هاشتاغ
بحث

شرق أوسط "معلق"

20/10/2025

شرق-أوسط-معلق

شارك المقال

A
A


مازن بلال


التسويات كلها التي ظهرت مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقف على آلية افتراضية، فهي "أذن" من الإدارة الأمريكية باستمرار "الأمر الواقع"، سواء في غزة أم في لبنان أم حتى في سوريا، فهناك مهرجان دبلوماسي في الشرق الأوسط، تتبعه احتفالات نصر عارمة، وفي المحصلة تبقى السياسة في دائرة مغلقة من دون أفق واضح لكل المبادرات.


 الإدارة الأمريكية وضعت سوريا داخل الساحة الدولية من دون أن تفتح أفقاً لنهاية أي نزاع داخلها، فلا اتفاق 10 آذار مع الأكراد استطاع الوصول إلى هدف واضح، ولا التفاهمات بشأن السويداء برعاية أمريكية أنهت هذا الملف، وفي نهاية كل دورة سياسية هناك إنجاز يظهر ضمن دائرة "العلاقات العامة" التي تجعل الأزمات حالة طبيعية وسط سيل من المبادرات المطروحة.


تبدو الاستراتيجية الأمريكية في سوريا هامشاً يظهر كل التحركات الأخرى في لبنان وغزة، فهناك توازن مُدار بدقة بين الفوضى والاستقرار والضغط والاحتواء، فواشنطن لا تريد انهياراً كاملاً في أي من هذه الساحات، لكنها غير معنية بالحل النهائي، فهي تتحكم بتوازن القوى القلق محاولة منعها من الانهيار أو الاشتباك، لكنها تمنع بهذه الآلية أي ديناميكية سياسية يمكن أن تجعل من المسار السوري حالة مختلفة أو جديدة.


تخشى الولايات المتحدة من الاحتمالات بظهور نظام إقليمي جديد، فالفراغ "الإقليمي" الحالي يتيح لعوامل القوة، أو حتى التلويح بها، ردع أي رسم توازن غير محسوب على المستوى الأمريكي، ففي سوريا تعمل واشنطن بسياسة "الإشراف غير المباشر، وتُبقي الواقع السوري في حالة "توازن هش"، وفي ظل هذا الجمود، تُدار الملفات الإنسانية والاقتصادية وفق مزاج سياسي أكثر منه واقعي.


ما يميز "المرحلة الأمريكية" هي غياب الرؤية الإقليمية البديلة، فالعواصم العربية الكبرى، التي كانت تُشكل سابقاً مراكز ثقل سياسي، تبدو اليوم غارقة في انشغالاتها الداخلية أو في سباق تطبيع العلاقات مع إسرائيل من دون أن تمتلك مشروعاً استراتيجياً جامعاً، والمفارقة أن واشنطن تملأ فراغ القوة بإدارة الأزمات، بينما تتعامل القوى الإقليمية مع هذا الواقع بمغامرات سياسية غير محسوبة.


الاستراتيجية الأمريكية في سوريا، وربما في المنطقة، أساسها تكريس حالة "اللايقين"، فحتى الخطط الاقتصادية التي تُطرح بمسميات "إعادة الإعمار" أو "التكامل الإقليمي" تفتقر إلى قاعدة سياسية مستقرة، فهي تنتظر "زمناً" جديداً لم يولد بعد، وتستند إلى أوهام الدعم الاقتصادي من العواصم التي ساعدت في "فك العزلة" عن سوريا.  


يعيش "الشرق الأوسط" اليوم لحظة ما قبل التسوية الكبرى، لكن يصعب تحديد أي تصور لهذا "الشرق" الذي يكتفي بسياسات دولية لا تحمل معها أي ملامح واضحة، فكل ما يجري من مؤتمرات وتحركات ومصالحات جزئية هو إدارة للوقت أكثر منه صناعة للمستقبل. 


تعيش سوريا وجوارها الجغرافي واقعاً "معلقاً" بين حرب باردة لا تنتهي وسلام مؤجل لا يأتي، ينتظر لحظة توازن جديدة لم تتبلور بعد، وربما لن تتبلور قريباً.

تعيش سوريا وجوارها الجغرافي واقعاً "معلقاً" بين حرب باردة لا تنتهي وسلام مؤجل لا يأتي، ينتظر لحظة توازن جديدة لم تتبلور بعد، وربما لن تتبلور قريباً.

التعليقات

يستخدم موقع هاشتاغ والمنصات التابعة له ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الموقع، وتقديم محتوى مخصص، وتحليل استخدام الموقع. هل توافق على استخدامنا للملفات لهذه الأغراض؟ يمكنك رفض ذلك، وسنستخدم فقط الملفات الضرورية لتشغيل الموقع.

هاشتاغ بيحكي عنك

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى في مناصرة المواطنين في المنطقة العربية وتمكينهم والدفاع عنهم ونقل أخبارهم وفق المواثيق الأممية والقواعد المهنية

أسّسها محمد محمود هرشو

محمد محمود هرشو

جميع الحقوق محفوظة - Hashtag هاشتاغ © 2015 - 2025