أربيل تتحرك بين دمشق و"قسد".. وفتح الطرق في الأحياء الكردية بحلب

أعلنت رئاسة إقليم كردستان العراق عن اتصال هاتفي، جرى بعد ظهر الثلاثاء، بين رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، والسفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك.

وذكرت رئاسة الإقليم، في بيان رسمي، أن "الطرفين ناقشا خلال الاتصال الوضع في سوريا وآخر التطورات في المنطقة"، مشيرةً إلى أن المبعوث الأميركي عبّر عن تقديره لدور رئيس الإقليم ومساهمته في حل الخلافات بين الكرد في سوريا ودمشق.

أكد كفاح محمود، المستشار الإعلامي لرئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، أن أربيل تضطلع بدور مهم في ملف المفاوضات بين دمشق و"قسد"، موضحاً أن موقف الإقليم "كان إيجابياً منذ بداية التغييرات التي شهدتها سوريا، إذ دعم محاولات تحقيق السلام المتعلق بالقضية الكردية رغم التحديات والمعوقات التي واجهتها بشكل مباشر".

وأضاف محمود، في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط"، أنه "رغم عدم وجود زيارات رسمية بين دمشق وأربيل، إلا أن رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني التقى الرئيس السوري أحمد الشرع في أكثر من مناسبة، وكان الملف الكردي أحد أبرز الموضوعات التي جرى بحثها بين الجانبين".

وأشار المستشار إلى وجود "بصمات واضحة" لإقليم كردستان في المباحثات الجارية بين "قسد" والحكومة السورية، مؤكداً أن "تحقيق السلام بين الطرفين يمثل أولوية بالنسبة لقيادة الإقليم، لأسباب إنسانية وسياسية وأمنية، من بينها وجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في كردستان، وتأثر الوضع الأمني في الإقليم بما يجري على الحدود مع سوريا".

ولفت إلى أن "توجه دمشق الإيجابي نحو حل الخلافات مع (قسد) يفتح الباب أمام وضع آلية عملية للحل بموافقة الطرفين".

وتحدّث محمود عن الزيارات التي قام بها قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، إلى أربيل خلال الأشهر الماضية، مبيناً أنها "كانت ذات أهمية كبيرة، حيث وضع عبدي ملفات التفاوض كافة أمام القيادة الكردستانية، وخصوصاً الزعيم مسعود بارزاني، الذي لعب دوراً إيجابياً وواضحاً في بلورة صيغة اتفاق بين دمشق و(قسد)، تماماً كما كان له دور محوري في المفاوضات السابقة بين زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان والحكومة التركية".

كان عبد الله أوجلان قد وجّه، الأسبوع الماضي، رسالة إلى رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، طلب فيها منه "الاضطلاع بدور فعّال" في إنجاح عملية السلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني.

ويرى كفاح محمود أن "القيادة الكردية في أربيل تلعب اليوم دوراً إيجابياً مماثلاً في الملف السوري"، لافتاً إلى أن "الاحترام الكبير الذي يحظى به مسعود بارزاني من قبل مظلوم عبدي والقيادة السورية يمكن أن يساهم في إنجاح المفاوضات".

يُذكر أن رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، كان قد أكد في مطلع الشهر الجاري أن سوريا لا يمكن إدارتها مركزياً، داعياً الأكراد إلى التوجّه إلى دمشق بأسرع وقت ممكن، معتبراً أن البلاد أمام "فرصة أخيرة لبداية مرحلة جديدة".

وقال بارزاني، خلال مشاركته في جلسة حوارية ضمن ملتقى الشرق الأوسط (ميري) في أربيل، إن "سوريا ليست مكوّنة من مكوّن واحد، بل من العرب والمسيحيين والكرد وغيرهم، ولا يمكن إدارتها بطريقة مركزية".

وأضاف أنه "تحدث شخصياً عن هذه المسألة مع أحمد الشرع، وجرى التوافق على ضرورة البحث عن صيغة أكثر تمثيلاً للتنوّع السوري".

وأكد المستشار كفاح محمود أن "ما يجري حالياً يبشر بالخير رغم وقوع بعض الاحتكاكات السلبية في بعض المناطق"، مشيراً إلى أن "تلك الحوادث تبقى متوقعة بسبب الإرث الثقيل من الصراعات السابقة".

ورجّح محمود "إعلان اتفاق شامل قريباً بين دمشق و(قسد) يضمن حقوق الكرد في الدستور السوري الجديد ومشاركتهم الفعلية في مؤسسات الدولة، مع احترام خصوصيتهم القومية والاجتماعية".

في المقابل، نفى مستشار في رئاسة الوزراء العراقية ما تردد عن دخول بغداد على خط الوساطة بين الحكومة السورية و"قسد".

وقال المستشار، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، لصحيفة الشرق الأوسط: "العراق يحتفظ بعلاقات جيدة مع الطرفين، وهذه العلاقات تتطور تدريجياً، لكن بغداد لم تشارك في أي مفاوضات مباشرة بين دمشق و(قسد)".

وأوضح أن "العراق ينسّق مع الجانبين فقط في ما يتعلق بجهود مكافحة الإرهاب الذي لا يزال يشكل تحدياً مشتركاً على الحدود بين البلدين".

وكانت إذاعة "مونت كارلو الدولية" قد ذكرت، الأحد الماضي، نقلاً عن مصادر في مستشارية الأمن القومي العراقي، أن بغداد دخلت على خط التوسط بين دمشق و"قسد"، مشيرة إلى اجتماعات عُقدت في السليمانية بين ممثلين عن الجانبين بإشراف وزارة الدفاع العراقية، وهو ما نفاه المصدر العراقي.

ميدانياً، أفادت مصادر محلية، الأربعاء، بإعادة افتتاح الطرق المؤدية إلى حيي "الشيخ مقصود" و"الأشرفية" في مدينة حلب، وذلك بعد إغلاقها نتيجة التصعيد الأخير بين قوى الأمن الداخلي التابعة للحكومة السورية وقوات "قسد".

وذكر "تلفزيون سوريا" أن قوى الأمن الداخلي أزالت السواتر الترابية من محيط الحيين وفتحت الطرق أمام حركة الآليات والمشاة، كما أقامت، بالتنسيق مع قوى الأمن التابعة لـ"الأسايش"، حاجزاً مشتركاً ليكون نقطة تفتيش بين المنطقتين.

وأشار إلى أن حركة التنقل والمرور عادت بشكل طبيعي بعد هذه الخطوات، التي جاءت عقب زيارة وفد من قيادة الأمن الداخلي في وزارة الداخلية السورية إلى الحيين، ولقائه مسؤولين محليين لمناقشة استكمال اتفاق نيسان/أبريل الماضي.

وفي 7 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، كانت دمشق و"قسد" قد توصلتا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حيي "الأشرفية" و"الشيخ مقصود" بعد اشتباكات عنيفة بين الطرفين أدت إلى مقتل مدني وإصابة آخرين، بينهم نساء وأطفال.

ويُذكر أن الجانبين كانا قد وقّعا في 10 آذار/مارس الماضي اتفاقاً مبدئياً يقضي بالاندماج مع السلطة المركزية قبل نهاية العام الحالي، ومن بين بنوده التوافق على إدارة وتوزيع عائدات النفط وتحديد آليات تقاسم الموارد المالية.