هاشتاغ - ترجمة
نشر مركز السياسة الخارجية (FPC) مقالاً أشار فيه إلى أول انتخابات برلمانية تشهدها سوريا منذ سقوط بشار الأسد، باعتبارها "عملية معيبة جداً"، حيث إنها لم تلبِّ الحد الأدنى من معايير المشاركة السياسية.
واعتبر المقال أن تلك الانتخابات بدلاً من أن تُعزِّز التحول الديمقراطي، فهي جزء من مركزية أوسع للسلطة التنفيذية من قبل رئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.
وأشار المقال إلى أن الانتخابات أُجريت بموجب المرسوم رقم 143 لعام 2025، الصادر عن مكتب الرئيس الانتقالي، وبدلاً من إنشاء هيئة برلمانية انتقالية، أنشأ هيئة تشريعية تخضع إلى حدٍ كبير للسلطة التنفيذية.
وبموجب أحكامه، يُعيّن الرئيس مباشرة ثلث أعضاء البرلمان، ويختار أعضاء اللجنة العليا للانتخابات — وهي هيئة تنتخب ثلثي أعضاء البرلمان المتبقيين، وتشرف على الانتخابات.
وأكد المقال أنه بهذه العملية، تخضع "العملية الانتخابية" بالكامل لسيطرة الرئيس المباشرة وغير المباشرة.
كما أن أحكام المرسوم المتعلقة بالترشح لا تفي بمعايير المشاركة السياسية.
فهو يسمح باستبعاد المرشحين بموجب مصطلحات فضفاضة وغير محددة مثل "مؤيِّد للنظام السابق" أو الدعوة إلى "الانفصال أو التقسيم أو الاعتماد على قوى أجنبية".
وبحسب المقال الذي نشره مركز الأبحاث ومقرّه في المملكة المتحدة، فإن "هذه اللغة الغامضة لا تُطبّق على أتباع النظام السابق الذين ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم جسيمة أخرى. بل إنها تسمح للسلطة التنفيذية باستبعاد المرشحين بناءً على اعتبارات سياسية"، مؤكِّداً أنها "أداة يمكن استخدامها، وقد استُخدمت في دول أخرى، ضد أحزاب المعارضة ومنتقدي الحكومة".
وفي الواقع، أفاد مرشحون، قبيل الانتخابات، أنهم استُبعدوا بناءً على شهادة شهود مجهولين، وبذلك حُرم هؤلاء المرشحون من الوصول إلى المعلومات التي استند إليها الاستبعاد، ولم يُسمح لهم بالطعن في القرار.
بالإضافة إلى ذلك، لا يضمن المرسوم التمثيل الكافي للنساء والفئات المهمشة الأخرى. في حين تحدِّد المادة 24 حصة لا تقلّ عن 20% للنساء، وهو إجراء غير كافٍ لضمان المساواة الكاملة.
إلى ذلك، يُقوِّض غياب الإدماج الهادف الجهود المبذولة لبناء نظام سياسي تمثيلي حقيقي يُمكّن السوريين من التمثيل الفعلي، ويُعمّق الانقسامات بينهم، بحسب المقال.
الانتخابات التي عُقدت يوم الأحد لم تكن عملية تمثيلية حقيقية فهذه الإجراءات مخالفة واضحة لقرار مجلس الأمن رقم 2254
ماذا تكشف هذه الانتخابات؟
عدّ المقال هذه "الانتخابات الإشكالية" محاولة شفافة لتعزيز مركزية السلطة التنفيذية، مشيراً إلى أنه وبالمثل، يمنح الإعلان الدستوري المُوقَّع في آذار/مارس 2025 الشرع سلطات واسعة لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات.
فهو يقود القوات المسلحة ويرأس مكتب الأمن الوطني، ويُعيّن مجلس الوزراء ونائباً للرئيس وسفراء، ويملك سلطة اقتراح القوانين، وسلطة تعيين كل قاضٍ في المحكمة الدستورية العليا، والحق في إعلان حالة الطوارئ من جانب واحد، وربما القدرة على ممارسة صلاحيات الطوارئ وتعليق حقوق الإنسان في حال عدم إعلان حالة الطوارئ رسمياً.
وبذلك، هناك قدرة محدودة من جانب السلطة التشريعية أو القضائية على العمل كضابط فعّال لتركيز سلطته، وفقاً لوصف المقال.
