يقومون بها الآن، ومع ذلك يسعى العديد من المتقدمين للمسابقة من حاملي الشهادات الجامعية إلى التخلي عنها، والتقدم إلى شواغر الفئات الأخرى، بسبب قلة عدد الشواغر الخاصة بهم.

متطلبات “طويلة عريضة”!

 

قرار المسابقة الذي صدر في التاسع من شهر كانون الثاني من العام الحالي للفئتين الأولى والثانية والاختبار للفئات الثالثة والرابعة والخامسة في الجهات العامة للتعيين الدائم أو التعاقد المؤقت السنوي، وصفه العديد من المتقدمين على أنه مجرد وسيلة جديدة “لنهب” المواطنين، الذين توافدوا بالآلاف إلى مراكز خدمة المواطن ومراكز استقبال طلبات التقدم للمسابقة المشمولة بالقرار.

كما استلزم التقدّم إلى المسابقة المعلن عنها “استحضار” أوراق حكومية عدة، وهي “غير موظف – غير محكوم – المؤهل العلمي – صورة عن الهوية الشخصية”، وحسب قول العديد من الخبراء، فإنّه كان بإمكان الحكومة التغاضي عن هذه الشروط، وتوفير العبء المادي للمتقدّمين والذي يصل إلى ما يقارب 100 ألف ليرة، عبر تنظيم استمارة شرطية تُكتب فيها المعلومات اللازمة، وتُستكمل الأوراق المطلوبة بعد النجاح في المسابقة، وبالتالي إغلاق باب من أبواب الوساطة والرشوة لدى الدوائر المختصة بإعطاء تلك الأوراق الثبوتية.

شواغر أقل من المطلوب!

 

كثيرون عبروا عن صدمتهم من حجم التضخيم المرافق للإعلان عن عدد الشواغر في المحافظات، ليتبين أن الشواغر المعلن عنها أقل من الحاجة بكثير، وبالتالي يمكن القول، إنّ الآمال الكبيرة التي حمّلها الشباب على تلك المسابقة بدّدتها الفرص القليلة المحددة بالشواغر المطلوبة لكل محافظة.

وعلى سبيل المثال، تجاوز عدد المتقدمين للمسابقة في السويداء 10 آلاف في حين أنّ المطلوب للشواغر فيها لا يتجاوز الـ 3 آلاف، وكذلك الحال في محافظة حماة مع وجود ما يقارب 15 ألف متقدّم حتى الآن في حين تبلغ الشواغر المخصصة للمحافظة 8 آلاف شاغراً، وإلى طرطوس؛ حيث تشير آخر الأرقام التي حصل عليها “هاشتاغ” إلى تقدّم 25 ألف للمسابقة في حين تبلغ الشواغر المتاحة فيها 2576 فقط!.

200 ليرة للانتظار في محافظة دمشق!

 

سارعت المراكز المخصصة لاستقبال طلبات التوظيف ضمن المسابقة الجديدة في كل محافظة عبر تجهيز قاعات لأعداد المتقدمين، دون الأخذ بالحسبان الأعداد الكبيرة، والتي لم تستوعبها تلك القاعات.

وحسبما وصل إلى “هاشتاغ” من مصادر خاصة في محافظة دمشق، فقد بدأت عملية استغلال الأرقام الكبيرة للمتقدمين لتسجيل الاستمارة الخاصة بطلب التوظيف من باب المحافظة؛ إذ من المقرر استقبال المتقدمين في قاعة الانتظار المخصصة “قاعة الشهيد باسل الأسد” لتسجيل رغباتهم على أساس الشواغر التي تتناسب مع الشهادة العلمية أو الخبرة وتسجيلها على الطلب، واستكمال الأوراق المطلوبة لكل متقدم ليحصل بعدها على رقم دور للدخول إلى قاعة استقبال الطلبات حسب كل فئة، لكن، ما حصل أنّ المكلفين بتنظيم دخول المتقدمين للمسابقة اشترطوا دفع مبلغ 200 ليرة لقاء الحصول على “كرسي” في قاعة الانتظار، والتي من الممكن أن تصل إلى أكثر من 4 ساعات، وربما تتأجل إلى اليوم الذي يليه، وذلك قبل تسليم أوراقهم إلى اللجان المكلفة إدخالها في النظام الحاسوبي الخاص بالمسابقة، والموجودة في مبنى آخر يمكن الوصول إليه بسرعة في حال دفع إكرامية، حسب قول المصادر.

