هاشتاغ
بحث

"نسوا أي مكان كان يُسمى سوريا".. كيف فرّ كبار ضباط الأسد؟

16/10/2025

"نسوا-أي-مكان-كان-يُسمى-سوريا"..-كيف-فرّ-كبار-ضباط-الأسد؟

شارك المقال

A
A

هاشتاغ - ترجمة

 

مع اقتراب هجوم قوات "ردع العدوان" من العاصمة السورية، فاجأ فرار الأسد الخفي من دمشق في وقت سابق من تلك الليلة أقرب المقربين إليه، وأصبح رمزا لسقوط نظامه المذهل.

 

سارع أتباعه في حاشيته إلى اللحاق به. في غضون ساعات، لم تنهار أركان نظام الأسد بأكملها فحسب، بل اختفت من المشهد. استقل بعضهم طائرات، وهرع آخرون إلى قصورهم الساحلية، فيما انطلق البعض الآخر على متن قوارب سريعة فاخرة.

 

وبينما تحرك بعض المسؤولين في مواكب سيارات باهظة الثمن، لوّح لهم عناصر المعارضة عند نقاط التفتيش، واختبأ آخرون في السفارة الروسية، التي ساعدتهم على الوصول إلى موسكو، الحليف الأكثر أهمية للأسد.

 

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أنه بعد منتصف ليل 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024 بقليل، تجمع عشرات الأشخاص في الظلام خارج القسم العسكري بمطار دمشق الدولي، حاملين كل ما استطاعوا حمله، واستقلّوا طائرة صغيرة تابعة للخطوط الجوية السورية.

 

وكان من بين الركاب قحطان خليل، مدير المخابرات الجوية السورية، وانضم إليه علي عباس وعلي أيوب، وهما وزيران سابقان للدفاع، بالإضافة إلى رئيس أركان الجيش، عبد الكريم إبراهيم.

ماهر الأسد الذي كان ثاني أكبر سلطة بعد شقيقه بشار في سوريا في عهد النظام يقضي وقتا في عيش حياة منفى فاخرة في موسكو

وسائل الاختفاء

كشفت الصحيفة هويات 55 من مسؤولي النظام السوري السابق وأدوارهم الحقيقية، وجميعهم شخصيات حكومية وعسكرية رفيعة المستوى سابقا، مدرجة على قوائم العقوبات الدولية، ومرتبطة بأخطر فصول تاريخ سوريا الحديث.

 

شمل تحقيق الصحيفة كل شيء، بدءاً من تتبع الآثار الرقمية وحسابات العائلات على وسائل التواصل الاجتماعي، وصولاً إلى البحث في العقارات المهجورة عن فواتير الهاتف القديمة ومعلومات بطاقات الائتمان.

 

كم أُجريت مقابلات مع عشرات من مسؤولي النظام السابق، تحدث العديد منهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم حفاظاً على سلامتهم، بالإضافة إلى محامين سوريين في مجال حقوق الإنسان، وهيئات إنفاذ قانون أوروبية، ومنظمات مجتمع مدني، وأعضاء في الحكومة السورية الجديدة.

 

وقام فريق الصحيفة بزيارة عشرات الفلل والمحلات التجارية المهجورة المرتبطة برموز النظام، وأعادوا بناء بعض طرق هروبهم.

 

لا يزال مكان تواجد العديد من هؤلاء المسؤولين الرئيسيين السابقين الـ 55 غير معروف، بينما اختلفت مصائر الاثني عشر الذين وجدتهم الصحيفة بشكل واسع. بحسب الصحيفة، الأسد نفسه موجود في روسيا ويبدو أنه قطع الاتصال بمعظم دائرته الرسمية، وفقاً لمسؤولين سوريين سابقين وأقارب وشركاء.

 

ماهر الأسد، الذي كان ثاني أكبر سلطة بعد شقيقه بشار في سوريا، يقضي وقتاً في حياة منفى فاخرة في موسكو، إلى جانب بعض كبار قادته السابقين مثل جمال يونس، وفق روايات مسؤولين في عهد النظام وشركاء أعمال على اتصال بهم، إضافة إلى أدلة فيديو تحققت منها الصحيفة.

