هاشتاغ – رأي: مازن بلال
ما يحدث هو الصراع الأعنف على النفوذ في شرق المتوسط، فبرنامج إيران النووي هو العنوان الذي يرسم المنطقة على إيقاع القصف المتبادل بين "إسرائيل" وإيران، وعلى الرغم من أن طهران كانت تفاوض الولايات المتحدة، لكن مفاعلاتها النووية بقيت رمزاً لمركزيتها الإقليمية على الرغم من انحسار محورها الإقليمي في وقائع حرب 7 تشرين الأول 2023م.
عملياً فإن أي نهاية للحرب لن تحمل "المعجزات" لكنها ستحدد العلاقات الإقليمية، وسوريا التي تشكل اليوم فضاء مفتوحاً للصواريخ الإيرانية والطائرات "الإسرائيلية" في صلب أي تحول في مسار العلاقات، فانزياح التأثير الإيراني السريع عنها لا يعني وجودها خارج التأثيرات الإقليمية الحالية، خصوصاً أنها لا تزال ضمن نطاق الوجودين الأمريكي والروسي، إضافة إلى التأثيرين القويين التركي في الشمال و"الإسرائيلي" في الجنوب، فالحرب الحالية حاسمة على الأقل في مسألة العلاقة بين دمشق و"إسرائيل".
تدخل في هذا المجال التسريبات التي تحدثت عن قبول أولي لدخول سوريا في الاتفاقيات الإبراهيمية، وبصرف النظر عن صحة هذه المعلومات لكنها ظهرت وسط الحرب "الإسرائيلية" – الإيرانية، كما أنها أعقبت زيارة القس جوني مور، الذي كان مستشاراً للبيت الأبيض في ولاية ترامب الأولى، والحاخام أبراهام كوبر، من مركز سيمون فيزنتال اليهودي المعني بحقوق الإنسان، فهناك مؤشرين أساسيين للتوقيت على الأقل:
الأول أن الترتيبات الأمريكية بشأن سوريا يتم قياسها وفق طبيعة الصراع على النفوذ الذي ستحدده الحرب الحالية، فزيارة جوني مور ليست اختباراً سياسياً لتوجهات السلطة السورية، إنما زيادة لمساحة الحوار قبل أي تحولات كبرى يمكن أن تظهر على الساحة الإقليمية.
بالتأكيد فإن المباحثات التي أجراها مور وكوبر في دمشق ليست مرتبطة بالحرب الحالية، لكنها جزء من خلق البيئة السياسية وسط الصراع القائم على سوريا، وتوضح أن "الاتفاقات الإبراهيمية" هي الإطار الذي ينظم العلاقات القادمة ليس على مستوى الحكومة السورية فقط؛ بل ضمن دول الإقليم بالكامل.
المؤشر الثاني مرتبط بمسألة الانحياز السوري، فالزيارات "غير الرسمية" الذي يجريها الجانب الأمريكي للعاصمة دمشق هو في النهاية تكريس لاصطفاف دمشق داخل مسار العلاقات الدولية، وهو ترتيب من الإدارة الأمريكية التي كانت تخوض معركة دبلوماسية مع إيران فيما يخص ملفها النووي.
الحرب الحالية لم تكسر الإيقاع السياسي بشأن إعادة رسم المنطقة بالكامل، لكنها تسرع من طبيعة هذا الأمر، فهي تستند إلى كسر إرادة طهران المرتبطة بنفوذها الإقليمي والعودة بها إلى مرحلة الشاه رضا بهلوي عندما كان نشاطها الإقليمي ينحصر في منطقة الخليج العربي، وبالتأكيد فإن إعادة عقارب الزمان تبدو مستحيلة، لكنها بالنسبة للولايات المتحدة وضع حدود للقوة الإيرانية إقليمياً.
الصدام العنيف بين طهران و "تل أبيب" سينتهي بإعادة تعريف نفوذ الطرفين في الجغرافيا الفاصلة بينهما، فالعراق وسوريا هما ضمن مرمى هذه الحرب النهائي، والتسويات الممكنة ستكون على "نطاق" سيادة البلدين كليهما، فمحور المقاومة الذي انتهى فعلياً سيتحول إلى محور نفوذ جديد تحدده المعارك الحالية وأساليب التفاوض القادمة.