هاشتاغ – متابعة
أثار قرار رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، إلغاء عطلة السادس من تشرين الأول/أكتوبر التي كانت تُعد مناسبة وطنية لإحياء ذكرى حرب عام 1973، التي شاركت فيها القوات السورية بجانب المصرية ضد إسرائيل، موجة من الانتقادات والاستهجان في الأوساط المصرية.
كأن النظام السوري يرغب في محو ذكرى السادس من أكتوبر التي شارك فيها علنا ضد العدو الإسرائيلي
"أغرب قرار رئاسي"
قرار الشرع بإلغاء عطلة السادس من تشرين الأول/أكتوبر، تجاوزت تداعياته الحدود السورية لتصل إلى مصر التي ترى في هذا اليوم مناسبة قومية، لا تمس فقط الذاكرة الوطنية، بل تمثل لحظة فارقة في التاريخ العربي.
وبينما لم يصدر أي تعليق مصري رسمي على القرار، فإن وسائل إعلام مصرية تناولت القرار بكثافة، وعبّر عدد من الإعلاميين والمدونين عن استهجانهم واستغرابهم من الخطوة، معتبرين أن إلغاء الاحتفاء الرسمي بذكرى الحرب يُضعف من رمزية التضامن العربي الذي تجسد في تلك اللحظة البطولية، في يوم 6 تشرين الأول/أكتوبر.
ووصف الإعلامي المصري، أحمد موسى، إعادة تنظيم جدول العطل الرسمية في سوريا، بأنه "أغرب قرار رئاسي"، متسائلا: "قرار الشرع لإرضاء من بالضبط؟".
وهو الوصف الذي تبنّته أيضا الإعلامية المصرية، لميس الحديدي، منتقدة القرار، بقولها: "وكأن النظام السوري يرغب في محو ذكرى السادس من أكتوبر التي شارك فيها علنا ضد العدو الإسرائيلي".
وتابعت في حلقة برنامجها مساء الأحد: "ربما تلك هي خيارات المستقبل بالنسبة للنظام السوري، ولكن التاريخ لا يُمحى بقرارات، والتضحيات والشهداء لا تُنسى بإلغاء الإجازة".
واستطردت: "لكلّ اختياراته. أما نحن في مصر، فهذا يوم نصرنا على العدو، وسيبقى كذلك".
سوريا الجديدة تتبنى السردية الإسرائيلية بأن نصر أكتوبر ليس انتصارا
"مُصيبة"
ووجّه الإعلامي نشأت الديهي لوما إلى الرئيس السوري، وقال خلال تقديم برنامجه "بالورقة والقلم" المذاع عبر فضائية "TeN"، مساء الأحد: "سوريا تلغي احتفالات نصر أكتوبر! سوريا الشرع، سوريا الجديدة، سوريا الحرية، تتبنى السردية الإسرائيلية بأن نصر أكتوبر ليس انتصارا".
وواصل: "إلغاء الشرع احتفالات أكتوبر في سوريا مُصيبة تستحق أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون".
وعدَّ المدون والإعلامي، لؤي الخطيب، إقرار الرئيس السوري "عيد التحرير" (يوم وصوله للسلطة)، وفي المقابل قيامه بإلغاء عيد نصر تشرين الأول/أكتوبر: "تناقضا يحمل رسالة واضحة للجميع".
موقف لا يعبّر عن الشعب السوري بكل تأكيد بل عن الشريحة التي ساهمت في الانقلاب على سوريا نفسها
"لا يعبر عن السوريين"
في السياق، قال خبير شؤون الأمن القومي المصري، محمد مخلوف، في تصريحات خاصة لـ شبكة "RT": في الوقت الذي احتفل فيه المصريون والعرب جميعا بذكرى السادس من أكتوبر، ذلك اليوم الذي استعاد فيه العرب عزّتهم ومصر مجدها، خرج النظام السوري بقرار رسمي ألغى فيه اعتبار السادس من أكتوبر عطلة قومية، في سابقة لم تعرفها أي دولة عربية شاركت في معركة العبور".
وأشار الخبير المصري إلى أن "حرب أكتوبر لم تكن نصرا مصريا فحسب، بل كانت نصرا عربيا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى شارك فيه من شارك بالمال أو بالرجال أو بالدعم السياسي والمعنوي، واستعاده الجميع كذكرى تخلّد اتحاد الأمة في لحظة عزّة نادرة".
من جانبه، قال مساعد وزير الداخلية، مدير مكافحة الإرهاب بقطاع الأمن الوطني المصري الأسبق، اللواء عادل عزب، في تصريحات لـ "RT": لم يأت القرار من فراغ، بل سبقه — بأيام قليلة — خروج مظاهرات من مجموعات موالية للنظام السوري أساءت إلى مصر والمصريين، ورغم أن والد أحمد الشرع قدّم اعتذارا عن تلك الإساءات، فإنّ الاعتذار لم يصدر عن الحكومة السورية، وكأن النظام أراد أن يترك الباب مواربا بين الرسالة والموقف، بين الصمت والتواطؤ، ولا يمكن فصل قرار إلغاء الاحتفال عن تلك المظاهرات، فهو ليس مجرد إجراء إداري، بل ترجمة سياسية لموقف متجذّر من مصر ودورها، موقف لا يعبّر عن الشعب السوري بكل تأكيد، بل عن الشريحة التي ساهمت في الانقلاب على سوريا نفسها، فقرّرت أن تنفصل عن تاريخها قبل أن تنفصل عن حاضرها"، على حد وصفه.
وتابع اللواء عزب: "لإخوان المسلمون في مصر — الذين طالما ادّعوا حب الوطن — يسلكون المسار ذاته، فبينما يحتفل المصريون بأعيادهم القومية، يختار الإخوان نفس التوقيت ليحيلوا أفراح الوطن إلى مآتم، وذكرى النصر إلى دماء"، وفق تعبيره.
كما وجّه مدونون نقدا للقرار، لكون ذكرى نصر أكتوبر تعد مناسبة تمثل لحظة نادرة للوحدة العربية، وقال آخرون إنه على الرغم من إلغاء الاحتفال، فإن يوم 6 تشرين الأول/أكتوبر سيبقى في الذاكرة الوطنية العربية، وستبقى بطولات جنود سوريا خالدة في الوجدان العربي المشترك.
وبموجب المرسوم الرئاسي السوري الجديد، الذي انتقده كثيرون لإقصاء العديد من الأعياد القومية والدينية التي تمثل المكونات الأصيلة في المجتمع السوري، بما في ذلك "عيد نوروز" وهو عيد قومي مقدس لدى الشعب الكردي و"عيد أكيتو"، العيد القومي للسريان الآشوريين الكلدان، فقد تمّ إلغاء عطلة "ثورة الثامن من آذار"، و"عيد المعلم"، و"حرب تشرين"، و"عيد الشهداء".


