كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن آلاف المقاتلين الأجانب الذين ساهموا في إسقاط نظام بشار الأسد باتوا اليوم يشكّلون تحديًا كبيرًا لحكام سوريا الجدد، وسط ضغوط شعبية ودولية متزايدة لإخراجهم من المشهد العسكري والسياسي، بسبب الاشتباه في ضلوع بعضهم بجرائم قتل ذات طابع عرقي وفكري.
وقالت الصحيفة إن هؤلاء المقاتلين، الذين قدموا من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأوروبا، لعبوا دورًا حاسمًا في السيطرة على العاصمة دمشق في ديسمبر/كانون الأول الماضي، غير أن وجودهم اليوم – خصوصًا أولئك ذوي التوجهات الإسلامية المتشددة – يضع الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع أمام معضلة حقيقية: الاحتفاظ بحلفاء قاتلوا إلى جانبها أو التخلص منهم لتأمين شرعية سياسية أوسع.
وتحدثت الصحيفة عن حالة المقاتل الأوزبكي محمد ظفر (20 عامًا)، الذي انضم لكتيبة "الغرباء"، وهي تشكيل إسلامي يضم مقاتلين أجانب من آسيا الوسطى. شارك ظفر في معارك حاسمة إلى جانب "هيئة تحرير الشام"، ويأمل اليوم في الانضمام للجيش السوري الجديد، مؤكداً أنه جاء من أجل "الجهاد"، ومستعد للبقاء "حتى الشهادة".
إلا أن خطابًا كهذا يُقلق الشارع السوري، ويُعقد مهمة الحكومة الجديدة التي تسعى – وفق الصحيفة – إلى إظهار نفسها كحكومة شاملة وغير طائفية، بعدما وعد الشرع بنفسه بمنح الجنسية لبعض المقاتلين الأجانب "كمكافأة"، وفق تصريحات سابقة له.
الولايات المتحدة، من جهتها، تضغط علنًا باتجاه إقصاء هؤلاء المقاتلين. ونقلت الصحيفة عن تيم ليندركينغ، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، تأكيده في 24 نيسان/أبريل أن على الحكومة السورية الجديدة "ضمان عدم وجود أي دور للمقاتلين الإرهابيين الأجانب لا في الحكومة ولا في الجيش".
وأضاف التقرير أن بعض المقاتلين عُيّنوا بالفعل في مناصب عسكرية عليا بعد سقوط دمشق، بينهم عناصر من الأردن ومصر وتركيا، وهو ما يثير تساؤلات عن حدود نفوذ هؤلاء في مفاصل الدولة الجديدة، واحتمال انقلابهم على الحكومة إذا تراجعت عن التزاماتها الأيديولوجية أو دفعتهم للعودة إلى بلدانهم التي قد تطاردهم قضائياً.
في المقابل، يعترف حتى بعض المنتقدين المحليين بأن عملية إخراجهم قد تكون شديدة التعقيد، وأن تصفيتهم أو طردهم دون ضمانات دولية قد يدفعهم للتمرد أو الالتحاق بجبهات أخرى مثل أفريقيا.
ويأتي هذا التوتر المتزايد حول ملف المقاتلين الأجانب بينما تحاول الحكومة الانتقالية كسب الاعتراف الدولي، وتواجه في الوقت نفسه ضغوطاً من الداخل السوري الذي لا يزال يعاني من الانقسامات والإرث الدموي للصراع.