هاشتاغ
بحث

الإرهاب ودمشق مجدداً

23/06/2025

الإرهاب-يضرب-دمشق

شارك المقال

A
A

مازن بلال



تصعب قراءة تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق قراءة مستقلة عن سياق الحدث السوري منذ 8 كانون الأول 2024م، فالمسألة الأمنية المركبة في سوريا تم تجاوزها على حساب رسم صورة خاصة للنظام السابق، ولم تُميز السلطة الجديدة ما بين الاستبداد والوضع الأمني على مدى عقد ونصف، وفي الوقت نفسه فإن أحداث العنف المنتشرة كانت تُنسب لـ"الحوادث الفردية" على الرغم من تكرارها وانتشارها انتشاراً واسعاً.


عملياً، فإن الحدث الذي شهدته دمشق سبقته تحذيرات أمريكية على مدى ثلاثة أشهر من احتمالات لعمليات إرهابية، ولكن بنظر السلطات في دمشق فإن ضبط الأمن ظهر حالة جانبية وسط تحركها لتثبيت شرعيتها الإقليمية والدولية، وما غاب في الأشهر الست السابقة يظهر في مسألتين:


الأول هي خبرة السلطة السابقة في مسألة ضبط الأمن فهذا الأمر تم إسناده إلى طبيعة استبداد النظام السابق، فالسلطة الجديدة أنهت عمليا تاريخا طويلا من عمل المؤسسات مستندة إلى فرضية قدرتها على "محاصرة الإرهاب".


ربط الأمن بالاستبداد ليس مقولة جديدة، لكنها بحاجة إلى تفكيك لا إلى إلغاء أي مؤسسة تملك تراثاً طويلاً في الصراع مع التشكيلات الإرهابية، وكان واضحاً منذ أيام انهيار النظام السياسي السابق الأولى أن البيئة في سوريا باتت مؤهلة لظهور "الإرهاب" مجدداً ليس بفعل انهيار القبضة الأمنية؛ بل بسبب الفراغ الذي خلفه رحيل النظام السياسي.


المسألة الثانية هي الهوية التي بدأت تتشكل عليها الدولة، فالأزمة الأساسية هي في رسم سوريا على سياق تحالف الفصائل، وعدم البحث عن التعقيد السياسي الذي خلفه هذا الأمر، فتراث الدولة السورية لا يمكن إلغاؤه من دون المخاطرة بتشتيت الهوية التي تجمع السوريين.


العصبية التي اعتمدتها السلطات تستند إلى صورة النظام السابق، في وقت كان الواقع السوري يبدو أكثر من أي وقت سابق مشتتاً وغير قادر على إيجاد ركيزة سياسية بعد انهيار السلطة المركزية في دمشق، وكانت مسألة وصول "العنف" إلى دمشق هي مجرد وقت، فهناك أشكال مختلفة من عدم الاستقرار سواء في الشرق السوري نتيجة نشاط "داعش"، أم في الغرب والوسط مع عدم ضبط الفصائل وإيجاد قاعدة حقوقية بدلاً من الانتشار الأمني الذي لا يملك وضوحاً في تصرفاته.


لا يمكن عزل التفجير عن "الرمزية" الجهادية التي انتشرت ومثلت صورة الدولة الجديدة، ولا عن "هيكلية الظل" المنتشرة في معظم مفاصل الحياة السورية، فالعمل الإرهابي ليس شأناً مطلقاً؛ بل يمثل تداعيات لثقافة ظهرت سواء في فيديوهات انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أم في المظاهر الخاصة بالحياة الاجتماعية التي تطفو على سطح المجتمع السوري.


كل ما شهدته سوريا من عمليات "تطويع" ثقافي ظهرت اليوم في عمل إرهابي، فالمسألة ليست مسؤولية "داعش" في هذا التفجير إنما في نوعية العبث الذي يطال المكونات السورية، فالأمن في النهاية تصورات اجتماعية وليس فقط أجهزة تحفظ الاستقرار.

لا يمكن عزل التفجير عن "الرمزية" الجهادية التي انتشرت ومثلت صورة الدولة الجديدة.

التعليقات

يستخدم موقع هاشتاغ والمنصات التابعة له ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الموقع، وتقديم محتوى مخصص، وتحليل استخدام الموقع. هل توافق على استخدامنا للملفات لهذه الأغراض؟ يمكنك رفض ذلك، وسنستخدم فقط الملفات الضرورية لتشغيل الموقع.

هاشتاغ بيحكي عنك

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى في مناصرة المواطنين في المنطقة العربية وتمكينهم والدفاع عنهم ونقل أخبارهم وفق المواثيق الأممية والقواعد المهنية

أسّسها محمد محمود هرشو

محمد محمود هرشو

جميع الحقوق محفوظة - Hashtag هاشتاغ © 2015 - 2025