هاشتاغ
بحث

سوريا.. تحولات لا بد منها

30/05/2025

سوريا..-تحولات-لا-بد-منها

شارك المقال

A
A

هاشتاغ - رأي: نضال الخضري

 

 

 تبدلت كل التصورات في غضون ستة أشهر، وإن كان من الصعب إيجاد مساحة مقنعة وسط سوريا يمكنها أن تقتل القلق داخلنا، فإن الأكثر غرابة هو السكون الذي يواجه الجميع، فهذا الهدوء القاتل في التفكير يجعل الجميع يقف أم الصور الجديدة وكأنها قادمة من ثقافة غريبة، أو من خارج ما اعتدناه طوال عقود بعيدة، فالنخب التي تبدلت والتفاصيل التي اخترقتنا بقيت وكأنها هامش يمكن الاسترخاء فيه.

 

 كل ما يحيط بنا يحتاج إلى تفكير جديد، والسنوات التي رحلت تحتاج إلى معرفة مختلفة، والخطاب السياسي الذي يفاجئنا أيضاً يتطلب تفكيكاً مختلفاً، وحتى قرارات الحكومة تفتح زاوية للبحث عن آلية الحكم بما تحمله من أسئلة تجعلنا نتأمل ما يجري، ولكن إيقاع الحياة يسير باتجاه مختلف، وكأن المعرفة اليوم ترف وسط زمن مليء باليقين، وهذا "اليقين" هو كل ما ورثناه على مدى عقود سياسية تبدلت لكن "سكون التفكير" يستمر من دون أي حراك.

 

 دهشة اللحظة الحاضرة ليست سياسية؛ بل اجتماعية بامتياز، فحركة الحدث السوري لا تدفع أحداً لتفكيك ما يجري، بينما ينتظر المجتمع اللحظات التي تظهر فيها منشورات في صفحات التواصل ليريح نفسه من عبء التفكير، ويقرر سلفاً أن لا حاجة إلى قراءة أي شيء فالحدث يأتي إليه من دون عناء، وهو مجرد خبر يتم تناقله، بينما تبقى التفاصيل اليومية في مساحة الاهتمام فقط؛ لأنها شأن مستقل عن أي مساحة سياسية أو اقتصادية أو حتى ثقافية.

 

 كل ما حدث في سوريا ليس مهماً لأنه لا يحرك "التفكير الاجتماعي" الذي تآلف على "اليقين" بأن ما يجري لا يحتاج إلى تأمل، فعلى الرغم من التحول الحاد الذي عاشته سوريا منذ ستة أشهر، فإنه بقي ضمن دائرة عادية، فلا أحد يريد التعامل مع الحدث "فكرياً"، ولا كسر قواعد المعرفة القديمة، بينما يبحث الجميع عن "السرديات" التي ترضي فضولاً لا يغير من حركة المجتمع ولا من العلاقات التي تحكمه.

 

 في سوريا تبدلت السلطة السياسية وبقيت القناعات الاجتماعية نفسها، وتحولت أشكال الحياة على مدى عقد ونصف، ولكن القناعات الاجتماعية الراسخة لم تخضع للنقد المعرفي، فما هو مفاجئ لا يكمن في التحول السياسي الذي شهدناه؛ بل في قدرة المجتمع على الوقوف في حياد فكري، لا سياسي، من ما جرى وكأنه مسألة لا تحتاج إلى تغيير قواعد التفكير التي تحكم المجتمع السوري منذ الاستقلال.

 

 كل المساحات السورية اليوم تتطلب النظر إليها من زاوية جديدة، وكسر القواعد التي حكمت رؤيتنا والبحث عن بدائل منهجية كي نستطيع بناء معرفة مختلفة قادرة على انتشالنا في "السكون الفكري" الذي يجعل من الحدث صدى باهتاً لا يحرك سوى المشاعر السطحية لمجتمع لا يريد امتلاك ثقافة تستطيع فتح فضاء إبداعي مختلف يقوده نحو أفق معرفي جديد.


التعليقات

الصنف

خطوط حمر

منشور حديثاً

الأكثر قراءة

تابعنا

مقالات ذات صلة

يستخدم موقع هاشتاغ والمنصات التابعة له ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الموقع، وتقديم محتوى مخصص، وتحليل استخدام الموقع. هل توافق على استخدامنا للملفات لهذه الأغراض؟ يمكنك رفض ذلك، وسنستخدم فقط الملفات الضرورية لتشغيل الموقع.

هاشتاغ بيحكي عنك

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى في مناصرة المواطنين في المنطقة العربية وتمكينهم والدفاع عنهم ونقل أخبارهم وفق المواثيق الأممية والقواعد المهنية

أسّسها محمد محمود هرشو

محمد محمود هرشو

جميع الحقوق محفوظة - Hashtag هاشتاغ © 2015 - 2025