هاشتاغ
بحث

عودة روسيا إلى سوريا .. ولكن هل غادرتها أصلاً؟

28/10/2025

عودة-روسيا-إلى-سوريا-..-ولكن-هل-غادرتها-أصلاً؟

شارك المقال

A
A

هاشتاغ - ترجمة

 

يرى مركز (ميديل ايست فوروم) البحثي الأمريكي أن عودة روسيا إلى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد كانت أمراً لا مفرّ منه. فالاجتماع الذي عُقد في 15 أكتوبر 2025 بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في موسكو لم يكن لإعادة ضبط أو إعادة تقييم للعلاقات، بل كان بمثابة "إعادة انطلاق" بعد توقف دام عدة أشهر. وجاءت الزيارة تتويجاً لسلسلة من الاجتماعات بين كبار المسؤولين الروس والسوريين في موسكو ودمشق خلال الأشهر الأخيرة.


وخلال لقائه مع بوتين، قال الشرع إن حكومته "تحترم جميع الاتفاقات الموقعة مع روسيا" من قبل النظام السابق.

كبادرة حسن نية تعهد الشرع لبوتين بتسليم المقاتلين الشيشان الإسلاميين

احتفاظ موسكو بقواعدها العسكرية

ويعتبر المركز في مقال له أن تصريح الشرع يمكن تفسيره عسكرياً بأن روسيا ستحتفظ رسمياً بسيطرتها على قواعدها، بما في ذلك قاعدة حميميم الجوية في قلب منطقة اللاذقية العلوية، رغم أن وحدة صغيرة من القوات الروسية بقيت متمركزة هناك منذ سقوط الأسد في ديسمبر 2024. ومن المتوقع أيضاً، بحسب المركز البحثي الأمريكي، أن تنتشر الشرطة العسكرية الروسية في المناطق المضطربة من البلاد، بما في ذلك الساحل وربما الجنوب السوري. وكبادرة حسن نية، يُقال إن الشرع تعهّد لبوتين بتسليم المقاتلين الشيشان الإسلاميين الذين انضموا مؤخراً إلى الجيش السوري الجديد.


أما اقتصادياً، فيُتوقع أن يستأنف المستثمرون الروس نشاطهم في مختلف القطاعات داخل سوريا. فعلى سبيل المثال، تمتلك شركة "ستروي ترانس غاز" (Stroytransgaz) المرتبطة بالكرملين والمُعاقبة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتفاقاً لمدة خمسين عاماً لاستغلال احتياطيات الفوسفات في وسط سوريا. كما تمتلك الشركة نفسها عقداً لمدة تسعة وأربعين عاماً لتشغيل ميناء طرطوس، ومن المفترض أن تستأنف استثماراتها هناك. غير أن كيفية التوفيق بين هذا الترتيب وبين الاتفاق الذي أبرمته الحكومة المؤقتة مع شركة إماراتية لتطوير وتشغيل الميناء لمدة ثلاثين عاماً مقابل 800 مليون دولار ما زالت غير واضحة.


إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تبدأ روسيا عمليات التنقيب والإنتاج للنفط والغاز الطبيعي في المياه الإقليمية السورية في البحر المتوسط.

بوتين لم يكن مستعداً للتضحية بعلاقةٍ تمتد لثمانين عاماً مع سوريا من أجل إنقاذ نظام الأسد الذي لا يمكن إنقاذه

التموضع السوري الجديد

لقد جعل هذا التطور كل التكهنات بشأن إعادة تموضع سوريا ما بعد الأسد بلا أساس. فعلى الرغم من علاقة موسكو الوثيقة بالنظام السابق، فإن سوريا ما بعد الأسد لا يمكن فصلها عن روسيا، بحسب وجهة نظر المركز، وكان بوتين يدرك ذلك جيداً. ولهذا السبب، وفي الأيام التي سبقت سيطرة الشرع على دمشق، نسّقت القوات الروسية مع فصائل الإسلاميين الموالين له لتجنب الاشتباكات، بحسب ما أكده الشرع نفسه.


ويرى المركز أن بوتين لم يكن مستعداً للتضحية بعلاقةٍ تمتد لثمانين عاماً مع سوريا من أجل إنقاذ نظام الأسد الذي لا يمكن إنقاذه، خصوصاً في ظل التحولات المتسارعة في الشرق الأوسط. فبالنسبة لروسيا، تبقى سوريا "أصلاً استراتيجياً أساسياً" لمصالحها طويلة الأمد في شرق المتوسط.

