هاشتاغ
بحث

ميديا لاين: المبعوث الأمريكي وعواصم الخليج تعيد ترتيب سوريا ما بعد الأسد

05/11/2025

-المبعوث-الأمريكي-وعواصم-الخليج-تعيد-ترتيب-سوريا-ما-بعد-الأسد

شارك المقال

A
A

هاشتاغ - ترجمة

 

في محادثات المنامة نهاية الأسبوع الماضي، وجّه توم باراك - السفير الأمريكي لدى تركيا، والمقرب من ترامب، والذي برز كأحد أبرز الأصوات المؤثرة في واشنطن بشأن سوريا ما بعد الأسد – رسالة اعتبرتها دمشق وعداً وإنذاراً: "لا توجد خطة بديلة لسوريا - فقط التوحيد".


وبحسب موقع " ذا ميديا لاين "، كشفت هذه الرسالة، التي وُجّهت لجمهور خليجي لا يزال يتأقلم مع سرعة انهيار بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر، عن صراع على من سيُحدّد عودة سوريا إلى النظام الإقليمي. فمن جهة، تقف واشنطن والرياض، مُسلّحتين برأس مال إعادة الإعمار وضمانات سياسية. ومن جهة أخرى، تقف موسكو وأنقرة، اللتان لا تزالان تمارسان نفوذاً أمنياً على خريطة سوريّة مُجزّأة.

 

أكد باراك، الذي أدى منصبه في أنقرة إلى دور تركيا الإقليمي كداعم وحارس للحكومة السورية الجديدة، للوفود أن سوريا "انتقلت من حرب العصابات والإرهاق إلى الحنكة السياسية". 

 

وصف باراك عملية انتقال البلاد بأنها "قفزة من الهاتف العمومي إلى ستارلينك" - دولة يبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة، مستعدة لـ"فرصة جديدة" مدعومة بتوجيه الرئيس ترامب "بمنح هذا الرجل فرصة".

كان يُنظر إلى سوريا فقط من خلال عدسة الحرب أما الآن فقد بدأنا نراها من خلال الأسواق والخدمات اللوجستية والتجارة

دبلوماسية الأعمال

توسّع نفوذه ليتجاوز القنوات الدبلوماسية التقليدية. فخلال الأشهر الأخيرة، عمل باراك على مواءمة المصالح التركية والسعودية بشأن سوريا، جاعلاً نفسه مهندس ما يسميه "نموذج استقرار قائم على الاستثمار".

 

وبحسب الموقع الأمريكي، من أنقرة، نسّق بشكل وثيق مع كل من المسؤولين الأتراك الذين دعموا تقدم المعارضة، وعواصم الخليج التي تقدم الآن تمويلاً لإعادة الإعمار - وهو دور مزدوج جعله بحكم الواقع المسؤول الرئيسي لواشنطن عن إعادة توحيد سوريا سياسياً واقتصادياً.

 

وصف رجل الأعمال السوري الأمريكي عبد الحفيظ شرف، في حديثه إلى "ذا ميديا ​​لاين" من الرياض، شكلاً ناشئاً من دبلوماسية الأعمال التي تربط واشنطن والرياض ودمشق.

 

وقال شرف: "عدتُ منذ فترة قصيرة من سوريا مع مجموعة من المستثمرين الأمريكيين والسوريين الأمريكيين ومديري الاستثمارات الخاصة".

 

وتابع: "التقينا بمسؤولين في دمشق لاستكشاف الفرص في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والأسواق الاستهلاكية. هناك رغبة حقيقية - سوريا أشبه بسوق مجمّد في التسعينيات، ينتظر إعادة فتحه".

 

وكشف شرف أن المملكة العربية السعودية تلعب دوراً مباشراً في تسهيل هذه الاتصالات وتوفير الغطاء السياسي والمالي.

 

وقال شرف: "في مبادرة الاستثمار المستقبلية لهذا العام، وُضعت سوريا في صدارة البرنامج". 

 

وأوضح: يريد ولي العهد محمد بن سلمان من المستثمرين السعوديين إعادة التفاعل، مقدماً ضمانات وتأمينات للعمل بأمان.

 

وبيّن شرف: لا تنظر الرياض إلى هذا على أنه تجارة فحسب، بل "تطبيع من خلال الاقتصاد".

