لا تزال عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار تتم بوتيرة بطيئة نسبياً، وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن نحو 400 ألف لاجئ عادوا من دول مثل لبنان والأردن وتركيا منذ نهاية عام 2024، في وقت تتزايد فيه الضغوط في دول الاستضافة، وسط استمرار غياب مقومات العودة الآمنة، بما يشمل الأمن والسكن وفرص العمل.
وفي هذا السياق، أظهر تقرير استطلاعي صدر عن مرصد الحماية الاجتماعية التابع لجمعية "تمكين" للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، أن 72% من اللاجئين السوريين في الأردن لا يخططون للعودة إلى بلادهم في الوقت الراهن.
وأرجع المشاركون ذلك إلى غياب السكن المناسب، وتردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية في الداخل السوري.
ووفق التقرير، استقبل الأردن منذ عام 2011 نحو 1 مليون و300 ألف لاجئ سوري، بينهم 557 ألف و783 مسجلا رسميا لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حتى آذار/ مارس 2025.
وسجلت المفوضية عودة 55 ألف و732 لاجئا من الأردن، 84% منهم من المقيمين في المناطق الحضرية، وذلك خلال الأشهر الخمسة الأخيرة.
حوالي 59% من اللاجئين يفتقرون إلى سكن آمن داخل سوريا
التردد في العودة
وأشار التقرير إلى أن 59% من اللاجئين يفتقرون إلى سكن آمن داخل سوريا، بينما يشكل غياب الأمان عائقا أساسيا لـ 56% منهم، وتأتي الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة ثالثاً بنسبة 55%، كما يفضل بعض اللاجئين البقاء في الأردن نتيجة الاستقرار الاجتماعي، إذ أكد 16% أن جميع أفراد عائلاتهم يقيمون في الأردن، و11% أعربوا عن شعورهم بالاستقرار.
في المقابل، كشف التقرير عن دوافع متباينة لدى من يرغبون بالعودة، أبرزها عودة الأقارب، وارتفاع كلفة تصاريح العمل في الأردن، تليها قلة فرص العمل، وامتلاك منازل في سوريا، كما أشار 6% إلى أن توقف المساعدات يدفعهم للتفكير بالعودة، و3% فقط أعربوا عن ثقتهم بتحسن الوضع الأمني في سوريا.
وأوضح التقرير أن 52% من اللاجئين يعملون، معظمهم في ظروف هشة: 61% في أعمال يومية غير مستقرة، و35% دون عقود، و90% بلا تصاريح عمل، ما يعرضهم للانتهاكات ويقوّض استقرارهم المالي. وظهر أن العاملين أكثر ميلا للعودة بنسبة 35%، مقارنة بـ 20% فقط من غير العاملين.
كما كشفت البيانات وجود تفاوت في الرغبة بالعودة بين الجنسين، إذ عبّر 31% من الذكور عن رغبتهم في العودة، مقابل 20% فقط من الإناث، وهو ما فسره التقرير باختلاف الأدوار الاجتماعية والحرص على استقرار الأسرة والتعليم.
وأظهرت النتائج أن اللاجئين خارج المخيمات أكثر ميلا للعودة، مقارنة بالمقيمين داخلها، بينما لا يحصل 70% من المشاركين على أي مساعدات، ويواجه 69% عجزا في تلبية احتياجاتهم الأساسية، علما أن 88% لا يقيمون داخل المخيمات.
تحفيز العودة
وأوصى التقرير بتقديم حوافز مالية ودعم لوجستي للراغبين في العودة، وتوفير مساعدات مخصصة للأسر ذات الدخل المحدود، إلى جانب دعوة المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته تجاه اللاجئين والدول المضيفة، كما دعا إلى إطلاق برامج مشتركة بين الأردن والمنظمات الدولية لتسهيل العودة الطوعية عند استقرار الأوضاع في سوريا، وإجراء دراسات دورية لرصد تحولات توجهات اللاجئين في ضوء المتغيرات المستمرة.