هاشتاغ
بحث

سوريا والمأزق الكردي

02/06/2025

مازن-بلال-المأزق-الكردي

شارك المقال

A
A

هاشتاغ - رأي مازن بلال


اجتماعات دمشق لمتابعة الاتفاق بين الحكومة و"قسد" تطرح مفارقة على المستوى الوطني؛ إذ تبدو المسائل المطروحة وكأنها اتفاق بين الجانبين بينما في العمق فإنها تربط بالسوريين عموماً؛ لأنها تتعلق بـ"المشروع السوري"، فالبحث في "اتفاق سياسي" بين الطرفين هو في واقع الأمر تحديد لعقد اجتماعي لكنه منقوص؛ لأنه لا يشمل السوريين كافة.


عملياً لا يمكن الحديث عن لامركزية حديثاً مجتزأً، فهذا الأمر سيكوّن هوية الدولة ويحدد مفاصل المشروع السوري كلها، وحتى مسألة دمج قوات "قسد" في الجيش هو أيضاً شكل من رسم مستقبل سوريا عموماً، فالحلول التي يمكن طرحها لا يمكن أن تقتصر على الأكراد؛ لأنها في النهاية تضع الدولة بأكملها على طاولة التفاوض، والتفاصيل التي يتم الحديث عنها تؤشر على أن التفاوض يتم على التهدئة أكثر من بحث مشروع وطني شامل.


الأزمة في التفاوض نشأت منذ بداية ظهور السلطة الجديدة، فمسألة "العقد الاجتماعي" تم اختصاره باجتماعات سريعة، بينما تم عد المسألة الكردية موضوعاً سياسياً وليس وطنياّ، وهذا الأمر يؤشر على أمرين:

الأول أن السلطة السياسية الجديدة عندها تصورها الخاص للمسائل السورية كافة، وذلك بصرف النظر عن الأسس التي يمكن بدْأها لتصفية كل تبعات الأزمة منذ 2011م، فالحوار والمصالحة وغيرها أصبحت حالة إجرائية.


والموضوع الكردي وفق هذا التصور غدا حالة يفرضها واقع الوجود الأمريكي في الجزيرة؛ إذ لا يتم النظر إليه بوصفه جزءاً من إشكالية التنوع السوري، وإيجاد علاقة اجتماعية رابطة لكل المكونات، فالتعامل معه وفق الشكل الحالي يتم وكأنه بين مؤسستين وليس على مستوى المكونات السورية.


الأمر الثاني متعلق بطريقة النظر إلى الموضوع الكردي بصوفه مشروعاً سياسياً شاملاً وليس مجرد "مطالبة" بحقوق، فبصرف النظر عن "الإدارة الذاتية" وتجربتها لكنها في الوقت نفسه هي بوابة لإعادة النظر إلى سوريا من جديد.


ما عانته سوريا في عقد ونصف يصعب اختصاره بمسائل جزئية أو إجرائية مرتبطة بتفاهمات بين بعض الأطراف، فإعادة إنتاج الدولة اليوم يصعب رؤيته من دون التوقف أمام المسائل الأساسية في بنية المجتمع، وفي التجربة التي خاضها السوريون منذ الاستقلال، فالدفع الذاتي للدولة نتيجة الاستقلال عام 1946م لا يمكن الاعتماد عليه اليوم، وعد مصطلحات مثل "التحرير" رافعة للشعب السوري.


"العقد الاجتماعي" المفقود سيخلق عدداً من المسائل المركبة، وسيجعل الموضوع الكردي جزءاً من المشكلة بدل أن يكون نافذة للنظر إلى عمق الموضوع السوري، وإعادة النظر إلى المكون السوري وفق تصور اجتماعي بالدرجة الأولى هو الأساس اليوم لرسم المستقبل؛ لأن الاعتماد فقط على التفاصيل السياسية الضيقة لن ينتج حلولاً مستدامة.


وفد "قسد" مع الأحزاب الكردية يطرقون الموضوع السوري في عمقه، فالتفاوض مع الحكومة في دمشق يذكرنا بأن سوريا ليست حالة عادية؛ بل نسيجاً مركباً يحتاج إلى تصورات كاملة لا تقتصر على المسائل السياسية العابرة؛ بل على طبيعة العلاقة الاجتماعية ودورة الحياة التي تحكم البلاد.

التعليقات

الصنف

خطوط حمر

منشور حديثاً

الأكثر قراءة

تابعنا

مقالات ذات صلة

يستخدم موقع هاشتاغ والمنصات التابعة له ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الموقع، وتقديم محتوى مخصص، وتحليل استخدام الموقع. هل توافق على استخدامنا للملفات لهذه الأغراض؟ يمكنك رفض ذلك، وسنستخدم فقط الملفات الضرورية لتشغيل الموقع.

هاشتاغ بيحكي عنك

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى في مناصرة المواطنين في المنطقة العربية وتمكينهم والدفاع عنهم ونقل أخبارهم وفق المواثيق الأممية والقواعد المهنية

أسّسها محمد محمود هرشو

محمد محمود هرشو

جميع الحقوق محفوظة - Hashtag هاشتاغ © 2015 - 2025