 

أما غياث دلة، العميد الذي شاركت قواته في قمع الاحتجاجات بعنف، فهو من بين العديد من الضباط السابقين الذين يخططون لأنشطة معارضة من لبنان، بحسب قادة عسكريين سابقين، والذين شاركوا أيضاً رسائل نصية مع الصحيفة، مشيرين إلى أن دلة ينسق مع قادة سابقين في النظام مثل سهيل الحسن وكمال الحسن من موسكو.

 

وأبرم بعض المسؤولين صفقات غامضة للبقاء في سوريا، وفقاً لقائد عسكري سابق وأشخاص يعملون مع الحكومة الجديدة. وكشفت الصحيفة أن أحد المسؤولين، عمرو الأرمنازي، الذي أشرف على برنامج الأسلحة الكيميائية، لا يزال يعيش في منزله في دمشق.

 

ووفقاً لموظفين سابقين ومسؤولين في النظام، كان لدى العديد من هذه الشخصيات سهولة الوصول إلى المكاتب الحكومية، مما مكّنهم من الحصول على جوازات سفر سورية أصلية بأسماء مزيفة، وهو ما مكّنهم لاحقاً من الحصول على جوازات سفر لدول الكاريبي.

 

وقال مازن درويش، رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، وهي منظمة مقرها باريس: "اشترى بعض هؤلاء الأفراد هويات جديدة من خلال اكتساب الجنسية عبر استثمارات عقارية أو مدفوعات مالية. يستخدمون هذه الأسماء والجنسيات الجديدة للاختباء". وأضاف: "هؤلاء الأشخاص لديهم الإمكانيات المالية للتنقل بحرية وشراء جوازات سفر جديدة والاختفاء".

توجه الناس إلى القاعدة الروسية حاملين حقائب مليئة بالنقود والذهب

"لقد رحل"

بدأ النزوح الجماعي في وقت متأخر من ليلة 7 كانون الأول/ ديسمبر 2024، بعد إدراك مُرهق لما يحدث. أكد العديد من مسؤولي النظام السابق الذين كانوا ينتظرون قرب مكتب الأسد في القصر الرئاسي أن مسؤولي القصر أكدوا وجود الرئيس هناك، ومناقشته خطة مع مستشاريه العسكريين والروس والإيرانيين لمواجهة القوات المعارضة المتقدمة.

 

وبعد أن أدرك كبار المساعدين رحيله، سارعوا بتعقبه إلى منزله، وفقاً لثلاثة مسؤولين سابقين في القصر. وبعد ذلك بوقت قصير، أبلغهم الحراس خارج منزل الرئيس أن مسؤولين روساً قد اقتادوا الأسد في موكب من ثلاث سيارات دفع رباعي، مع ابنه ومساعده الشخصي.

 

واستقل الرئيس السابق وحاشيته طائرة نقلتهم إلى "حميميم"، وهي قاعدة جوية ساحلية تسيطر عليها روسيا، والتي كانت الداعم الأكثر أهمية له في الحرب.

 

عندما علم المسؤولون الآخرون بالرحلة، بدأوا بالاتصال بأحبائهم ومسؤولي الأمن على نحو محموم، وصولاً إلى تجميع صفوفهم بسرعة. وقد رافقهم عدد من ضباط الأمن وعائلاتهم للانضمام إلى قحطان خليل، الذي رتب رحلة الهروب إلى "حميميم".

 

غادرت الطائرة، وهي من طراز ياك-40، وفقاً لأحد الركاب، أحد مسؤولي القصر السابقين، وذكرت الصحيفة أن الطائرة هبطت في مطار دمشق حوالي الساعة 1:30 صباحاً يوم 8 ديسمبر/كانون الأول، وتوافق تحليل صور الأقمار الصناعية مع هذا التقرير، إذ أظهرت تحرك الطائرة من مطار دمشق إلى "حميميم".

