قدّم المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، لبيروت خارطة طريق تقضي بتخلي "حزب الله" عن سلاحه مقابل انسحاب إسرائيل من المناطق التي تحتلها في جنوب لبنان.
وقال مصدران مطلعان لوكالة "رويترز" إن "المسؤولين اللبنانيين كانوا يعملون، (أمس) الثلاثاء، على إعداد رد على مطالب أمريكية تقضي بأن يتخلى (حزب الله) عن سلاحه في مختلف أنحاء لبنان بحلول تشرين الثاني/نوفمبر، مقابل وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية".
وأضاف المصدران أن "باراك قدّم إلى المسؤولين اللبنانيين خارطة طريق مكتوبة من 6 صفحات، وأبلغهم أنه يتوقع تلقي ردودهم على أي تعديلات مقترحة بحلول الأول من تموز/يوليو".
وأفادت الوكالة بأن "الوثيقة تركز على نزع سلاح "حزب الله" وفصائل مسلحة أخرى، وتدعو لبنان إلى تحسين علاقاته مع سوريا المجاورة وتنفيذ إصلاحات مالية".
وذكر المصدران أن" باراك شدد على ضرورة إتمام نزع السلاح بالكامل بحلول تشرين الثاني/نوفمبر، أو نهاية العام كحد أقصى".
وفيما يتعلق بالإصلاحات المالية والاقتصادية والجمركية، تتضمن خارطة الطريق العمل على إقفال كل المؤسسات المالية التابعة للحزب، خصوصا "القرض الحسن"، بالإضافة إلى تشديد إجراءات المراقبة المالية ومنع تهريب وإدخال الأموال، وتحسين الجباية الجمركية ومنع التهرب الجمركي، وفرض مراقبة شديدة على كل المعابر والمرافق العامة.
وتضمنت خارطة الطريق الأمريكية، إصلاح وتحسين العلاقة مع سوريا وتطويرها، لا سيما على المستوى السياسي بين البلدين، وثانيا أن يسير لبنان على خطى دمشق، بالإضافة إلى التنسيق في ضبط الحدود ومنع التهريب، وصولا إلى ترسيم الحدود البرية والبحرية أيضا مع سوريا ومع قبرص.
وأشار المصدران إلى أن "نزع السلاح سيؤدي إلى وقف الضربات الإسرائيلية التي تستهدف أعضاء "حزب الله"، ويفتح الباب أمام تمويل إعادة إعمار مناطق لبنانية دمّرتها إسرائيل في العام الماضي".
وأكد المصدران أن "الخطة تتضمن أيضا آلية بإشراف الأمم المتحدة لتأمين إطلاق سراح معتقلين مرتبطين بحزب الله لدى إسرائيل".
وقالا إن "لبنان شكّل لجنة لإعداد رد أولي، تضم ممثلين عن مكاتب رئيس الوزراء نواف سلام، ورئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري".
تصف مصادر متابعة ما يجري بأنه "طبخة بحص" ولا يمكن لها أن تنضج ولا يمكن لحزب الله أن يوافق على ما هو مطروح
شروط الحزب
إلى ذلك، تكشف مصادر متابعة أن حزب الله وعلى الرغم من عدم الإدلاء بأي موقف رسمي حتى الآن من الورقة الأمريكية، إلا أنه اطلع على المقترح الأمريكي ويعمل على إعداد مقترح مضاد. كما أنه ينتظر معرفة الجواب الرسمي للبنان وإبداء ملاحظاته عليه، بحسب جريدة "المدن" اللبنانية.
وتصف مصادر متابعة وقريبة من الحزب ما يجري بأنه "طبخة بحص"، ولا يمكن لها أن تنضج. كما لا يمكن لحزب الله أن يوافق على ما هو مطروح.
ووفقا لما نقلته جريدة "المدن"، تكشف المعلومات، أن "حزب الله" يعمل على تقديم مقترحات بديلة أو مضادة، تبدأ بالتدرج، بأنه التزم باتفاق وقف إطلاق النار، ولم يخرق الاتفاق، وسلّم السلاح في جنوب نهر الليطاني، بينما إسرائيل لا تزال تواصل خروقاتها وضرباتها، وتواصل الاحتلال. لذا، فإن "حزب الله" يضع عددا من الشروط:
1- انسحاب إسرائيل من الأراضي التي لا تزال تحتلها.
2- وقف الاعتداءات وعمليات الاغتيال.
3- وقف الخروقات الجوية والبرية والبحرية.
4- إطلاق سراح الأسرى.
5- إطلاق مسار إعادة الإعمار، والسماح للبنان بأن يعمل على إنشاء صندوق يتلقى المساعدات من الدول المستعدة للمساعدة في سبيل إعادة الإعمار.
أما بالنسبة إلى السلاح، فإن "حزب الله" يعتبر أنه سلّم منطقة جنوب الليطاني للجيش. لكن بالنسبة إلى شمال الليطاني، فهو شأن لبنان يتم العمل على معالجته من خلال الحوار الداخلي، وانطلاقا من التفاهم بينه وبين رئيس الجمهورية والمسار الذي فتح منذ أشهر.
وتفيد المعلومات، بأن "حزب الل"ه يبدو منفتحا على ذلك، ولكن من دون إلزامه أو فرض مهل زمنية، ويبقى من ضمن السعي إلى استراتيجية دفاعية، تندرج في سياق استراتيجية الأمن الوطني التي تحدث عنها رئيس الجمهورية في خطاب القسم. ويعتبر الحزب أن مسألة سلاحه وعناصره وعديده تحتاج إلى ورشة عمل لبنانية شاملة. إذ لا يمكن التفريط بما بناه ولا بد للبنان من الاستفادة منه.
أما على مستوى إقفال "القرض الحسن"، أو مؤسسات الصرافة التابعة للحزب، فإن "حزب الله" يعتبر ما يجري بأنه محاولة للإطباق عليه بشكل كامل. وهي عملية خنق للبيئة الشيعية. وهذا ما لا يمكن لأحد أن يتحمله وقد يؤدي إلى انفجار اجتماعي، وفقا لـ "المدن".
ووفقا للجريدة اللبنانية، يترقب "حزب الله" كل التطورات، بما يتعلق بالجواب اللبناني وبالتعاطي الأمريكي، وأيضا يتحسّب لاحتمال ازدياد منسوب التصعيد الإسرائيلي في الأيام المقبلة، للضغط عليه أكثر. وحسب ما يقول مسؤولون في الحزب، فهم يتعاطون بدرجة عالية من التعقل والهدوء، ولكن بالكثير من الجرأة أيضا. ويرفض المسؤولون الإجابة عن آليات ردّهم على أي تصعيد إسرائيلي.
ويشدد "حزب الله" على التوافق بين المسؤولين اللبنانيين، والخروج بموقف لبناني موحد. أما في حال كان هناك اتجاه في الحكومة إلى إقرار الردّ على مقترحات باراك من دون التنسيق معه، ومن دون موافقته، فإن ذلك قد يدفعه إلى الخروج منها. ويعتبر أن البلد حينها سيدخل في أزمة سياسية عميقة جدا، بحسب الجريدة اللبنانية.