 

وأكد شرف أن مجلس أعمال سعودياً سورياً في طور التشكل، وأن كلاً من ولي العهد محمد ورئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، سيلتقيان مسؤولين أمريكيين في واشنطن لمناقشة العقوبات المتبقية وأطر العمل التجارية المشتركة.

 

وقال شرف: "عندما تجمع رأس المال الأمريكي والغطاء السياسي السعودي والعمالة والموارد السورية، فإنك تُرسي أسس الاستقرار طويل الأمد".

 

ولفت إلى أن "هذا ما يعنيه باراك بالتكامل - إنه ليس تنظير، إنه بيزنس. الأمريكيون يقدمون التكنولوجيا، والسعوديون يقدمون المشاريع والضمانات، والسوريون يقدمون شعباً مستعداً لإعادة الإعمار".

 

وأضاف أنه إلى جانب البنية التحتية، تُعيد هذه الشراكات تشكيل المفاهيم.

 

وقال: "لسنوات، كان يُنظر إلى سوريا فقط من خلال عدسة الحرب والعقوبات. أما الآن، فقد بدأنا نراها من خلال الأسواق والخدمات اللوجستية والتجارة".

 

وتابع: "هكذا يصبح الاستقرار مستداماً - من خلال المصالح المشتركة، وليس الخطابات".

 

 في المنامة، وصف وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني نهج حكومته بأنه دبلوماسية متوازنة - تعاون دون تبعية.

 

وقال: "نريد لسوريا أن تكون دولة فاعلة وكفؤة، بعيدة عن أي تدخل خارجي".

 

وأضاف: "سنحافظ على التزامنا باتفاقية فك الارتباط لعام 1974، ونسعى إلى إطار أمني يُمكّن من إعادة الإعمار، لا إلى فرض وقائع جديدة على الأرض".

 

وأضاف أن زيارة الشرع المقبلة للبيت الأبيض - وهي الأولى لزعيم سوري منذ أكثر من 80 عاماً - ستركز على تخفيف العقوبات وإعادة الإعمار وتنسيق جهود مكافحة الإرهاب.

 

وقال الشيباني: "سوريا بحاجة فقط إلى رفع العوائق - رفع العقوبات - وسيقود السوريون عملية إعادة الإعمار".

 

وفيما يتعلق بإسرائيل، تعهّد بضبط النفس ضمن الحدود القائمة، مشيرًا إلى اتفاقية عام 1974 التي أُبرمت بعد حرب تشرين الأول/أكتوبر والتي أنشأت منطقة عازلة في مرتفعات الجولان. وقد صُممت لغة خطابه بعناية - فلم تقبل الوجود الإسرائيلي الموسع ولا تهدد بالمواجهة.

الجميع يريد عودة سوريا إلى النظام الإقليمي ولكن بشروطه الخاصة

مستقبل سوريا

برزت الرؤية الخليجية لمستقبل سوريا بشكل أوضح من خلال تصريحات وزراء سعوديين وإماراتيين ربطوا فيها إعادة الإعمار بالاستقرار والسيادة.

 

صرّحت الدكتورة منال رضوان، نائبة وزير الخارجية السعودي، قائلة: "سوريا موحدة، خالية من التدخل الخارجي، لا تزال ضرورية لاستقرار بلاد الشام. ولكي تواجه كل من سوريا ولبنان التحديات الجسيمة المقبلة، يجب على إسرائيل الانسحاب من الأراضي السورية واللبنانية مع الاحترام الكامل للقانون الدولي والسيادة الدولية".

 

وأضاف أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة: "بالنظر إلى ما شهدناه في ديسمبر من العام الماضي من سقوط نظام الأسد في سوريا، فإن الطريق الوحيد المستدام للمضي قدماً هو طريق متجذر في الشراكة والتعاون الإقليمي والتكامل الاقتصادي والحوار السياسي الذي يتجاوز الخصومات".

 

وبحسب الموقع الأمريكي، كشفت تصريحاتهما عن التوازن الذي تسعى عواصم الخليج إلى الحفاظ عليه: دعم الحكومة السورية الجديدة مقترناً بالإصرار على الإصلاح المؤسسي.

