زياد شعبو
في خطوةٍ تاريخيةٍ هزَّت عالم كرة القدم، أعلن الاتحاد البرازيلي تعيين الإيطالي كارلو أنشيلوتي (65 عامًا) مدربًا للمنتخب الوطني، ليصبح أول أجنبي يقود "السيليساو" في تاريخه الممتد منذ 1914.
القرار جاء كـ"صدمةٍ مُبهجة" للجماهير البرازيلية التي تنتظر لقبًا عالميًّا منذ 2002، لكنه يطرح تساؤلاتٍ مصيرية: هل يستطيع مدربٌ أوروبي خبيرٌ بفنون التنظيم التكتيكي أن يُعيد الروح إلى فريقٍ بُني مجده على الإبداع العفوي والهجوم الجنوني؟
لماذا أنشيلوتي بالذات؟
البرازيل، التي اعتزت دائما بـ"هويتها الكروية" كحصنٍ منيعٍ ضد التأثيرات الأجنبية، قررت كسر القاعدة. السبب؟
كارلو أنشيلوتي ليس مدربًا عاديًا, بل هو "صانع مجد" بدم بارد. سجلُه الحافل مع أندية أوروبا (30 لقبًا) يؤهله لقيادة أصعب مهمة في عالم الساحرة المستديرة: إحياء أسطورة.
لكن السؤال الأهم: هل فلسفته المتزنة – التي تجمع بين دفاعٍ منظم وهجومٍ مدروس – ستُجبر "السامبا" على التخلي عن جنونه الكروي؟ أم أن أنشيلوتي نفسه سيتحوَّل إلى "برازيلي" في لعبة التكتيك؟
من ريال مدريد إلى "الهيكل العظمي" البرازيلي
يغادر أنشيلوتي ريال مدريد بعد أن صنع أسطورته الخاصة: 15 لقبًا في فترتَي تدريب، منها 3 دوري أبطال أوروبا، ليصبح أنجح مدرب في تاريخ النادي الملكي.
الأرقام لا تكذب: 247 فوزًا من 350 مباراة، بنسبة نجاح تجاوزت 70%. لكن ريال مدريد 2024 ليست البرازيل 2026. فبينما تمتلك البرازيل نجوم مثل فينيسيوس جونيور رودريغو، ومواهب مثل إندريك، تعاني من أزمة هوية منذ رحيل رونالدينيو وكاكا.
المنتخب الذي كان يُخيف الخصوم بـ"رقصات" هجومية صار يُعاني من التشتت الدفاعي وغياب القيادة. هنا يأتي دور "الدون كارلو"، الخبير في تحويل الفرق إلى آلاتٍ متوازنة.
المعضلة التكتيكية: "جوجو بونيتو" أم "كالتشيو"؟
التحدي الأكبر لأنشيلوتي ليس الفوز بالألقاب، بل مصالحة الثقافات. البرازيل تعيش على ذاكرة "الجوجو بونيتو" (اللعب الجميل) الذي يجعل الفوز ثانويًّا أمام متعة العرض. أما أنشيلوتي، ففلسفته الإيطالية تقوم على "النتيجة أولًا"، حتى لو كانت 1-0 بلا أضواء.
هل يمكن لمدربٍ أتقن فن الكالتشيو الدفاعي والريال المتوازن أن يقنع نجوم البرازيل بتبني نهجٍ أقل استعراضًا؟ الإجابة قد تحسمها المواهب الذكية. فأنشيلوتي لم ينجح في ريال مدريد إلا لأنه أطلق العنان لعبقرية كروس ومودريتش وبيلينغهام مع الحفاظ على التوازن. قد يكون قادرًا على تكرار التجربة مع فينيسيوس ورودريغو.
ماذا لو فشل.. التاريخ لن يرحم!
البرازيل ليست نادي إيفرتون أو نابولي، حيث يُمنح المدرب وقتًا للتجربة. هنا، الجماهير تأكل أبطالها إن أخفقوا. أنشيلوتي يعرف هذا جيدًا، فقد عانى من غضب جمهور ريال مدريد رغم ألقابه. لكن مهمته في البرازيل أخطر: فشله لن يعني خسارة منصبٍ فحسب، بل سيُوصم كـ"مدمر أسطورة".
مغامرة تستحق المشاهدة
أنشيلوتي اختار تحديًا يعيده إلى المربع الأول: إثبات أن فلسفته قابلة للتصدير إلى بيئةٍ كرويةٍ مختلفة. إذا نجح، فسيُضاف إلى سجله كأس عالم كأعظم إنجاز. وإن فشل، فستظل البرازيل تُراوح في سجن الذكريات.
السؤال الآن: هل يستطيع "الدون كارلو" أن يُعلِّم السامبا رقصة جديدة؟ أم أن البرازيل ستُعلِّمه أن بعض الأساطير لا تُهزم إلا بالجنون؟
في الختام مسيرة أنشيلوتي كمدرب هي طريق طويل من النجاح وعثرات الموسم الحالي مع الملكي لايتحمل وحده ننائجها بل الريال كمنظومة لابد أن يمر في هذه المرحلة وتجديد الرغبة كان مناسبا للطرفين، إذ سنشاهد ريال جديد و كارلو اخر هناك في امريكا 2026