هاشتاغ - ترجمة
مع تدهور العلاقات بين طهران ودمشق عقب الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر، اضطلع العراق بدور رئيسي في التوسط بين الحكومة السورية الجديدة وإيران لتجاوز ما وصفه المراقبون بـ"البرود الاستراتيجي"، وفقاً لمصادر سياسية.
فقد أفادت مصادر سياسية، أن العراق يعمل سراً على إصلاح العلاقات بين إيران وسوريا، بعد أن فتر تحالفهما القوي سابقاً بعد تولي الحكومة السورية الجديدة السلطة.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، يسعى العراق إلى ترسيخ مكانته كوسيط خفي يعمل سراً لإعادة بناء الجسور بين حليفين سابقين تباعدت مساراتهما.
ويقول مسؤولون في بغداد إنهم يسعون إلى الاستفادة من موقع العراق الجغرافي وعلاقاته القوية مع إيران لبناء نوع جديد من التقارب بين طهران ودمشق.
منذ ما عُرف بـ"حرب الاثني عشر يوماً" بين إيران وإسرائيل في منتصف عام 2025، الذي انتهى دون منتصر واضح، بدأ ميزان القوى في المنطقة يتغير ببطء.
ووفقاً للتقارير، كشفت الحرب عن هشاشة نفوذ إيران في سوريا ولبنان، وأجبرت طهران على إعادة تقييم أولوياتها الإقليمية. كما أدت إلى إعادة تقييم التحالفات في جميع أنحاء المنطقة، لا سيما مع تفاقم الضغوط الاقتصادية والسياسية داخل إيران.
مع صعود حكومة سورية جديدة تضم شخصيات كانت على خلاف سابق مع طهران، وجدت إيران نفسها أمام واقع جديد، يُجبرها على السعي إلى النفوذ بحذر أكبر وبشكل غير مباشر، دون أن تبدو ضعيفة أمام منافسيها المحليين أو خصومها الدوليين.
إيران طلبت وساطة العراق لإعادة الحوار مع دمشق على أمل استعادة وجودها الرسمي في البلاد
زيارات غير مُعلنة
وأفادت مصادر سياسية في بغداد لـ موقع "ذا نيو ريجين"، أن سلسلة من التحركات الدبلوماسية الهادئة جارية منذ أشهر بين العراق وسوريا، بمشاركة إيرانية سرية.
وبحسب المصادر، زارت وفود عراقية رسمية، تضم ممثلين عن جهاز المخابرات ووزارة الخارجية، دمشق سراً، حيث عقدت اجتماعات مع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية السورية.
وركزت المناقشات، بحسب التقارير، على إعادة فتح قنوات الاتصال بين طهران والقيادة السورية الجديدة.
وعُقدت هذه الاجتماعات، التي لم يُكشف عنها علناً، عقب جولات عدة من المشاورات السورية الروسية التي كشفت عن خلافات بين دمشق وطهران حول مستقبل الدور العسكري والاقتصادي الإيراني في سوريا.
وأفادت المصادر، أن إيران طلبت وساطة العراق لإعادة الحوار مع دمشق على أمل استعادة وجودها الرسمي في البلاد وتأمين مصالحها الاقتصادية والعسكرية الراسخة، التي تعود إلى عهد الإدارة السورية السابقة.
ووفقا لما نقله الموقع، كشف أحد المطلعين على عملية الوساطة أن "بغداد تلعب دوراً مزدوجاً. فهي تُقدم لطهران تقييمات لموقف الحكومة السورية تجاه المصالحة، بينما تُقدم لدمشق مقترحات عملية تهدف إلى الحد من التدخل الإيراني المباشر مقابل تعاون اقتصادي وأمني تدريجي".
إيران قد تؤجل أي خطوات علنية لتجنب ردود الفعل الداخلية العنيفة من فصائلها المتشددة
كسر الجليد
خليفة التميمي، أستاذ العلوم السياسية، قال لـ "ذا نيوريجين"، إن العراق يتمتع بموقع فريد للتوسط بين طهران ودمشق.
وأضاف التميمي: "لقد أثبتت بغداد في السنوات الأخيرة قدرتها على التعامل مع ملفات إقليمية حساسة"، لافتاً إلى أن "العراق يحافظ على علاقات مباشرة مع السلطات السورية الحاكمة، كما يتضح من خلال اللقاءات المتكررة بين رئيس الوزراء ورئيس المخابرات، الذي زار دمشق عدة مرات لمناقشة الشؤون السياسية والأمنية".
وأوضح أن العراق قادر على المساعدة في تقريب وجهات النظر بين إيران وسوريا إذا توفرت إرادة سياسية حقيقية من الجانبين.
ومع ذلك، أشار التميمي إلى أن إيران قد تؤجل أي خطوات علنية في الوقت الحالي لتجنب ردود الفعل الداخلية العنيفة من فصائلها المتشددة، التي لا تزال تنظر إلى الحكومة السورية الجديدة بعين الريبة، على حد وصفه.
وأكد التميمي أن أي تقارب محتمل "لن يكون قراراً عاطفياً، بل قراراً استراتيجياً يتطلب حسابات دقيقة وفهماً واضحاً لمصالح البلدين".
ورغم التوترات الحالية، فإنه يعتقد أن "الركود السياسي بين طهران ودمشق لن يدوم طويلاً، إذ إن المصالح المتبادلة قوية في نهاية المطاف بما يكفي لكسر الجليد".
