الإسكوا: سوريا على مفترق طرق.. ثلاثة سيناريوهات

 

هاشتاغ: ترجمة

ذكرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) في تقرير لها أمس أن سوريا على مفترق طرق بعد سقوط نظام بشار الأسد وتولّي "هيئة تحرير الشام" السلطة في البلاد التي يعاني اقتصادها من انكماش كبير ويعيش سكانها في فقر مدقع يهدد مستقبلها مالم تقم الإدارة الجديدة بإصلاحات جريئة بدعم عربي ودولي سريع.

الانهيار الاقتصادي

التقرير الذي أعدته (الإسكوا) بالتعاون مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) تحت عنوان "سوريا عند مفترق طرق: نحو مرحلة انتقالية مستقرة"، يرسم صورة مقلقة لمستقبل البلاد التي دمرت سنوات الحرب اقتصادها ونسيجها الاجتماعي، إذ يكشف عن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 64% منذ بدء النزاع عام 2011. كما فقدت الليرة السورية حوالي ثلثي قيمتها خلال عام 2023 لوحده، مما رفع معدل التضخم الاستهلاكي إلى 40% عام 2024 وانخفاض معدلات التصدير والاستيراد بنسبة 84% و70% على التوالي.

الأزمة الإنسانية

أدت الحرب والانهيار الاقتصادي إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد بشكل كارثي، إذ يحتاج نحو 16.7 مليون شخص أي ما يزيد عن ثلثي سكان البلاد إلى مساعدات إنسانية، كما يشكل سوء التغذية والمزمن وانهيار الأنظمة الصحية دليلاً على عمق الأزمة التي تواجه البلاد مع وجود نحو سبعة ملايين نازح داخلياً.

مسارات التعافي

يرى معدو التقرير أنّ تحقيق التعافي المستدام في سوريا يتطلب تعاوناً دولياً وثيقاً وتنفيذ إصلاحات وإنعاشاً اقتصادياً شاملاً بدعم دولي متين مع إعطاء الأولوية للقطاعات الرئيسية كالزراعية والصناعة والطاقة من أجل إعادة البناء وكذلك بذل الجهود لإعادة بناء الثقة وتعزيز المصالحات الاجتماعية.

سيناريوهات مستقبل سوريا

يتناول التقرير ثلاثة سيناريوهات محتملة أمام سورية وهي:

1-مرحلة انتقالية مستقرة: تتطلب هذه المرحلة إنشاء آليات حوكمة شاملة وعدالة انتقالية ذات مصداقية، وتعزيز المؤسسات القوية ثقة الجمهور وتحسين الخدمات. ويتوقع أن تحقق هذه المرحلة نمواً اقتصادياً في الناتج المحلي الإجمالي السنوي ما نسبته 13.36% بين عامي 2024- و2030 مدفوعاً بالإصلاحات الاقتصادية والمساعدات الدولية.

وتوقع التقرير أن ينخفض الفقر المدقع من 50% عام 2024 إلى 36% عام 2030 ، إضافة إلى مساهمة جهود إعادة الإعمار في إعادة بناء البنى التحتية وتوسيع فرص العمل وتعزيز التماسك الاجتماعي وعودة اللاجئين والتعافي الاقتصادي.

2-انعدام الاستقرار طويل الأمد: في ظل هذا السيناريو الأسود، توقع التقرير أن يتعمق الركود في البلاد جراء الجمود السياسي واستمرار أعمال العنف التي ستؤدي إلى شلل البلاد وتفاقم الانقسامات المجتمعية.

ويرى معدو التقرير أنه في هذا السيناريو لن يتعدى الناتج المحلي الإجمالي السنوي 3% مع استمرار الاعتماد على المساعدات الإنسانية.

3-الحرب والتفكك: أما في هذا السيناريو الأخطر فسوف نشهد انهياراً اقتصادياً للبلاد مع انكماش الناتج المحلي الإجمالي وتراجعه على أساس سنوي حتى عام 2030 بمعدل 7.68 %، كما سيؤدي العنف واسع النطاق إلى تفاقم النزوح والفقر وانعدام الأمن الغذائي، الأمر الذي ينعكس سلباً على التماسك الاجتماعي وعلى الدول المجاورة على شكل عدم استقرار وضغوط اقتصادية بسبب اللاجئين والجريمة العابرة للحدود.

ويقترح التقرير من أجل تحقيق التعافي في سوريا ضرورة إيلاء أربعة محاور أساسية:

1-إنعاش الاقتصاد من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية للمياه والكهرباء والمساكن وشبكات النقل، إضافة إلى إنعاش الزراعة من خلال تدخلات عاجلة لدعم المزارعين وإصلاح أنظمة الري وتوفير فرص العمل والاندماج الاجتماعي للنازحين والمسرحين من الجيش. وكذلك إنعاش الصناعة في المدن الصناعية في حلب ودمشق ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتنمية الطاقات البشرية.

2-إعادة بناء مؤسسات الدولة والحكم عبر إصلاحات مؤسسية ومحاربة الفساد وبناء آليات الحكم الشفاف الذي يتمثل فيه كافة المكونات والفئات السورية من أجل تعزيز الوحدة وتقوية شرعية الدولة وتكريس سيادة القانون والمشاركة السياسية، إضافة إلى بناء قدرات موظفي الخدمة المدنية وتحقيق اللامركزية عبر إطار الحكم التشاركي مع المجتمعات المحلية.

3-تعزيز المصالحة والتماسك الاجتماعي من خلال اعتماد آليات شفافة وذات مصداقية في العدالة الانتقالية وتشجيع الحوار بين المجموعات المتنوعة لإعادة بناء الثقة والوئام الاجتماعي.

4-الدعم الإقليمي والدولي الوثيق لضمان إحراز تقدم شامل ومستدام، إذ يعتمد مسار التعافي في البلاد على مدى الدعم الإقليمي والدولي لذلك لابد من اتخاذ خطوات سريعة في تقديم المساعدات وتمويل الاستثمارات من قبل المانحين. وكذلك تعزيز الشراكات مع الدول الإقليمية والتكامل الاقتصادي.

         

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام