هاشتاغ
بحث

ظلال السياسة السوداء

20/06/2025

ظلال-السياسة-السوداء

شارك المقال

A
A

نضال الخضري



ما نخافه لم يعد مقتصراً على الحرب فجنون السياسة تبدو أخطر، وسماؤنا المفتوحة للطائرات والصواريخ تنقل لنا مشهداً مختلفاً لزمن البقاء على حافة الحياة، فنحن نمضي في التفاصيل اليومية على إيقاع التصريحات التي تنبئنا بأن المعارك لن تقف عند حدود واضحة، وأن الاحتمالات حبيسة تقلبات الرئيس دونالد ترامب السريعة، ولجنون الرغبة في كسر المعادلات عند بنيامين نتنياهو.


نحن أمام زمن التلويح بالقوة، بينما القتل والدمار أصبحا جزءاً من صورة المنطقة التي تتأرجح على مساحة المعارك، وأصبحت دول بأكملها جبهات تحمل معها كل مساحة الموت المتنقلة من غزة إلى طهران، فتناقض الحياة أصبح هاجساً يدفع الجميع نحو التفكير بظلال السياسة التي تسير مع الدقائق والثواني لكل يوم، فعندما يصبح الترقب شكلاً خاصاً في تفاصيل المجتمعات تتجمع كل جبروت الولايات المتحدة في سلسلة تصريحات لا يمكن فهمها؛ فهي متنقلة ومترددة وتحمل معها مساحة من اللايقين ومن الغربة.


سردية الحرب لا تنتهي فوق أرضنا، حتى لو قرر البعض حالة "عدم العداء"، فما يشكل سياسة الشرق الأوسط هو مزيج من البحث في المجهول، والتنقل فوق رقعة تبدو للعالم صغيرة لكنها مليئة بتناقضات التاريخ التي تم زرعها فوق رقعة صغيرة في فلسطين، ومواجهة سردية الأرض الموعودة لم تعد هماً إقليمياً؛ بل باتت على مساحة من الخوف الذي ينتشر ما بين الشمال والجنوب، ويعيد رسمنا على خارطة العالم بوصفنا مساحة لا يمكن رؤيتها سوى من زاوية الرعب.


الحرب الحالية ليست "صنيعة" إقليمية؛ بل استنزافاً دولياً، وهي تقارب رسم الخرائط على طاولة في مقهى، فمراكز الأبحاث تعطلت في زمن الإدارة الأمريكية التي تتحرك على إيقاع التناقض الذي يحمله مزاج رئيس يحلم بالمستحيل، لكنه غير قادر على التوقف لحظات و "التبصر" بتلك الجغرافيا القلقة التي نعيش فوقها، فهو الرئيس الأمريكي المؤمن بأن المعجزات هي إبداع أمريكي بامتياز، وبأنه قادر على إيقاف أو إشعال الحروب من دون النظر إلى التداعيات التي تحملها.


من أشعل الحرب الأخيرة يحمل بداخله رغبة في استثمار الخوف، والتعامل مع الرعب المنتشر منذ أن حولت عملية "طوفان الأقصى" قبل عامين مسار حياتنا، فلم يكن "قتل الفلسطينيين" سوى هامش عريض لوضع شكل مختلف لـ"نفوذ" عميق داخلنا، يحمل معه أشكال من التحول والتبدل ثم العودة إلى النقطة نفسها التي تلخص بلادنا، فنحن خلقنا من الاضطراب، وبقينا عالقين في دوامة البحث عن أنفسنا وسط الحروب المشتعلة، واليوم نعيش القلق الذي يسحبنا سحباً سريعاً لإدراك أن تلك الحروب هي "فائض تاريخي" خلق سرديات متناقضة بين قوة يريد العالم أن تضبط إيقاعنا، وسياسات دولية غير قادرة على وضع تصور لما تحمله تداعيات الحروب المشتعلة.


في السردية "الإسرائيلية" جنون القوة التي باتت ثقافة سياسية، وفي روايتنا رغبة في التبصر؛ لأن بقاءنا بات مرهوناً بقدرتنا على خلق رؤية يمكنها أن تبدل تحدي الحرب إلى تحدي الإبداع.

التعليقات

الصنف

خطوط حمر

منشور حديثاً

الأكثر قراءة

تابعنا

مقالات ذات صلة

يستخدم موقع هاشتاغ والمنصات التابعة له ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الموقع، وتقديم محتوى مخصص، وتحليل استخدام الموقع. هل توافق على استخدامنا للملفات لهذه الأغراض؟ يمكنك رفض ذلك، وسنستخدم فقط الملفات الضرورية لتشغيل الموقع.

هاشتاغ بيحكي عنك

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى في مناصرة المواطنين في المنطقة العربية وتمكينهم والدفاع عنهم ونقل أخبارهم وفق المواثيق الأممية والقواعد المهنية

أسّسها محمد محمود هرشو

محمد محمود هرشو

جميع الحقوق محفوظة - Hashtag هاشتاغ © 2015 - 2025