هاشتاغ
بحث

فاتورة الكهرباء تتحول إلى تحدٍ يومي.. كيف يواجه السوريون صدمة الأسعار الجديدة؟

02/11/2025

كهرباء-سوريا

شارك المقال

A
A

هاشتاغ - حسن عيسى


شهد الشارع السوري في الأيام الماضية تفاعلات واسعة بعد إعلان تعرفة الكهرباء الجديدة؛ إذ تعددت ردود الفعل بين القلق على القدرة المعيشية، ومحاولات لفهم أثر التسعيرة في فواتير المنازل.


ومع أن قرار وزارة الطاقة لم يكن مفاجئاً للبعض، فأن وقعَه على المواطنين بدا أكبر من مجرد أرقام على ورق.

قلق في الشارع ومحاولات للتأقلم

بين التذمّر، والبحث عن بدائل، واتجاه البعض إلى حساب استهلاكاتهم بدقة، بدت ملامح الارتباك واضحة.


مواطنون اختاروا تعديل عاداتهم اليومية فوراً، في حين قررت أسر أخرى الانتظار لرؤية الفاتورة الأولى بعد التسعيرة الجديدة قبل الحكم على تأثيرها الواقعي.


يقول ليث من دمشق، وهو موظف في شركة اتصالات، إن أول ما فعله بعد رفع الأسعار هو مراقبة استهلاك الأجهزة المنزلية.


ويقول لـ"هاشتاغ": "خفّضت تشغيل السخان إلى النصف، وبدأت أستخدمه عند الحاجة فقط. على الرغم من الترشيد، الفاتورة ما زالت مرتفعة قياساً بالدخل، والمشكلة أنّ البدائل قليلة".


أما ميساء من حمص، وهي مدرّسة، فترى أن المشكلة لا تكمن فقط في الاستهلاك، وتقول لـ"هاشتاغ": "الناس لا تعرف أنّ ساعة تشغيل المكيف قد تساوي استهلاك أكثر من يوم كامل لأجهزة أخرى. الوعي مهم، لكنه غير كافٍ من دون توفير بدائل أو دعم".


في اللاذقية، سجّل أصحاب المحال التجارية تغيّراً واضحاً في سلوك الشراء. يقول سامر، صاحب متجر أجهزة كهربائية لـ"هاشتاغ" : "الزبون يسأل اليوم عن واط الجهاز قبل مواصفاته. هناك وعي، لكن الأسعار تحول دون التغيير".


من جانبها، تعد رزان من حلب، مهندسة طاقة، أن الترشيد وحده غير كافٍ، فتقول في حديثها لـ"هاشتاغ": "في تنويع مصادر الطاقة المنزلية. من دون حوافز أو دعم للطاقة البديلة، ستبقى جهود المواطنين محدودة".

كم يستهلك منزلك فعلياً؟

في محاولة لمساعدة الأسر في فهم ما ينتظرها في الفاتورة المقبلة، أعدّ فريق من المهندسين السوريين دراسة توضح متوسط استهلاك أبرز الأجهزة المنزلية بعد التسعيرة الجديدة، جاء في نتائجها أن بعض الأجهزة تستهلك بمفردها نسبة كبيرة من الطاقة الشهرية، خصوصاً السخان والمكيّف.


وبحسب تلك النتائج، تُظهر مراقبة استهلاك الكهرباء الدقيقة أن لكل جهاز حدوداً تقريبية للطاقة التي يستهلكها في الساعة.


على سبيل المثال، يُقدّر استهلاك الثلاجة بين 0.1 و0.2 كيلوواط ساعي في الساعة، بينما يتراوح استهلاك التلفزيون بين 0.1 و0.25 كيلوواط، مع ملاحظة أنّ الأجهزة القديمة تستهلك ضعف الأجهزة الحديثة.


الغسالة تتطلب ما بين 0.5 و0.8 كيلوواط في كل ساعة تشغيل، أما سخان الماء فيستحوذ على أكبر نسبة؛ إذ إنه يستهلك ما بين 1.5 و2 كيلوواط في الساعة، بينما يحتاج المكيّف إلى نحو 1.5 إلى 2.5 كيلوواط لكل ساعة تشغيل.


