كشف حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، عن خطة إصلاحات شاملة لإصلاح النظام المالي بعد رفع وتخفيف العقوبات الأمريكية والأوروبية عن البلاد.
وحدد عبد القادر حصرية ملامح الخطة الإصلاحية بتحديث السياسة النقدية ومراجعة التشريعات المصرفية، وإجراءات مكافحة غسبل الأموال، والتواصل مع المودعين الأجانب، بما في ذلك الكيانات السيادية.
وبعد أن رسّخت سوريا مكانتها الدبلوماسية والسياسية، باتت لديها خطة من ثلاث نقاط جاهزة لموعد رفع العقوبات رسميا، وهي استعادة قنوات التحويل المالي، وجذب الودائع الأجنبية، وإعادة دمج النظام المصرفي في شبكات الدفع العالمية.
ووفق ما نقلت صحيفة "ذا ناشيونال" عن عبد القادر حصرية، فإن التحول في سياسة الرئيس الأمريكي تجاه سوريا، يتيح فرصة ذهبية لدمج سوريا في النظام المالي الدولي وإرساء أسس انتعاش ونمو اقتصادي مستدامين.
ولطالما ظل النظام المالي السوري معزولا عن النظام المالي العالمي، فبعد التحول إلى الاقتصاد المركزي المخطط عام 1963، عملت سوريا تحت سيطرة حكومية مشددة لعقود.
وتفاقمت هذه العزلة بفعل العقوبات الدولية، التي بدأت عام 1979 عندما وُصفت سوريا بأنها "دولة راعية للإرهاب".
المصارف السورية بحاجة للتحول من مجرد مؤسسات لاحتجاز الودائع إلى محركات للإقراض والاستثمار
خارطة الطريق
ستكون أولى نتائج الخطوة الأمريكية والأوروبية انفراجة اقتصادية بعد سنوات من الاختناق، إذ أعاقت العقوبات التجارة والاستثمار والليرة السورية، إلا أن نجاح إعادة التنمية الاقتصادية سيعتمد على برنامج حكومي مبسط.
وأكد حاكم البنك المركزي أن خارطة الطريق مُحددة بالفعل، وترتكز على ركيزتين: تحديث السياسة النقدية وإعادة بناء النظام المالي.
وقال: "إن التحول من التدخلات قصيرة الأجل إلى سياسة قائمة على القواعد أمر ضروري".
وأضاف "نعمل مستقبلا على اعتماد نظام "استهداف التضخم"، مدعوما باستقلالية مؤسسية للبنك المركزي بما يتماشى مع المعايير الدولية، وشفافية في إدارة السيولة، وتحسين جودة البيانات".
وتابع حصرية، وهو خبير تكنوقراطي عمل مستشارا لدى مجموعات دولية مختلفة: "علاوة على ذلك، أصبح استقرار سعر الصرف ضرورة. فتقلب سعر الصرف لا يُحدث تشوهات اقتصادية فحسب، بل يُقوّض أيضا ثقة المستثمرين ويُضعف فعالية السياسات".
وقال حصرية: "تحتاج المصارف السورية إلى التحول من مجرد مؤسسات لاحتجاز الودائع إلى محركات للإقراض والاستثمار. وهذا يتطلب إعادة هيكلة شاملة: تعزيز معايير كفاية رأس المال، وتحسين الحوكمة، وتوجيه التمويل نحو المشاريع الإنتاجية - لا سيما في البنية التحتية والقطاع الخاص".
يرى المسؤول النقدي أن النظام بأكمله بحاجة إلى إصلاح شامل، مؤكدا أن سوريا تراجع حاليا قانون المصارف، "وتعزز استقلالية البنك المركزي"، وتُحدّث اللوائح لتشجيع تنويع أدوات التمويل الإسلامي، وتُحدّث تشريعات الإقراض والضمانات
كما تعمل على توسيع الإطار القانوني للرقابة على المؤسسات المالية غير المصرفية، وتحديث تشريعاتها الوطنية لتتماشى مع توصيات فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية.
وقال حصرية: "سنعزز هيئة مكافحة غسل الأموال، كما تم تكثيف التعاون الدولي في تبادل المعلومات وإعداد التقارير المالية".