ومع وصول أعداد المتقدمين للمسابقة في مركز محافظة دمشق إلى مايقارب من 13 ألف متقدم وتوقعات بالوصول إلى 15 ألف متقدم “حسبما علم هاشتاغ من مصادر خاصة”، فقد قررت محافظة دمشق إلغاء تقديم خدمات مركز خدمة المواطن الرئيسي مؤقتاً وتحويل الموظفين العاملين فيه للمساعدة في إدخال البيانات على البرنامج الخاص بالمسابقة.

ومع الأعداد الكبيرة للمتقدمين للمسابقة، قالت مصادر خاصة لـ”هاشتاغ”، إنّ هناك نية لدى الحكومة بتمديد تسجيل طلبات التقدم للمسابقة إلى 22 من آذار، في حين من المقرر أن تنتهي في 3 من الشهر نفسه.

التمديد يعني مزيد من التعقيد!

في حال فكرت الحكومة بتمديد مدة التقدم للمسابقة المعلن عنها، فإنّ مزيداً من الأعباء ستكون بانتظار المتقدمين، بسبب عدم إيجاد حلّ للمشكلات التي تعترضهم، والتي يواجهونها في سبيل تحقيق حلم الحصول على وظيفة.

الخبير في الشؤون الإدارية، الدكتور عبد الرحمن تيشوري، قال في تصريحات خاصة لـ”هاشتاغ” إنّ أخطاءً كثيرة لا مبرر لها كان يجب مراقبتها قبل الإعلان عن المسابقة التي عوّل عليها الكثيرون بآمال كبيرة بدّدتها فرص الشواغر قياساً بعدد المتقدمين.

وعن أعداد المتقدمين للمسابقة، توقع تيشوري زيادة أعداد المتقدمين، حسب الأرقام المتداولة حتى الآن، لافتا إلى أنه لو فرضنا أنّ في كل محافظة 25 ألف ما يعني وجود 300 ألف متقدم، متسائلاً:” كيف سنجري الامتحانات للعدد الكبير وأين القاعات التي من الممكن لها استيعاب تلك الأعداد الكبيرة”.

وأكد الخبير في الشؤون الإدارية، أنه لا مبرر لإجراء الاختبارات والمسابقات لهذا العدد الكبير جداً، وكان من الممكن حصر الشواغر وطلبات العمل بطريقة بحيث لا يتقدم كل هذا الكم الهائل، أو كان بإمكان الجهات المعنية تحديد احتياجاتها، وإجراء المسابقة ومن ثم توزيع الناجحين على مركز العمل تبعا للحاجة والاختصاص المطلوب.

ولفت تيشوري إلى أنّ الحكومة تركت الجميع يتقدم دون قيد أو شرط، وهذا أكبر خطأ وقعت به، إضافةً إلى الأعباء المالية المترتبة على الدخول ضمن المسابقة، خاصةً بالنسبة إلى أهالي القرى والمناطق البعيدة عن المراكز المخصصة لاستقبال طلبات التوظيف؛ إذ شكّلت الأوراق المطلوبة للتقدّم للمسابقة عقبة حقيقية أمام المتقدمين، وبات الحصول عليها في اليوم نفسه أمراً مستحيلاً، ما يضطر العديد منهم للانتظار أكثر من يوم للحصول عليها.

ويرى تيشوري أنه “كان من الممكن إطلاق تطبيق الكتروني خاص بالمسابقة، وتوفير الجهد والعناء، أو الاكتفاء بورقة واحدة تضم الوضع التعليمي والشهادة والوضع الوظيفي للمتقدم، والاكتفاء بتعهد على ذلك، وبعد النجاح يمكن للمتقدم إكمال الأوراق المنصوص عليها في قانون العاملين الأساسي”، فـ”السوريون في وضع مالي ومعيشي صعب لا يحتمل عبئاً اضافياً”.. يختم تيشوري.

85 ألف حالة إحباط!

 

على عكس “التطبيل” المرافق للمسابقة المنشودة، فإن قرار الإعلان عن المسابقة المركزية أنتج 85 ألف مشكلة عند إنجاز عدد الأوراق المطلوبة و 85 ألف حالة مريرة من تأمين تكاليف التسجيل للحصول على وظيفة و85 ألف حالة يأس وإحباط من تحقيق أمل الوصول إلى دخل شهري ثابت هو أساساً لا يكفي أصحابه لأكثر من أسبوع في أحسن الأحوال!
Exit mobile version