 

كما ربط الوزيران الاستثمارات الخليجية المستقبلية بحوكمة شفافة وإدارة موثوقة في دمشق، مشيرين إلى أن إعادة التأهيل السياسي ستعتمد على أداء اقتصادي قابل للقياس.

 

المحلل السوري أيمن عبد النور، مؤسس منصة "كلنا شركاء في سوريا" قال لـ "ذا ميديا ​​لاين" من دبي، إن دمشق تُدرك أن تصريحاتها بالحياد ستُختبر.

 

 وقال عبد النور: "في النهاية، دمشق هي من تُحدد تحالفاتها. الحكومة تُريد (صفر مشاكل) وألا تكون جزءاً من أي محور، كما يُكرر الرئيس الشرع ووزير الخارجية".

 

 وأشار إلى سلسلة من الزيارات الخارجية الهادفة إلى تحقيق التوازن: "يزور الشرع واشنطن في تشرين الثاني/نوفمبر، ثم يزور وزير الخارجية البرازيل ولندن وبكين بعد زيارة الرئيس الأخيرة إلى روسيا. هذا هو النمط السائد - إشراك جميع القوى الكبرى دون الانحياز حصرياً لأي منها".

 

ووفقاً لعبد النور، فإن الاختبار الحقيقي يكمن في مدى قدرة هذا التوازن على الصمود في وجه مساعي باراك "للتكامل" والاستثمارات الخليجية المشروطة.

 

وقال: "الجميع يريد عودة سوريا إلى النظام الإقليمي، ولكن بشروطه الخاصة".

يتمتع الشرع بموقع متميز ولهذا السبب سيواصل استغلال رعاته المتعددين ضد بعضهم البعض

"نهج حافظ الأسد"

أشار مالك العبدة، رئيس تحرير مجلة "سوريا في مرحلة انتقالية"، للموقع الأمريكي من لندن، إلى أن مبادرة باراك تُحوّل سوريا فعلياً إلى ساحة اختبار للنموذج الأمريكي الخليجي لدبلوماسية إعادة الإعمار.

 

وأضاف العبدة: "سوريا لا تُدمج فقط في بنية ما بعد إيران، بل تُصبح إحدى دعائمها الرئيسية. ولهذا السبب يتمتع الشرع بموقع متميز - ولهذا السبب سيواصل استغلال رعاته المتعددين ضد بعضهم البعض".

 

 ووصف هذا النهج بأنه "نهج حافظ الأسد المُحدّث لعالم متعدد الأقطاب". فقد كان حافظ الأسد، الذي حكم سوريا من عام 1971 حتى وفاته عام 2000، معروفاً بلعبه على قوى الحرب الباردة العظمى ضد بعضها البعض للحفاظ على استقلال سوريا.

 

وقال العبدة: "حتى الآن، حافظ الشرع على رهاناته وسيواصل ذلك".

 

وأضاف: "المسار الروسي التركي والغطاء العربي من السعودية سمحا له بمقاومة مطالب إسرائيل الأكثر صرامة. حتى الولايات المتحدة لن تحصل دائماً على ما تريد".

المال الخارجي وحده لا يشتري السيادة أو الاستقرار

أزمة سوريا الداخلية

لكن من داخل سوريا، يصطدم الزخم الدبلوماسي بحقائق أكثر صعوبة على الأرض. وصرح جعفر خضور، الأكاديمي والسياسي السوري، لـ "ذا ميديا ​​لاين" بأن السيادة لا تزال مقيدة بجهات خارجية.

 

وقال خضور: "سيادتنا اليوم لا تمتد إلا بقدر السيطرة والسلطة. القوى الخارجية تُدير جميع الملفات الرئيسية - الأمريكيون والفرنسيون في الشمال الشرقي، وتركيا في الشمال، وإسرائيل عبر الحدود الجنوبية".

 

ويعتقد خضور بأن الرعاية الأجنبية تعكس أنماطاً لطالما ميّزت السياسة السورية. وقال: "نجا حافظ الأسد من خلال الموازنة بين واشنطن وموسكو، بينما اعتمد بشار على موسكو وطهران". وأضاف: "الآن، تُحافظ تركيا على النظام كجزء من رؤيتها التوسعية، معتبرة سوريا أرضاً خصبة للفرص الجديدة".

