هاشتاغ - خاص
تستمر سياسات تحرير التجارة الخارجية التي تجريها الحكومة الانتقالية في سوريا، بالتأثير سلباً في الاقتصاد السوري وبطرائق مختلفة، ومع الاستمرار في فتح الحدود تجارياً أمام البضائع الأجنبية المستوردة وبأقل الرسوم الجمركية فإن الصناعة الوطنية مهددة بمزيد من الضرر وربما الانهيار في بعض القطاعات، وما مطالبات الكثير من الصناعيين بوقف عمليات فتح الحدود التجارية أمام تدفق البضائع الأجنبية إلا خير دليل على ذلك.
نقل لثروة السوريين
يعتقد الكثير من الصناعيين السوريين أن استمرار فتح الحدود بالطريقة التي تجري بها اليوم لا يعدو أكثر من استنزاف لثروة لسوريين ونقلها إلى الخارج، فالمستوردات تقيم بالدولار، ثم تباع بالليرة السورية داخل الاقتصاد ليعاد تحويل الليرات السورية مجدداً إلى دولارات ترسل إلى دول الجوار كالأردن وتركيا، في حين يحتاج الاقتصاد السوري إلى كل دولار في داخله من أجل دعم سعر الصرف وتقليل تكاليف استيراد المواد الأولية الداخلة في الصناعة الوطنية وخاصة أن مصادر الحصول الدولار محدودة حالياً في الاقتصاد.
التجارة مع الأردن نموذجاً
ودعماً لفكرة نقل ثروة السوريين إلى الخارج نأخذ على سبيل المثال بيانات التجارة الخارجية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة الأردنية فقد بينت تلك البيانات أن واردات الأردن من سوريا وصلت إلى نحو 62 مليون دينار في الفترة من كانون الثاني / يناير إلى تموز / يوليو 2025 مقابل 31 مليون دينار في عام 2024 مسجلةً ارتفاعاً نسبته 100% في حين وصلت الصادرات الأردنية إلى سوريا 130 مليون دينار، مقارنةً بنحو 26 مليون دينار للفترة نفسها من عام 2024، أي أن الميزان التجاري السوري الأردني يحقق فائض لمصلحة الأردن بقيمة 68 مليون دينار.
صراع تجاري – صناعي
يولد تحرير التجارة الخارجية بهذا الشكل الذي تجريه الحكومة الانتقالية حالة من الصراع الدائم والمستمر بين التجار المستوردين والصناعيين، فالتجار يعتقدون أن كفاءة الصناعة السورية منخفضة جداً وعليها أن تطور نفسها لتصمد أمام المنافسة الخارجية، كما أنه لا يمكن وقف طوفان الاستيراد لأن السوق السورية شرهة وبحاجة إلى الكثير من السلع، في حين يعتقد الصناعيون أن الصناعة السورية خارجة من سنوات حرب طويلة وتعاني تراجعاً في البنى التحتية والدعم اللوجستي ولا تزال بحاجة إلى وقت طويل لتقف بقدميها، وبالتالي لا بد من دعمها بتقليل الاستيراد وتقنينه بشكل أو بآخر حتى يتسنى لها الصمود في وجه المنافسة الخارجية.
لا بد من المراجعة
لابد للحكومة الانتقالية السورية من مراجعة سياسة تحرير التجارة الخارجية بهذا الشكل الذي تسير عليه الآن، ولا بد من تحديد دقيق للمكاسب والأضرار التي تصيب الصناعة السورية أولاً والاقتصاد الوطني ثانياً، ولا بد من الموازنة بين مصالح التجار والمنتجين والمستهلكين والدولة في نهاية المطاف.