 

في حي آخر، كان ماهر الأسد، شقيق بشار، يقود فرقة الرابعّة، يسرع لترتيب هروبه. اتصل بصديق للعائلة وأحد رجال أعماله المقربين لتنسيق الانطلاق، وحث رجاله على مغادرة منازلهم بسرعة والانتظار في الخارج. بعد ذلك انطلق بسيارته في الشارع ليلحق بطائرته الخاصة.

 

وتوجه الناس إلى القاعدة الروسية حاملين حقائب مليئة بالنقود والذهب، مع انتشار الزي العسكري السوري في الشوارع. وسرعان ما أعاد بعض المسؤولين ترتيب صفوفهم، وتواصلوا مع ضباط روس لنقلهم على متن طائرات إلى موسكو، بينما فضّل أفراد عائلات شخصيات النظام الانتقال إلى منازلهم الساحلية القريبة من القاعدة.

لجأ علي مملوك إلى السفارة الروسية بعد تعرض موكبه لهجوم أثناء محاولته الوصول إلى المطار وتمكن من الفرار سالماً

سرقة الخزائن وتفادي الكمائن

في دمشق، كان نحو 3000 عنصر من جهاز المخابرات العامة لا يزالون داخل المجمع الأمني في جنوب غرب العاصمة، غير مدركين أن نخبة النظام قد هربت بالفعل. انتظروا بقلق شديد تحت قيادة مديرهم، حسام لوقا، الذي وُصف بأنه شديد الاحترام للأسد.

 

وتلقى لوقا تعليمات الاستعداد لهجوم مضاد، لكنه لم يحدث. وبعد ساعة، اكتشف ضباطه أنه تركهم دون كلمة، وأمر محاسب الجهاز بفتح خزنة المقر، واستولى على 1,360,000 دولار، وفقاً للصحيفة. ويعتقد ثلاثة مسؤولين سابقين أنه هرب إلى روسيا منذ ذلك الحين.

 

في نفس المجمع، دخل كمال الحسن، المسؤول السابق رفيع المستوى، مكتبه وأخذ قرصاً صلباً والأموال الموجودة داخل خزنة مكتبه، قبل أن يهرب مختبئاً من منزله في إحدى ضواحي دمشق، ثم لجأ إلى السفارة الروسية. تواصلت الصحيفة معه عبر الهاتف، لكنه رفض الكشف عن مكانه.

 

من بين المسؤولين الآخرين، لجأ علي مملوك، مدير الأمن الوطني المتقاعد، إلى السفارة الروسية بعد تعرض موكبه لهجوم أثناء محاولته الوصول إلى المطار، وتمكن من الفرار سالماً.


كان هناك تفاهم ضمني مع المعارضة للسماح لغالبية الموالين للأسد بالفرار نحو الساحل السوري

لقاءات قريبة

صرحت شخصيات سابقة في النظام أنه كان هناك تفاهم ضمني مع المعارضة للسماح لغالبية الموالين للأسد بالفرار نحو الساحل السوري، مع استثناء اللواء السابق بسام حسن.

 

ومع ذلك، تمكن حسن من الفرار دون اكتشافه، حيث جهز موكباً لزوجته وأولاده وحقائب مليئة بالمال، وتمكن من عبور نقاط التفتيش والوصول إلى لبنان ثم إيران، قبل العودة إلى بيروت ضمن صفقة مع الاستخبارات الأمريكية.


التعليقات

الصنف

سياسة

منشور حديثاً

الأكثر قراءة

تابعنا

مقالات ذات صلة

يستخدم موقع هاشتاغ والمنصات التابعة له ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الموقع، وتقديم محتوى مخصص، وتحليل استخدام الموقع. هل توافق على استخدامنا للملفات لهذه الأغراض؟ يمكنك رفض ذلك، وسنستخدم فقط الملفات الضرورية لتشغيل الموقع.

هاشتاغ بيحكي عنك

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى في مناصرة المواطنين في المنطقة العربية وتمكينهم والدفاع عنهم ونقل أخبارهم وفق المواثيق الأممية والقواعد المهنية

أسّسها محمد محمود هرشو

محمد محمود هرشو

جميع الحقوق محفوظة - Hashtag هاشتاغ © 2015 - 2025