 

وأشار خضور إلى الضغوط الاقتصادية التي تُهدد بتقويض التفاؤل المُحيط بالاستثمارات الخليجية. فقد قفزت تكاليف الكهرباء 60 ضعفاً منذ المرحلة الانتقالية، بينما لا تزال البطالة منتشرة على نطاق واسع، وبالكاد يصل الإنتاج الزراعي في المناطق الشرقية مثل دير الزور إلى ربع مستويات ما قبل الحرب.

 

وقال خضور: "ارتفعت الأسعار إلى مستويات غير منطقية، وتستمر تكاليف الكهرباء في الارتفاع".

 

وأضاف: "تستثمر الدولة بكثافة في البنية التحتية للطاقة، لكنها تُجبر المواطنين - العاطلين عن العمل أو الذين يتقاضون أجوراً زهيدة - على تحمل العبء".

 

ونوّه: "يجب أن يبدأ الإصلاح من قاعدة الهرم، لا من جيوب المواطنين".

 

وفيما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل، أبدى خضور تشككه، مشيراً إلى أنه "على الأغلب، قد تكون هناك ترتيبات أمنية محدودة. إسرائيل تستغل تهديد المتطرفين لتبرير بقائها في الجنوب".

 

وبيّن: "العقوبات المرتبطة بالتطبيع كالسيف على أعناق السوريين، مما يدفع دمشق إلى التنازل قبل حل أزماتنا الداخلية."

 

وبحسب الموقع الأمريكي، فإن تقييم خضور للحكومة الجديدة دقيقاً ومُتزناً، حيث قال: "ما يُسمّى دبلوماسية متوازنة هو عدم نضج سياسي ما لم تبنى الأسس الوطنية من الداخل".

 

وحذّر خضور من أن التحول الأخير في سوريا "جاء نتيجة توازن القوى الخارجية، وليس نتيجة إرادة سورية"، مضيفاً أن القيادة "تُركّز على تلميع صورتها في الخارج بينما تستمر الحياة اليومية في الداخل في التدهور."

 

يُقدّر الاقتصاديون أن تكلفة إعادة إعمار سوريا ستتراوح بين 250 مليار و400 مليار دولار، مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الآن إلى أقل من ثلث مستواه في عام 2010.

 

قامت السعودية وقطر بتسوية متأخرات دمشق وتعهدتا بدعم رواتب موظفي القطاع العام، بينما أعلنت الرياض عن مشاريع في مراحلها الأولى بقيمة 6 مليارات دولار في قطاعات الطاقة والإسكان والاتصالات.


بحسب الموقع الأمريكي، يُمثل هذا لبراك جوهر رؤيته "السلام من خلال الربح". لكن سوريين مثل خضور يُحذرون من أن المال الخارجي وحده لا يشتري السيادة أو الاستقرار.

 

ومن تفاؤل شرف في مجلس الإدارة إلى منطق عبد النور المُوازن وحذر العبدة من مناورات القوى العظمى، تشترك جميع الأصوات في سؤال واحد: هل يُمكن للتوحيد المدعوم من الخارج أن يُخفف العبء عن السوريين أنفسهم؟

 

ومستشهداً بتصريحات وزير الخارجية السوري: "سوريا تحتاج فقط إلى إزالة العوائق - وسيقود السوريون إعادة الإعمار"، يختتم الموقع الأمريكي بالإشارة إلى أن سماح القوى الإقليمية لهذا الاستقلال بالاستمرار قد يُحدد ما إذا كان الفصل الجديد في سوريا نهضة - أم مجرد اصطفاف جديد لطموحات قديمة.

التعليقات

يستخدم موقع هاشتاغ والمنصات التابعة له ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الموقع، وتقديم محتوى مخصص، وتحليل استخدام الموقع. هل توافق على استخدامنا للملفات لهذه الأغراض؟ يمكنك رفض ذلك، وسنستخدم فقط الملفات الضرورية لتشغيل الموقع.

هاشتاغ بيحكي عنك

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى في مناصرة المواطنين في المنطقة العربية وتمكينهم والدفاع عنهم ونقل أخبارهم وفق المواثيق الأممية والقواعد المهنية

أسّسها محمد محمود هرشو

محمد محمود هرشو

جميع الحقوق محفوظة - Hashtag هاشتاغ © 2015 - 2025