هاشتاغ - ترجمة
كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست"، أنه "خلف الكواليس، يدعو المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم باراك، إلى رفع العقوبات، وسط مخاوف متزايدة بشأن العنف الطائفي المستمر ومعاملة الأقليات في ظل حكم الشرع"، مشيرة إلى أن أداة واشنطن الحالية تتركز على الجزرة، وليس العصا، في محاولة لمنع هذا النوع من الأعمال مستقبلاً.
فقد دعا المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، هذا الأسبوع إلى إلغاء العقوبات الأمريكية المتبقية على سوريا.
وكتب عبر حسابه على "إكس": لقد أظهر مجلس الشيوخ الأمريكي بالفعل بُعد نظر بالتصويت على إلغاء قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا - وهي عقوبات خدمت غرضها الأخلاقي ضد نظام الأسد السابق الغادر، لكنها الآن تخنق أمة تسعى إلى إعادة الإعمار".
وأعرب المبعوث الأمريكي عن دعمه "لإكمال" هذا "العمل السياسي"، مشيراً إلى أن رفع جميع العقوبات المتبقية على سوريا سيمنح الشعب السوري "الحق في العمل والتجارة والأمل".
اتجاه السياسة الأمريكية يشير إلى أن الجزرة وليس العصا هي الآن الأداة الوحيدة المستخدمة مع النظام السوري الجديد
الجزرة بدل العصا
ووفقا للصحيفة، "يُعد بيان باراك أحدث مؤشر على السياسة الأمريكية الحالية تجاه سوريا، مؤكداً أن واشنطن تبدو ملتزمة بإزالة أدوات الإكراه المتبقية ضد النظام الناشئ للرئيس أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام الإسلامية السنية."
"جيروزاليم بوست"، لفتت إلى أنه "كان من الممكن أن تستغل واشنطن احتمالية رفع العقوبات المتبقية لضمان معاملة دمشق للأقليات السورية معاملة مناسبة"، مبينة "لكن يبدو هذا الآن مستبعداً".
ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه "في أقل من عام منذ توليه السلطة، أشرف نظام هيئة تحرير الشام بالفعل على ثلاث حالات من العنف الطائفي الدموي، التي نفذتها قوات تحت لوائه، ضد الأقلية الدرزية والعلوية".
وبيّنت: "يبدو أن اتجاه السياسة الأمريكية يشير إلى أن الجزرة، وليس العصا، هي الآن الأداة الوحيدة المستخدمة لتثبيط الأعمال المستقبلية من هذا النوع".
وأضافت: التفاؤل السائد حالياً في واشنطن تجاه النظام الجديد في سوريا لا يعكس الوضع على الأرض، مشيرة إلى "تيار خفي من العنف الطائفي لا يزال واقعاً يومياً في سوريا، وإن كان قد ابتعد عن دائرة الضوء القوية التي تُسلطها السياسة الغربية."
وقف العقوبات المتبقية على حكومة دمشق يُزيل وسيلة ضغط على الحكومة الجديدة
في غاية الصعوبة
نقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مصدر علوي من منطقة الساحل السوري، حيث وصف الوضع قائلاً: "نحن في وضعٍ بالغ الصعوبة، وخاصة بالنسبة للنساء. منذ 7 آذار/مارس (تاريخ الهجمات الواسعة وعمليات القتل التي طالت سوريين علويين على يد قوات إسلامية سنية مرتبطة بالحكومة)، تُوثّق حالات اختطاف واغتصاب تحدثُ بشكلٍ شبه يومي".
وكشف المصدر: "كان آخرُها اغتصاب جماعي في قرية قريبة جداً من قريتي. هذه الجرائم ليست حوادثَ معزولة، بل هي جزء من نمط مُمنهجٍ من الترهيب والتدمير لنسيج مجتمعنا."
وبخصوص الأكراد السوريون، قالت الصحيفة: "بالرغم من تصريحاتهم المتفائلة أمام الكاميرات، يراقبون الوضع بحذر وقلق"، مبينة "تواجه التجمعات الكردية المعزولة في حيي الشيخ مقصود والأشرفية حصاراً مستمراً من قبل القوات الحكومية".
وحول مسألة دمج قوات سوريا الديمقراطية أشارت إلى أن الحكومة قد تنازلت عن مسألة حل قوات "قسد" ومنح أعضائها حرية الانضمام كأفراد في الجيش الجديد، وسط تقارير تشير إلى أنها ستندمج في الهيكل الجديد كـ"ثلاثة تشكيلات عسكرية وعدة ألوية مستقلة".
وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية: "يبدو أن هذه التطورات تخضع لأمر حتمي من جانب الأكراد السوريين"
ولفتت "جيروزاليم بوست" إلى أن ميزان القوى بين المجتمعات منذ كانون الأول/ ديسمبر 2024 واضح، فقرار الولايات المتحدة بوقف العقوبات المتبقية على حكومة دمشق يُزيل وسيلة ضغط على الحكومة الجديدة، في وقت لا تزال فيه نواياها ونمط سلوكها تجاه الأقليات غير واضحين.
ترامب يعتقد أن ما ينجح في مجال الأعمال يمكن تطبيقه على الدبلوماسية أيضاً
تجاهل الحقائق
وكشفت: يبدو أن تفضيل الولايات المتحدة للتواصل والتفاؤل بالسلطات الجديدة يتردد صداه في موقف إسرائيل الحالي من المحادثات الجارية خلف الكواليس مع سوريا.
وبحسب الصحيفة، تشير مصادر مطلعة إلى أن الخطوط العريضة للترتيب الأمني موجودة بالفعل، على الرغم من أن هذه القضية ليست أولوية قصوى لأي من الطرفين حالياً، حيث لا يشير الموقف الإسرائيلي، مثل موقف قوات سوريا الديمقراطية، إلى تحول شامل من جانب تل أبيب إلى فكرة "اعتدال هيئة تحرير الشام"، مبينة "لا تزال هناك شكوك واضحة في هذا الصدد".
لكن، وبحسب الـ "جيروزاليم بوست"، إسرائيل تتكيف مع المزاج السائد الصادر عن الولايات المتحدة، التي تريد الهدوء في سوريا وتعتقد أن الشرع قد يكون قادراً على توفير ذلك.
يعكس هذا الاقتناع لدى الإدارة الأمريكية رغبة الولايات المتحدة في تجنب المزيد من التشابكات في الشرق الأوسط والسماح للمنطقة بالوصول إلى توازنها الخاص. ولكنه يتأثر أيضاً بشكل واضح بالوجهات النظر الناشئة عن أهم رعاة الحكومة السورية الجديدة - تركيا وقطر. وهذا أمر مهم.
تُعدّ تركيا وقطر من بين الرابحين الرئيسيين من التغييرات الإقليمية الناتجة عن إضعاف إسرائيل لإيران و"محور المقاومة" التابع لها في العامين الأخيرين من الحرب.
وتتمثل النظرة السائدة للإدارة الأمريكية إلى هذين اللاعبين في اعتبارهما شريكين أقوياء وعقلانيين يمكنهم لعب دور إيجابي.
إن الأدوار التركية والقطرية المتوقعة في غزة، والدور القطري في مفاوضات الرهائن، هما نتاج هذه النظرة. كما أن النظرة المتفائلة تجاه النظام الإسلامي الجديد في سوريا هي نتيجة أخرى لذلك، بحسب الصحيفة.
ونوّهت الصحيفة إلى أن هذه النظرة إلى قطر وتركيا "إشكالية للغاية". هذه دول مرتبطة بتوجه إسلامي سني، وقد دعمت بنشاط وقوة القوى الإسلامية والمعادية للغرب من أفغانستان عبر العراق وسوريا وغزة، وصولاً إلى ليبيا.
وتسائلت "جيروزاليم بوست": من أين يبرز هذا التجاهل الواضح في واشنطن؟
لاحظ أحد المراقبين الثاقبين لإدارة ترامب مؤخراً أن الرئيس "يعتقد أن المبادئ التي سعى لتحقيقها هي مبادئ عالمية". أي أن ما ينجح في مجال الأعمال يمكن تطبيقه على الدبلوماسية أيضاً.
ولفتت إلى أن "هناك الكثير مما يُشيد بمثل هذا الموقف، ولكن، تكمن المشكلة في أن هذه النظرة في الشرق الأوسط لن تحقق سوى نتائج محدودة، كما تجلى بوضوح خلال العامين الماضيين".
وبيّنت أن الأيديولوجية الدينية، والكراهية الطائفية، وما ينتج عنها من تعصب وعنف لا مفر منهما، عوامل حقيقية في المنطقة.
وختمت الصحيفة: "على المدى الطويل، من غير المرجح أن تأتي نتائج إيجابية من بناء سياسات تتجاهل هذه الحقائق. فعندما يتم تجاهلها، فإنها تُجبر نفسها على العودة إلى مركز الصدارة، غالباً بتكلفة معينة".


