هاشتاغ
بحث

تسارع انهيار التنمية الإنسانية في سوريا

13/05/2025

انهيار-التنمية-الإنسانية-في-سوريا-

شارك المقال

A
A


 


رأي – أيهم أسد


يستند مفهوم التنمية الإنسانية الذي أبدعه عالم الاقتصاد الهندي "أمارتيا سن" إلى أن التنمية في نهاية المطاف هي عملية توسيع خيارات البشر، تلك الخيارات المرتبطة بالسياسة والاقتصاد والفرص الاجتماعية والوصول إلى حياة إنسانية كريمة وعادلة بين البشر.


وبالتالي فإن الحرية هي جوهر التنمية الإنسانية، وقضية مركزية في عملية التنمية، فمن دون حرية الاختيار أيا كان نوعها لن يكون أمام البشر قدرة على تنويع خياراتهم وفرصة للوصول إلى ما اختاروه.


وقد مثل إعلان مفهوم التنمية الإنسانية انقلاباً جذرياً على المدرسة التقليدية في التنمية الاقتصادية، فهو يعلي من شأن البشر في الاقتصاد وفي عملية التنمية ونقل عملية التنمية وقياساتها من مستوى الأشياء والماديات والأموال إلى مستوى الجوانب المعنوية السامية من الرفاه الإنساني كالحرية والمعرفة والكرامة الإنسانية.


وبناء على ما سبق فإن كل عملية سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية تعمل لتقييد حريات البشر هي في النهاية عائق أمام التنمية الإنسانية، وبالعكس أيضاً، فإن وظيفة عملية التنمية الإنسانية هي إزالة القيود الواقعة على الحريات بأشكالها كافة لا مجرد إزالتها التفاوت في الدخول المادية وتقليصه.


عانت التنمية الإنسانية في المجتمع السوري تراجعاً في سنوات ما قبل 2011م، وتعمق تراجع التنمية الإنسانية أكثر في سنوات (2011- 2024م) ووصل إلى الانهيار مع تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد كافة نتيجة الحرب، لكن يبدو أن تسارع ذلك الانهيار يزداد منذ سقوط النظام السياسي السابق ووصول السلطة الجديدة إلى سدة الحكم، مترافقاً مع عدم وجود رؤية واضحة لعمق التنمية الإنسانية وعدم وجود حلول جذرية لمنع تدهورها.

لكن لماذا يتسارع انهيار التنمية الإنسانية في سوريا؟


يتسارع انهيار التنمية الإنسانية في سوريا باستمرار العنف السياسي والعسكري، وبالحرمان الاجتماعي المنظم، وباستمرار التضييق على البشر لأسباب طائفية أو عرقية، وباستمرار عمليات القتل والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وباستمرار محاولات التهجير القسري ودفع البشر إلى النزوح الداخلي.


كما يتسارع انهيار التنمية الإنسانية باستمرار عمليات إقصاء البشر عن عملهم في القطاع العام لأسباب وظيفية وغير وظيفية من دون وجود حماية لهم، وباستمرار توسع الفقر والحاجة المادية، وباستمرار الاعتداء على حريات البشر الفردية، وباستمرار التجييش والشحن الطائفي من دون ردع حقيقي له، وباستمرار تعمق خطاب الكراهية بين المواطنين السوريين، وباستمرار توسع لغة الاتهامات والإقصاء والتخوين بينهم.


ويتسارع انهيار التنمية الإنسانية باستمرار وجود التهديدات العسكرية المباشرة على حياة الآلاف من البشر، التي تطلقها فصائل جهادية متشددة محلية وخارجية، وبانتشار التهديدات "الإسرائيلية" المستمرة للأراضي السورية، وباستمرار التدخلات السياسية الخارجية في الشأن الداخلي السوري.


لكل ما سبق نتائج خطِرة وحساسة على مستقبل التنمية الإنسانية السورية بإضعاف حريات السوريين بالمعنى الواسع للكلمة وزيادة القيود السياسية والاقتصادية والاجتماعية على حياتهم، وتقليل قدراتهم في الوصول إلى كرامة إنسانية تساوي بينهم جميعهم، وانهيار رأس المال الاجتماعي بعد تدمير جزء لا بأس به من منظومة العلاقات الاجتماعية بينهم وتراجع صيغة هوية وطنية جامعة.


التعليقات

يستخدم موقع هاشتاغ والمنصات التابعة له ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الموقع، وتقديم محتوى مخصص، وتحليل استخدام الموقع. هل توافق على استخدامنا للملفات لهذه الأغراض؟ يمكنك رفض ذلك، وسنستخدم فقط الملفات الضرورية لتشغيل الموقع.

هاشتاغ بيحكي عنك

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى في مناصرة المواطنين في المنطقة العربية وتمكينهم والدفاع عنهم ونقل أخبارهم وفق المواثيق الأممية والقواعد المهنية

أسّسها محمد محمود هرشو

محمد محمود هرشو

جميع الحقوق محفوظة - Hashtag هاشتاغ © 2015 - 2025