تستهلك المكواة بين 0.8 و1 كيلوواط في الساعة، في حيت يظل الراوتر منخفض الاستهلاك جداً؛ إذ إنه يحتاج إلى ما بين 0.008 و0.012 كيلوواط. شاحن الهاتف يستهلك عادة ما بين 0.005 و0.01 كيلوواط، وإذا تُرك متصلاً بالكهرباء من دون شحن الهاتف، ينخفض الاستهلاك إلى نحو 0.0003 كيلوواط في الساعة.


أما الإنارة الحديثة، مثل لمبات LED، فتستهلك ما بين 0.04 و0.1 كيلوواط لكل لمبة في الساعة، وهذا يجعلها أقل تأثيراً في الفاتورة مقارنة بالأجهزة الكبيرة.


وبحسب الأرقام، فإن استخدام السخان الكهربائي ساعة واحدة يومياً مدة شهرين قد يكلّف أسرة أكثر من استهلاك أجهزة عدة مجتمعة، وهذا يجعل التحكم فيه العامل الأهم في ضبط الفاتورة.

هل سيتحمل المواطن؟

وفق قرار وزارة الطاقة، بدأ تطبيق تعرفة جديدة للكهرباء ابتداءً من مطلع تشرين الثاني، توزعت على 4 شرائح تراعي مستويات الاستهلاك.


الشريحة الأولى خُصصت لذوي الدخل المحدود حتى 300 ك.و.س كل دورة، بسعر 600 ليرة لكل كيلو واط، مع بقاء الدعم الحكومي.


أما الشرائح الأعلى فقد شملت فئات الاستهلاك المتوسط والمرتفع، والمشروعات، والمعامل، بتسعيرات أعلى تختلف بحسب طبيعة الاستهلاك.


وعلى الرغم من تبرير الوزارة بأن الهدف هو تحقيق عدالة في توزيع الدعم وترشيد الاستخدام، بقي السؤال الأبرز عند المواطنين: هل الترشيد وحده قادر على تخفيف العبء المالي أم أن الزيادة ستتجاوز قدرة الأسر على التحمّل؟

لماذا يزداد الضغط على الرغم من الترشيد؟

يرى المهندس سامر فايز، خبير طاقة وكهرباء، في حديثه لـ"هاشتاغ" أن ارتفاع فواتير الكهرباء على الرغم من جهود الترشيد يعود إلى طبيعة الاستهلاك الأساسي الذي لا يمكن الاستغناء عنه، مثل التدفئة والماء الساخن والإنارة.


ويشير فايز إلى أن البدائل الموفرة للطاقة غالباً ما تكون مرتفعة الثمن مقارنة بقدرة الأسر الشرائية، وهذا يحدّ من قدرة المواطنين على الاستفادة منها.


ويعد أن الفجوة بين نمط استهلاك الأسر في المدن الكبرى والريفية تسهم في تفاوت الأثر المالي، مؤكداً أن حملات الترشيد وحدها تبقى محدودة الفاعلية ما لم تصحبها تسهيلات عملية أو دعم حكومي للأجهزة الموفّرة للطاقة.


ويختم الخبير حديث بالقول: "رفع أسعار الكهرباء ليس حدثاً عابراً في حياة السوريين؛ بل تحوّل إلى عامل يعيد تشكيل العادات المنزلية وأنماط الإنفاق، ويدفع المواطنين إلى إعادة حساباتهم يومياً".

التعليقات

الصنف

سوريا

منشور حديثاً

الأكثر قراءة

تابعنا

مقالات ذات صلة

يستخدم موقع هاشتاغ والمنصات التابعة له ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الموقع، وتقديم محتوى مخصص، وتحليل استخدام الموقع. هل توافق على استخدامنا للملفات لهذه الأغراض؟ يمكنك رفض ذلك، وسنستخدم فقط الملفات الضرورية لتشغيل الموقع.

هاشتاغ بيحكي عنك

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى في مناصرة المواطنين في المنطقة العربية وتمكينهم والدفاع عنهم ونقل أخبارهم وفق المواثيق الأممية والقواعد المهنية

أسّسها محمد محمود هرشو

محمد محمود هرشو

جميع الحقوق محفوظة - Hashtag هاشتاغ © 2015 - 2025