حسابات الشرع في تجديد العلاقات مع روسيا تستند أساساً إلى رغبته في ترسيخ سلطته

حسابات الشرع وتثبيت الحكم

أما من جهة الرئيس الشرع، فإن حساباته في تجديد العلاقات مع روسيا تستند أساساً إلى رغبته في "ترسيخ سلطته" آخذاً بعين الاعتبار أن الجيش السوري لطالما تم تدريبه وتسليحه من قبل روسيا، ولا يزال يعتمد في بنيته على الأسلحة السوفييتية القديمة. ويأمل الرئيس المؤقت كذلك أن يسهم الدعم الروسي لجيشه في توحيد الفصائل الإسلامية والجهادية المتعددة التي تشكل حالياً قواته المسلحة.


ويشير المركز إلى أن شقيق الشرع الأكبر، ماهر، الذي يدير حالياً ملفات مهمة في الرئاسة السورية، هو المهندس الرئيسي لسياسة دمشق تجاه موسكو، إذ تلقّى تعليمه في روسيا ومتزوج من امرأة روسية تنتمي عائلتها إلى دوائر مقربة من الحكومة الروسية.


ورغم تورط روسيا في قمع الشعب السوري خلال الحرب الأهلية، فقد عرضت الحكومة المؤقتة تعاونها مع موسكو كجزء من "جهد أوسع لتعزيز التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار". كما قدّمت زيارة الشرع إلى موسكو على أنها خطوة أولى نحو تأمين "تسليم بشار الأسد ومسؤولين كبار سابقين" من روسيا إلى دمشق. غير أن أي مؤشرات لا تدل على أن مسألة تسليم الأسد طُرحت خلال اجتماع بوتين والشرع، ومن غير المرجح أن تنظر روسيا في هذا الأمر مستقبلاً.


كما يسعى الرئيس السوري المؤقت إلى "الاستفادة من الوجود الروسي" في البلاد كوسيلة ردع استراتيجية للحد من العمليات الإسرائيلية المستقبلية، ولا سيما في الجنوب. إلا أن هذا التقدير يُبالغ في تقدير نفوذ روسيا، فحتى في عهد الأسد، وبرغم الحضور العسكري الروسي القوي، لم تتردد إسرائيل في استهداف مواقع سورية وإيرانية وحزب الله في أنحاء البلاد.

النهج الأمريكي الحالي تجاه سوريا قد يصب في مصلحة موسكو

سياسة واشنطن تخدم روسيا

وبالإضافة إلى اتفاق التعاون العسكري الذي وقعته سوريا مع تركيا، فإن هذه التطورات مع روسيا توضح الاتجاه الذي ترغب دمشق في سلوكه.


فإذا كانت واشنطن تأمل في إبقاء روسيا على مسافة من سوريا، فإن هذه المهمة باتت أكثر صعوبة. بل إن "النهج الأمريكي الحالي تجاه سوريا، بما في ذلك الرفع غير المشروط للعقوبات، قد يصب في مصلحة موسكو".


ويختم المركز البحثي بأن الولايات المتحدة التي لا تزال تعطي الأولوية لمكافحة الإرهاب في سوريا، وتريد منها أن تكون شريكاً محتملاً في مواجهة فلول تنظيم الدولة الإسلامية، لكن بالنظر إلى العلاقة المتجددة مع روسيا، من الصعب على واشنطن اعتبار دمشق شريكاً موثوقاً به في هذا المجال.

التعليقات

الصنف

سياسة

منشور حديثاً

الأكثر قراءة

تابعنا

مقالات ذات صلة

يستخدم موقع هاشتاغ والمنصات التابعة له ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الموقع، وتقديم محتوى مخصص، وتحليل استخدام الموقع. هل توافق على استخدامنا للملفات لهذه الأغراض؟ يمكنك رفض ذلك، وسنستخدم فقط الملفات الضرورية لتشغيل الموقع.

هاشتاغ بيحكي عنك

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى في مناصرة المواطنين في المنطقة العربية وتمكينهم والدفاع عنهم ونقل أخبارهم وفق المواثيق الأممية والقواعد المهنية

أسّسها محمد محمود هرشو

محمد محمود هرشو

جميع الحقوق محفوظة - Hashtag هاشتاغ © 2015 - 2025