يجب التحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية ومحلية عبر التصويت المباشر
مخالفة للقرار الأممي 2254!
أشار المقال إلى أنه من الواضح أن الانتخابات التي عُقدت يوم الأحد لم تكن عملية تمثيلية حقيقية، مؤكِّداً أن هذه الإجراءات مخالفة واضحة لقرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي ينص على أن "الحل المستدام الوحيد... هو من خلال عملية سياسية شاملة بقيادة سورية".
وبعد أقل من عام على سقوط النظام السابق، تواجه المرحلة الانتقالية في سوريا تحديات عديدة، مما يجعل احتمال إجراء انتخابات عامة مباشرة في هذه المرحلة غير واقعي.
ومع ذلك، فإن خلق مظهر الحكم التمثيلي من خلال هيئة تشريعية خاضعة لرقابة مشددة ليس هو الحل، بحسب المقال.
بدلاً من ذلك، كان ينبغي على سوريا إنشاء هيئة برلمانية انتقالية ذات اختصاص محدود لمعالجة القضايا العاجلة، بينما تعمل مع الأمين العام للأمم المتحدة ومنظماته المعنية على إجراء "انتخابات حرة ونزيهة ضمن الإطار الزمني الذي اقترحته الأمم المتحدة وهو 18 شهراً"، على حد التوصيف الذي تضمنه المقال.
وتابع: "في غضون ذلك، ينبغي على سوريا إجراء تغييرات على نظامها الانتخابي المؤقت".
وأضاف: "لاحترام مبدأ فصل السلطات وضمان ضوابط فعّالة على السلطة التنفيذية، ينبغي على سوريا إلغاء دور الرئيس الانتقالي في تعيين ثلث أعضاء البرلمان، وإنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات، هيئة لا تخضع لتأثير السلطة التنفيذية".
وشدَّد: "ينبغي على سوريا وعلى نطاق أوسع وضع قيود تشريعية وقضائية على السلطة التنفيذية، والحد من نفوذها الحالي على السلطتين التشريعية والقضائية".
كما ينبغي على سوريا، بحسب المقال، تطبيق إصلاحات لمنع التدخُّل السياسي في الترشُّح للانتخابات. يشمل ذلك إزالة شروط الترشح غير الدقيقة والمقيِّدة، ووضع معايير واضحة وموضوعية، مثل السن والأهلية القانونية.
وأكّد المقال أن "لا يجوز استبعاد المرشح إلا بموجب هذه المعايير، وليس من خلال نظام غير قابل للطعن يمكن التلاعب به لأغراض سياسية".
وشدَّد على أن من الضروري أن تُوائم سوريا كلا من عمليتها الانتقالية وترتيباتها الانتخابية المستقبلية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وكشف المقال أن سوريا صادقت — وأعادت التأكيد على التزامها في الإعلان الدستوري — على عدد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تضمن المساواة في الاقتراع والحق في المشاركة السياسية، مؤكِّداً أنه "من الواضح أن الانتخابات التي أُجريت في 5 تشرين الأول/أكتوبر لم تستوفِ هذه المعايير".
بالإضافة إلى ذلك، أشار المقال إلى أن المجتمع الدولي ينبغي "ألا يغضَّ الطرف عن الوضع السياسي في سوريا لصالح الاستقرار. فبعد عقود من الدكتاتورية، يستحق السوريون عملية سياسية شاملة تُمثّل جميع السوريين وتسمح بمشاركة سياسية حرة ونزيهة".
وشدَّد أنَّه يجب أن تبدأ الجهود نحو التحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية ومحلية عبر التصويت المباشر.
وختم بالقول: "يكفي النظر إلى التحولات الفاشلة في المنطقة — مثل تجربة العراق مع اجتثاث البعث — لفهم مخاطر تفريغ الحياة السياسية والمجتمع المدني تحت ستار الإصلاح".
وأكد: "لتجنّب تكرار مثل هذه الأخطاء، ينبغي للمجتمع الدولي أن يقوم بدوره في التصدي لمحاولات الرئيس الشرع لتعزيز سلطته، وأن يشجّع الحكومة الناشئة على احترام المعايير الدولية للحوكمة والمساءلة والشمول".


