زياد شعبو
لم تعد الأندية الإيطالية من الخيارات الأولى لجيل المشجعين الجدد؛ إذ هيمن الدوري الإنجليزي والدوري الإسباني على المشهد الكروي العالمي في العقدين الماضيين. ويرجع ذلك إلى تأثير منصات التواصل الاجتماعي التي أعادت تشكيل وعي الجيل الجديد، وهذا جعل الكالتشيو يتراجع تدريجياً من حيث الشعبية والتسويق.
ومع ذلك، يشير الموسم الحالي إلى بوادر انتعاش واضحة؛ إذ أثارت المنافسة القوية على اللقب والمقاعد الأوروبية اهتماماً متزايداً من وسائل الإعلام الرياضية.
وبالتزامن مع انتهاء معظم الدوريات الكبرى في أوروبا، اتجهت الأنظار مجدداً إلى المشهد الإيطالي الذي يشهد صراعاً مفتوحاً على جميع المستويات.
في سباق اللقب، ظلت المنافسة مشتعلة بين نابولي، إنتر ميلان، وأتلانتا؛ إذ لم يتمكن أي فريق من فرض سيطرته المطلقة خلال الموسم، وهذا جعل الجولة الأخيرة حاسمة في تحديد هوية البطل.
وعلى صعيد التأهل الأوروبي، فإن الأندية التي تحتل المراكز من الرابع إلى الثامن، وهي يوفنتوس، وروما، وبولونيا، ولاتسيو، تخوض معركة شرسة لضمان بطاقة المشاركة في البطولات القارية.
حتى صراع البقاء لم يُحسم بعد؛ إذ لم يهبط رسمياً سوى مونزا، بينما تواجه أربعة فرق أخرى خطر الهبوط، وهذا يضيف مزيداً من الإثارة حتى اللحظات الأخيرة من الموسم.
وعلى المستوى القاري، تمكن إنتر ميلان من الوصول إلى نهائي دوري الأبطال في مواجهة باريس سان جيرمان، وفي حال تتويجه باللقب، فسيكون ذلك بمنزلة دفعة قوية لعودة الكرة الإيطالية إلى الواجهة ورفع شعبيتها بين الأجيال الجديدة.
وعلى الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، فإن استعادة الدوري الإيطالي مكانته العالمية يتطلب إصلاحات أعمق تتجاوز الصراع على الألقاب. الأزمات المالية التي تعانيها الأندية، والتي ترجع إلى سوء الإدارة والديون المتراكمة، تحدّ من قدرتها على المنافسة والاستثمار في المواهب. كما تشكل القيود البيروقراطية والضرائب المرتفعة عائقاً أمام استقطاب استثمارات خارجية، بينما تبقى البنية التحتية للملاعب والمرافق الرياضية بحاجة إلى تطوير شامل؛ إذ تُدار معظم الملاعب بوساطة البلديات، وهذا يحدّ من قدرتها على التحديث.
فضائح مثل "كالشيوبولي" عام 2006م أثّرت في سمعة الدوري، بينما تفوقت الدوريات الأوروبية الأخرى، وحتى الدوري السعودي، في استراتيجيات التسويق وجذب المستثمرين؛ لذا، فإن أي نهضة حقيقية للكالتشيو يجب أن تستند إلى خطة إصلاحية متكاملة تشمل خصخصة الملاعب، وتعزيز الاستثمار، وتحسين صورة الدوري عالمياً لضمان عودته إلى الصدارة في عالم كرة القدم.