هاشتاغ - خاص
تعاني الليرة السورية حتى الآن من حالة من التقلب وعدم الاستقرار أمام الدولار. وعلى الرغم من بقاء سعر الصرف بالمتوسط عند حوالي 9500 ليرة للدولار خلال الأشهر الستة الماضية، ورفع المصرف المركزي السوري لقيمة الليرة السورية أيضا، إلا أن ذلك التحسن ما زال تحسنا غير حقيقي وما زال مرتبطا بالعوامل الظرفية السياسية الداخلية والإقليمية والدولية وبالمضاربات على سعر الصرف من قبل شبكات الصيارفة المنتشرة في البلاد.
وأمام ذلك الواقع لا بد لمصرف سوريا المركزي من أن يستخدم سياسة نقدية تتماشى مع تحسن الاقتصاد الإنتاجي وتحسن المناخ السياسي الدولي العام تجاه الاقتصاد السوري، دون إغفال بنية الاقتصاد الداخلية الضعيفة حتى الآن.
وقد طرح حاكم مصرف سوريا المركزي فكرة أن البنك المركزي سوف يستخدم سياسة التعويم المدار للعملة السورية في الاقتصاد من أجل السيطرة على قيمتها، فما هو نظام التعويم المدار وهل من التوقع أن ينجح في الاقتصاد السوري حالياً؟
يعتبر التعويم المدار أحد أنظمة التحكم بسعر صرف العملة الوطنية من بين مجموعة من أنظمة سعر الصرف البديلة، وأول تلك الأنظمة هو نظام التعويم التام للعملة الوطنية بمعنى أن يترك البنك المركزي لقوى العرض والطلب على النقد التحكم بسعره دون التدخل في الأسواق إلا عند حودث أزمات نقدية تهدد الاقتصاد، والنظام الثاني هو نظام سعر الصرف الإداري أو الثابت والذي يقوم فيه البنك المركزي بالتحكم التام بسعر الصرف وبالتدخل التام بسوق الصرف من أجل المحافظة على السعر المرغوب.
أما النظام الوسط بين النظامين السابقين فهو نظام التعويم المدار بمعنى أن يترك سعر الصرف يتحرك بين هوامش مرغوبة من البنك المركزي بفعل الطلب والعرض عليه من السوق وبالمقابل تدخل البنك المركزي المستمر للحفاظ على تلك الهوامش وعدم السماح للسوق بتجاوزها.
ولكن ما هي التحديات التي تواجه تطبيق نظام التعويم المدار في الاقتصاد السوري؟
قد يصطدم تطبيق هذا النظام في الاقتصاد السوري بضعف حجم الاحتياطيات النقدية لدى مصرف سوريا المركزي والتي قد لا تسمح له بالتدخل بسوق الصرف عند الضرورة، كما قد يصطدم ذلك النظام بقوة شبكات الصيارفة والمضاربين والمتحكمين بالكتلة النقدية الكبيرة خارج المصرف المركزي، يضاف إلى ذلك فإن الظروف السياسية المحلية والدولية المتوترة والمتقلبة قد تتجاوز قدرة مصرف سوريا في إدارة ذلك النظام، هذا ناهيك عن ضعف البنية المصرفية العامة وضعف الخبرات الإدارية والنقدية في التعامل مع هذا النظام، بالإضافة إلى هشاشة الإنتاج والصادرات السورية القادرة على دعم سعر صرف قوي.
وبالتالي فإن هذا النظام في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الهشة لسوريا، لن يحقق النجاح أو الاستمرارية.