كشفت شبكة “CNN” الأمريكية عن تفاصيل جديدة تتعلق بقضية اختفاء الصحافي الأمريكي أوستن تايس في سوريا منذ عام 2012، أمس الثلاثاء.
وقالت الشبكة إن تايس احتُجز في منشأة تعرف باسم “الطاحونة”، وأن مستشاراً بارزاً للرئيس السابق بشار الأسد أكد أن الأخير أمر بإعدامه.
وذكرت “CNN” أن فريقاً من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) زار في أيلول/سبتمبر الفائت مواقع عسكرية في محيط جبل قاسيون بدمشق، في محاولة للعثور على أدلة تقود إلى مصير تايس.
وجاءت العملية بناءً على معلومات من شهود عدة، من بينهم اللواء بسام الحسن، المستشار المقرب من الأسد، والذي كان يحتجز تايس بعد اعتقاله في آب/أغسطس 2012، بحسب الشبكة الأمريكية.
وأضافت أن الحسن أرشد فريق البحث الأمريكي إلى منشأة تعرف باسم “المركز السوري للدراسات والبحوث العلمية”، التي استُهدفت لاحقاً بضربة إسرائيلية، وهذا أجبر الفريق على مغادرة سوريا بعد 3 أيام فقط من بدء مهمته.
واستجوب الحسن محققون أميركيون في بيروت في نيسان/أبريل الماضي بعد فراره من إيران، وذلك عقب سقوط نظام الأسد.
وقال الحسن في مقابلة أجرتها “CNN” معه في العاصمة اللبنانية بيروت، واستمرت 20 دقيقة، إن الأسد أمر بإعدام تايس، مؤكداً عبر كاميرات خفية: “بالتأكيد، أوستن مات. أوستن مات”.
وأشار الحسن إلى أنه هو من سلّم أمر الإعدام لأحد القياديين في ميليشيا “الدفاع الوطني”.
وعلمت الشبكة الأمريكية أن الرجل المذكور موجود الآن في روسيا. وقد رفض، عبر وسيط، الرد على أسئلة الشبكة.
وأضاف الحسن: “لا أريد حماية بشار الأسد لأنه تخلّى عنا وتركنا”، وتابع: “لا أريد حماية روسيا أو إيران؛ لأن الولايات المتحدة تعتقد أن لروسيا وإيران علاقة بالقضية. وأؤكد لكم أن هذا ليس صحيحاً. هذا يتعلق بالرئيس بشار فقط”.
وقالت الشبكة إن مصادر عدة تحدثت معها ادعت وجود ثغرات في رواية الحسن، موضحة أنه فشل في اختبار كشف الكذب الذي أجراه له مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وأكد التقرير أن الحقيقة لا تزال غارقة في شبكة معقدة من الأكاذيب التي خلّفها نظام الأسد السابق.
ولفت التقرير إلى أن الشبكة تحدثت إلى عشرات المسؤولين السابقين والحاليين والمحققين والشهود في 7 دول مختلفة، معظمهم رفض الكشف عن هويته لدواعٍ أمنية.
ونقلت “CNN” عن الضابط السابق في الاستخبارات الخارجية التابعة للنظام السابق، اللواء صفوان بهلول، قوله إنه استجوب تايس 3 مرات بأمر من الحسن، مؤكداً أنه بدا “شجاعاً ومتعاوناً”.
وقال بهلول في مقابلة موسعة الشهر الماضي، “ذهبتُ إلى مكتب الحسن، فقال لي: لقد ألقينا القبض على صحافي أمريكي. نريد منك استجوابه ومعرفة إن كان مجرد صحفي أم جاسوساً”.
وأضاف بهلول أنه استجوب تايس 3 مرات. متابعاً: “راجعتُ الأسماء وجهات الاتصال في هاتفه، وسألته عن كل اسم. كان متعاوناً. أخبرني إنه ضابط سابق في مشاة البحرية. لم يكن مرتبكاً. كان شجاعاً بما يكفي لمواجهة أمر احتجازه. حتى إننا تحدثنا أحيانا عن الموسيقا”.
كما نقلت الشبكة عن قائد سابق في “الحرس الجمهوري”، والمقيم حاليا في الإمارات غسان نصور، ، قوله إن تايس كان محتجزاً في مجمع “للحرس الجمهوري”، يعرف غالبا باسم منشأة “الطاحونة” التي “لم تكن سجناً رسمياً؛ بل مكان احتجاز مؤقت للجنود المخالفين”.
وأشارت الشبكة إلى أن تايس نُقل لاحقاً إلى منطقة جبلية قرب الحدود اللبنانية؛ إذ صُوّر مقطع قصير يظهر فيه معصوب العينين ومحاطاً برجال يصرخون “الله أكبر”، في محاولة لإيهام العالم بأن متطرفين خطفوه، بينما أكد نصور أن جنود النظام السابق هم من أدوا هذا الدور بتعليمات من الحسن.
واستطاع تايس بعد أسابيع الهروب من “الطاحونة” مستخدماً قطعة صابون ومنشفة لتسلق الجدار، قبل أن يُعتقل مجدداً في حي المزة بدمشق بعد مطاردة واسعة شاركت فيها مختلف الأجهزة الأمنية، بحسب شهادة اللواء بهلول.
وبعد أن تم القبض على تايس، تم جلب بهلول مرة أخرى لرؤيته. وقال بهلول: “شعرت أن التواصل بيني وبينه قد انقطع. كنت أتحدث إليه ولم يجب. كان، بطريقة ما، مكتئباً”، وتابع: “لم أر هذا الرجل مرة أخرى”، حينها تم
نقل تايس إلى مكتب الحسن المقابل للطاحونة. ومن هناك، انقطعت أخباره، وفق قادة عدة في الاستخبارات السورية وميليشيا “الدفاع الوطني”.
وقالت الشبكة وفق روايات نصور وبهلول، كان الأسد يعد تايس ورقة تفاوضية ثمينة مع الولايات المتحدة، لكن محاولته الهروب ربما دفعت الأسد لإصدار أمر بإعدامه.


