هاشتاغ - خاص
بدأت الصناعة السورية تعاني من ضغوط تجارية كبيرة وواضحة بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث ارتبطت تلك الضغوط بعمليات تحرير التجارة الخارجية مع دول الجوار وتحديدا تركيا والأردن بالدرجة الأولى وفتح الأسواق السورية أمام تدفق المنتجات الأجنبية بشكل كامل، بالإضافة إلى ذلك فإن تخفيض الرسوم الجمركية على الواردات بنسبة تتراوح ما بين 50 بالمائة إلى 60 بالمائة أدى إلى إغراق السوق بمنتجات كثيرة جدا، وقد ترافق ذلك أيضا مع تخفيض الحكومة السورية الرسوم الجمركية على حوالي 269 سلعة تركية منها المواد الغذائية والحديد والصلب ومنتجات النظافة.
دعم الصناعة
وأمام ذلك الانفتاح التجاري المباشر، وبعد إنهاك الصناعة السورية لسنوات طويلة بفعل الحرب كان لا بد للحكومة من إعادة النظر بدعم الصناعة الوطنية لتكون قادرة على المنافسة ولو خلال السنوات الأولى من الانفتاح، حتى تقوى على الصمود أمام ذلك الانفتاح.
وتلعب حوامل الطاقة ومنها الكهرباء الصناعية تحديدا، دوراً مهما في تحديد تكاليف المنتجات الصناعية لدى أغلب الصناعات السورية، وبالتالي فإن التركيز على تخفيض سعر الكهرباء للصناعيين يعتبر أحد أهم عوامل دعم الصناعة الوطنية وخاصة في المرحلة الحالية.
مطالبات سابقة بخفض أسعار الكهرباء
بتاريخ 5 شباط / فبراير 2025 رفعت غرفة صناعة حلب كتاباً لوزير الكهرباء طالبت عبره بتخفيض سعر الكهرباء للمعامل والمنشآت الصناعية، كما طالبت فيه بإلغاء كافة الرسوم الملحقة بفواتير الكهرباء التي تصل إلى 21 بالمائة من قيمة الفاتورة.
وجاء ذلك الكتاب نتيجة مطالبة كافة الصناعيين بإعادة النظر بسعر الطاقة الكهربائية وضرورة الإسراع بتخفيضه واعتماد السعر بالدولار نظراً لأن السعر الحالي من شأنه أن يؤدي لخروج المنتج السوري من المنافسة مع دول الجوار، خاصة بعد تطبيق السوق التنافسي الحر ودخول البضائع الأجنبية.
وبتاريخ 27 شباط / فبراير 2025 اجتمعت غرفة صناعة دمشق وريفها مع وزير الكهرباء السابق في الحكومة المؤقتة وناقشت معه تخفيض أسعار الكهرباء وإلغاء الرسوم الاضافية التي تفرض وتعادل 22 بالمائة من قيمة الفاتورة، وتزويد خطوط التغذية الذهبية ضمن المناطق الصناعية بالكهرباء على مدة 24 ساعة.
القرار رقم 340
وعلى الرغم من أن الحكومة الانتقالية قد أصدرت القرار رقم 340 بتاريخ 27 آذار/ مارس 2025 الخاص بتخفيض أسعار الكهرباء للصناعيين المشتركين بعدادات ثلاثية الطور للأغراض الصناعية أو للمشتركين بالعدادات ثلاثية أو أحادية الطور في المدن الصناعية بـ(1500) ليرة للكيلو واط ساعي، أبقت الحكومة الانتقالية على سعر (1600) ليرة للكيلو واط للصناعيين العاملين في صهر الحديد والخردة من دون الرسوم المفروضة عليه، أي أن الحكومة بموجب قراراها السابق خفضت الأسعار بنسبة 221 بالمائة، من 1900 ليرة للكيلو إلى 1500 ليرة للكيلو، علماً أن سعره كان يصل إلى حوالي (2375) ليرة مع الرسوم المفروضة عليه، وبالتالي فإن متوسط سعر الكيلو واط الساعي للصناعيين في سورية يقارب وسطيا حوالي (16) سنت أمريكي ولكامل الكميات المستهلك دون إعفاءات أبداً.
