هاشتاغ
بحث

ما تفعله الحروب.. إيران/"إسرائيل"

13/06/2025

ما-تفعله-الحروب..-إيران/"إسرائيل"

شارك المقال

A
A

 

هاشتاغ – رأي: نضال الخضري

 

 ليس مهماً ما فعلته "إسرائيل"؛ لأن النقطة الأساسية هي أن الحرب تم إعلانها مسبقاً على المستوى الدولي، وبصمت كامل بدأت الحرب وكأنها حالة عادية لا مجال لعدم خوضها، فـ"إسرائيل" هي التصور لكل دول العالم على ما يبدو، وهي المحطة "القذرة" التي يستطيع العالم الاستناد إليها في كل لحظة من غزة وصولاً إلى إيران.

 

 تعلمنا الحروب أن كل شيء ممكن خارج ساحة الرغبة في الحياة، فزراعة الموت فن يتقنه الجميع ويبقى الناس تحت خطر "وقائع الموت المعلن"، ثم تبحث منظمات الإغاثة عن داعمين لإنقاذ من تبقى من ضحايا الحروب، فالعالم يتقن هندسة الصراعات ورسم الاستثمارات على مشهد الجماجم المهشمة، وفي عصر "قميء" تصبح الجريمة ساحة لتوزيع الشرعية على السياسات الإقليمية.

 

 المسألة لا تحتمل التعاطف مع "إيران"؛ لأن الحرب تعلمنا الدرس القاسي في أن انتظار الموت يغير التوازنات، ويجعل من العالم ساحة إعلام لمن يدق طبول الحرب ويخوض المعارك ربما بالنيابة، لكنه في الوقت نفسه يعيد رسم المفاهيم على إيقاع البريق الذي يرتسم في خلفية الدمار، فقضيتنا ليست في طهران؛ بل في ما تمثله "الذراع الإسرائيلية الطويلة" من صور عاشتها الأجيال في حروبنا منذ عام 1948م.

 

 اليوم سنتعلم أن القوة هي الشرعية وأن الموت طريق لجعل الدول أكثر ليونة في تقبل "الواقع الإسرائيلي"، فجنون عظمتها تجعلها الوكيل الحصري للإبادة في غزة وجنوب لبنان والجولان السوري، وتفتح تصوراً لـ"شرق إسرائيلي" جديد يبحث عن نفسه بين الرماد المتناثر، أو ربما في سكون الاستثمارات التي تمثل اليوم التالي للحروب، فتنهض على أطلال المدن المهدّمة والأنقاض المتبقية من جثث الأطفال والنساء.

 

ما تفعله حروب "إسرائيل" يتجاوز الدماء لأنها تعيد ترتيب الأخلاق، وتفرض قاموساً جديداً للمعاني، وتتحول صور القصف والدمار اليومية إلى مجرد خلفية مألوفة في نشرات الأخبار، فالمطلوب هو أن نألف صور الموت ونفقد الحسّ بالمأساة، ونصبح جزءاً من الرواية الكبرى التي تكتبها "إسرائيل" بضجيجها المتطاير نحو غزة أو دمشق أو صنعاء.

"إسرائيل" بحروبها خلقت أجيالاً مشوهة المعنى، ترى في الاحتلال أمراً واقعاً يجب التعايش معه.

 

وفي هذا المناخ، تصبح أكثر من مجرد كيان سياسي أو عسكري؛ بل تتحول إلى "نموذج" تتم قراءته في مراكز صنع القرار العالمي، لا بوصفه طرفاً في صراع؛ بل بوصفه أداة لإعادة تعريف الأمن في الشرق الأوسط.. أمن لا يقوم على التعايش؛ بل على الردع، ولا يُبنى على التسويات؛ بل على الإذلال، ولا يتغذى على التنمية؛ بل على الخوف والتطويع والتطبيع.

 

حروب "إسرائيل" تُنتج معنى جديداً للوجود يقوم على أساس من فقدان الأمل، والارتهان للغالب، ويصبح "السلام" مجرد استراحة محارب قُطعت أطرافه، ثم طُلب منه أن يوقّع وثيقة الصمت.


التعليقات

الصنف

خطوط حمر

منشور حديثاً

الأكثر قراءة

تابعنا

مقالات ذات صلة

يستخدم موقع هاشتاغ والمنصات التابعة له ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الموقع، وتقديم محتوى مخصص، وتحليل استخدام الموقع. هل توافق على استخدامنا للملفات لهذه الأغراض؟ يمكنك رفض ذلك، وسنستخدم فقط الملفات الضرورية لتشغيل الموقع.

هاشتاغ بيحكي عنك

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى في مناصرة المواطنين في المنطقة العربية وتمكينهم والدفاع عنهم ونقل أخبارهم وفق المواثيق الأممية والقواعد المهنية

أسّسها محمد محمود هرشو

محمد محمود هرشو

جميع الحقوق محفوظة - Hashtag هاشتاغ © 2015 - 2025