هاشتاغ
بحث

كأس العالم للأندية.. لا مستفيد إلا الفيفا

18/06/2025

مونديال-الأندية

شارك المقال

A
A


زياد شعبو 


تنطلق النسخة الأولى من كأس العالم للأندية لكرة القدم بنظامها الجديد الموسّع في الولايات المتحدة الأمريكية، بمشاركة 32 ناديًا من مختلف القارات.


 هذه البطولة تمثل تجربة غير مسبوقة في تاريخ كرة القدم بوصفها بطولات مجمعة على مستوى الأندية، ليس فقط بسبب حجمها؛ بل لما تحمله من رهانات رياضية واقتصادية واستراتيجية على مستوى عالمي، يجعل من الفيفا ومشاريعها محط انتقاد من المتابعين والفنيين ولربما اللاعبين ما بعد بيان آثار البطولة في المستوى البدني لهم.


طالما كانت كأس العالم للأندية بنسختها القديمة تُنتقد كونها بطولة قصيرة ومحدودة التأثير، تقام في أيام معدودة ويشارك فيها عدد محدود من الفرق، وكان بطل أوروبا غالبًا ما يهيمن عليها بسهولة.


 لذلك، قررت "فيفا" أن الوقت قد حان لتغيير هذا النمط، وتقديم نسخة جديدة توازي كأس العالم للمنتخبات من حيث الحجم والطموح، وهذا كان العنوان.


اختيار الولايات المتحدة لاستضافة النسخة الأولى لم يكن مصادفة؛ فالدولة التي ستستضيف مونديال 2026م، أرادت أن تستخدم هذه البطولة اختباراً حقيقياً لبنيتها التحتية الرياضية، ولقياس مدى تجاوب الجماهير الأمريكية مع حدث كروي عالمي يضم أندية من آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا. وتوزعت المباريات على 12 مدينة كبرى مثل نيويورك، وميامي، وأتلانتا، ولوس أنجلوس، وسان فرانسيسكو، وهذا أتاح فرصة نشر كرة القدم في أرجاء واسعة من البلاد.


من حيث التنظيم، لا شك في أن فيفا بذلت مجهودًا ضخمًا، خصوصًا مع التزامها تخصيص مليار دولار لكل مدينة مضيفة لبناء ملاعب مصغّرة وتنظيم برامج مجتمعية، وهذا يعزز إرث البطولة الاجتماعي. وعلى الصعيد الاقتصادي، أشارت تقارير إلى أن البطولة قد تضيف ما يقارب 10 مليارات دولار إلى الاقتصاد الأمريكي، وتخلق أكثر من 100 ألف فرصة عمل، وهو ما يظهر حجم التأثير المتوقع لهذا الحدث.


لكن على الرغم من هذه الإيجابيات، برزت بعض التحديات التي لا يمكن تجاهلها. أولها الفجوة الكبيرة في المستوى بين الأندية المشاركة؛ إذ شهدنا نتائج غير متكافئة، مثل فوز بايرن ميونخ بنتيجة 10-0 على أوكلاند سيتي، وهذا أعاد إلى الواجهة مسألة عدالة التوزيع القاري وضرورة تطوير بطولات الأندية في بعض القارات، فالفرق شاسع بين أندية أمريكا الجنوبية والأندية الأوروبية مع أندية آسيا وإفريقيا وأوقيانوسيا، وهذا يجعل من مباريات الدور الأول شبه محسومة ومملة فنياً وغير جذابة للمتابعة.


ثانيًا، تفاوت الحضور الجماهيري من ملعب لآخر، ففي الوقت الذي امتلأت فيه المدرجات في مباريات إنتر ميامي بفضل نجم الفريق ليونيل ميسي، كانت هناك مباريات أخرى لم تشهد أكثر من 20 ألف متفرج في ملاعب تتسع لضعف هذا الرقم. هذا التباين يطرح تساؤلات عن مدى قدرة البطولة على جذب جماهير محلية في غياب نجوم عالميين، خاصة أن كرة القدم ما زالت في طور الانتشار الشعبي في بعض الولايات الأمريكية.


هنا كانت للفيفا خيارات متاحة لتغطية بعض أركان المدرجات بحملات دعائية تجارية والتخفيف من عدم التوازن في المشهد في تبعثر الجمهور على المدرجات الواسعة، وزيادة الترويج داخل أمريكا وخفض أسعار بطاقات المباريات في محاولة إنقاذ مشهد البطولة الأول قدر الإمكان.


ثالثًا، هناك من يرى أن هذه البطولة تُضيف عبئًا إضافيًا على جدول الأندية الأوروبية والأمريكية الجنوبية، التي تخوض مواسم طويلة ومزدحمة أصلًا. ويخشى المدربون من أن تؤثر هذه البطولة سلبًا في جاهزية اللاعبين البدنية، أو أن تؤدي إلى إصابات تؤثر في المنافسات المحلية والقارية.


مع ذلك، تظل البطولة حدثًا طموحًا من حيث الفكرة والتنفيذ. فهي تمنح الأندية من خارج أوروبا الفرصة لمواجهة كبار القارة العجوز في ظروف تنافسية حقيقية، وتفتح الباب أمام جماهير جديدة لاختبار كرة القدم العالمية على أرضها. كما أن وجود أسماء لامعة مثل ميسي وبعض الفرق التاريخية كريال مدريد وتشيلسي وبالميراس يجعل من البطولة أكثر من مجرد تجربة أولى؛ بل منصة لإعادة تشكيل مفهوم "العالمية" في كرة القدم على مستوى الأندية، قد تكون منصة تطل علينا كل أربع سنوات بنجم جديد فمن المنطقي أن تميل الأندية إلى إشراك لاعبين ومواهب جديدة.


 كأس العالم للأندية هي أكثر من مجرد بطولة. إنها مشروع متكامل لاختبار إمكانات الكرة الحديثة، وتحقيق توازن بين الرياضة والتجارة، بين الجماهير والمنافسة، وبين الأندية الكبرى والطموحة. وإن أحسن الاتحاد الدولي إدارة التحديات الراهنة، فقد يكون أمامنا مولد تقليد كروي صيفي جديد ينتظره العالم كل أربع سنوات بحماس لا يقل عن كأس العالم للمنتخبات.

تظل البطولة حدثًا طموحًا من حيث الفكرة والتنفيذ، فهي تمنح الأندية من خارج أوروبا الفرصة لمواجهة كبار القارة العجوز في ظروف تنافسية حقيقية.

التعليقات

يستخدم موقع هاشتاغ والمنصات التابعة له ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الموقع، وتقديم محتوى مخصص، وتحليل استخدام الموقع. هل توافق على استخدامنا للملفات لهذه الأغراض؟ يمكنك رفض ذلك، وسنستخدم فقط الملفات الضرورية لتشغيل الموقع.

هاشتاغ بيحكي عنك

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى في مناصرة المواطنين في المنطقة العربية وتمكينهم والدفاع عنهم ونقل أخبارهم وفق المواثيق الأممية والقواعد المهنية

أسّسها محمد محمود هرشو

محمد محمود هرشو

جميع الحقوق محفوظة - Hashtag هاشتاغ © 2015 - 2025