الأعلى بين دول الجوار الإقليمي
على الرغم من ذلك التخفيض فإن أسعار الكهرباء في سوريا تبقى هي الأعلى مقارنة مع أسعار الكهرباء للمنتجين الصناعيين في دول الجوار، ففي مصر يبلغ سعر الكيلو واط الساعي حوالي 0.025 دولار أمريكي، أي (2.5 سنت) ، وفي الأردن يصل سعر الكيلو واط الساعي إلى 0.095 دولار أمريكي أي إلى حوالي (9.5 سنت)، وفي تركيا يصل إلى 0.09 دولار أي حوالي (9 سنت) وفي العراق يصل إلى 0.04 دولار أمريكي أي (4 سنت)
وبمقارنة هذه الأرقام مع تكلفة الكيلو واط ساعي في الاقتصاد السوري نجد أن سعره في سوريا يزيد عن سعره في مصر بنسبة 640 بالمائة وعن الأردن بنسبة 160 بالمائة وعن تركيا بنسبة 160 بالمائة وعن العراق بنسبة 400 بالمائة.
أسعار غير تنافسية
ويعتبر الصناعيون أن بقاء أسعار الكهرباء الصناعية بهذه القيمة هي أسعار غير مشجعة على الإنتاج، وأنها تزيد من تكاليف السلع المنتجة، وأن الحكومة السورية لديها القدرة على تخفيض أسعار الكيلو واط ساعي بنسبة أكبر إن كانت راغبة فعليا في دعم الصناعة المحلية وتخيض تكاليفها والحفاظ على تنافسية المنتجات المحلية أمام المنتجات المستوردة، وبالتالي فإن سعر الكيلو واط الساعي الحالي من وجهة نظر الصناعيين هو سعر غير تنافسي أبدا ولا يدعم الصناعة المحلية بل يهدد بقائها في حال استمراره واستمرار عمليات التحرير التجاري.
ويطمح الصناعيون السوريون إلى وصول سعر الكيلو واط ساعي إلى حوالي 10 سنت كحد أقصى كي تتحقق تنافسية منتجاتهم. كما يعتقد بعض الصناعيين أنهم قادرون على زيادة الإنتاج بنسبة (15 إلى 20) بالمائة في القطاعات التي تستهلك الكهرباء بشكل كبير مثل صناعة المواد الغذائية، البلاستيك، والنسيج، في حال تم تخفيض أسعار الكهرباء بشكل أكبر.
آثار متوقعة على الصناعة السورية
من المؤكد أن استمرار ارتفاع أسعار الكهرباء الصناعية في سوريا، سيؤثر على تراجع القدرة التنافسية للصناعة المحلية، حيث تجعل أسعار الكهرباء المرتفعة المنتجات السورية غير قادرة على المنافسة في الأسواق المحلية والإقليمية، مما يؤثر سلبًا على الصادرات.
كما من المتوقع أن تتوقف العديد من المصانع حيث قد يؤدي ارتفاع أسعار الكهرباء إلى توقف العديد من المصانع والمعامل عن العمل بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم القدرة على البيع بأسعار تنافسية ومنافسة المنتجات المستوردة بقوة.
يضاف إلى ذلك فقد يؤثر ارتفاع تكلفة الكهرباء على تراجع الاستثمارات، فيعزف المستثمرون عن الاستثمار في سوريا بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والظروف الاقتصادية الصعبة، مما يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي وخاصة في ظل توفر عوامل جاذبة للصناعة في دول الجوار.
وبعد ذلك ما زال الصناعيون السوريون ينتظرون قرارا حكوميا جديدا لتخفيض أسعار الكهرباء الصناعية بما يتماشى مع حالة الاقتصاد السوري، ويحقق التنافسية الصناعية ويحمي الصاعة الوطنية من الانهيار، كما أنهم يطالبون الحكومة بتحرك سريع وفوري لحل هذه المشكلة.