هاشتاغ - خاص
تثير تصريحات حاكم مصرف سوريا المركزي عن عدد المصارف الخاصة المتوقع وجودها في الاقتصاد السوري حتى عام 2030 الكثير من التساؤلات عن مدى حاجة الاقتصاد الوطني إلى هذا العدد الكبير من المصارف، فالتوقعات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي والمتكررة باستمرار تقول باحتمال وجود 30 مصرفاً خاصاً جديداً في الاقتصاد، وربما أكثر من ذلك بقليل، وهنا لا بد من الوقوف كثيراً عند هذا الرقم وطرح بعض التساؤلات عنه.
العدد الحالي الموجود
يوجد في الاقتصاد السوري اليوم وضمن البنية المصرفية السائدة حالياً 19 مصرفاً عاملاً، منها 11 مصرفاً خاصاً تقليدياً و3 مصارف خاصة إسلامية، و5 مصارف حكومية، وبالتالي يوجد اليوم 19 مصرفاً مع فروعها المنتشرة في المحافظات السورية كافة، ووفق معلومات مؤكدة من القطاع المصرفي فإن المصارف الحالية تكفي حاجة السوق السورية؛ إذ إن وضع الاقتصاد الراهن يكفيه هذا العدد من حيث قدرته على استيعاب الودائع وتقديم القروض وتغطية العمليات المصرفية الأخرى، ولا حاجة إلى مصارف جديدة، علماً أن أرباح بعض المصارف متواضعة جداً وتظهر محدودية السوق المصرفية المرتبطة بدخل المواطنين وقدرتهم على الادخار والمرتبط بعض حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
هل يتحمل الاقتصاد ذلك العدد؟
السؤال الأكثر حاجة إلى الإجابة عنه من المصرف المركزي هو السؤال التالي: هل النشاط الاقتصاد الحالي والمتوقع، في حال كانت هناك توقعات حقيقية للبنك المركزي طبعاً، يمكن له أن يشغل 30 مصرفاً جديداً في الاقتصاد؟ أو بالأحرى يمكن له أن يشغل 49 مصرفاً بين المصارف الحالية والجديدة المتوقعة؟ وهل ستنتج عن النشاط الاقتصادي كتلة مالية قابلة للتوزيع على 49 مصرفاً في الاقتصاد؟ وهل سيكون لذلك العدد الكبير من المصارف دور في دعم البنية الإنتاجية للاقتصاد الوطني؟ أم أنها ستبقى تعمل في الهوامش الخدمية للاقتصاد وفي التمويلات الصغيرة ذات العائد المحدود؟ تطرح تلك الأسئلة في ظل ضعف شديد في النشاط الاقتصادي الداخلي وضعف في الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
الاقتصاد الإنتاجي مقابل الخدمي
تسعى تلك السياسة التي ينتهجها البنك المركزي إلى إغراق الاقتصاد الوطني بالاقتصاد الخدمي وهو اقتصاد هش غير مستقر يتأثر بالأحداث السياسية والأمنية والاقتصادية تأثراً كبيراً جداً وربما يكون فائضاً عن حاجة الاقتصاد الحقيقي، وعلى الرغم من القول إن فتح السوق المصرفية أمام المنافسة بين المصارف وأن دراسات الجدوى الاقتصادية هي من يحدد قرار المصارف بالاستثمار في السوق أم لا، فإنه لا بد من أن يكون للبنك المركزي دور واضح في إدارة السوق المصرفية وتحديد احتياجها من العدد اللازم للمصارف والمتناسب مع حجم الاقتصاد.


