قال مصدر أمريكي مطّلع إن قرار الرئيس دونالد ترامب برفع العقوبات المفروضة على سوريا لم يكن خطوة مفاجئة أو ارتجالية؛ بل جاء بعد أشهر من المشاورات والاتصالات الهادئة داخل الإدارة الأمريكية ومع أطراف إقليمية، على رأسها المملكة العربية السعودية وتركيا.
وأوضح المصدر لشبكة "سي إن إن" أن الإدارة ناقشت مطولاً مسألة تخفيف العقوبات، كما أُجري الترتيب للقاء رفيع المستوى بين ترامب ورئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، مضيفاً أن توقيت إعلان رفع العقوبات فاجأ بعض المسؤولين في واشنطن بسبب سرعته.
وكشف مصدر آخر أن الحكومة التركية كانت بعلم مسبق بالجهود الجارية لتهيئة الأجواء السياسية لرفع العقوبات، وأنها أبدت دعمها الصريح لهذه الخطوة، ضمن تنسيق إقليمي أوسع.
وفي منتدى الاستثمار الأمريكي السعودي الذي أُجري في الرياض، قال ترامب: "آن الأوان لمنح سوريا فرصة... نتطلع إلى إعادة بناء العلاقات بناء يحترم مصالح الطرفين". وأكد أن قراره جاء تلبيةً لطلب مباشر من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي وصفه بـ"الصادق في مساعيه لمساعدة الشعب السوري".
من جهته، قال وزير الخارجية ماركو روبيو إن وزارة الخزانة الأمريكية ستُصدر في الأسابيع المقبلة إعفاءات عامة من العقوبات، تشمل قطاعات حيوية في الاقتصاد السوري، من بينها الطاقة، والإسكان، والخدمات العامة، وذلك تمهيداً لانطلاق مشاريع إعادة الإعمار.
وأضاف روبيو أن الإدارة الأمريكية تعمل حالياً لمراجعة فنية معقدة للإطار القانوني للعقوبات، موضحاً أن إلغاء قانون "قيصر" لا يزال مبكراً، لكن الإعفاءات ستكون متجددة كل 180 يوماً، وفق مدى التزام الحكومة السورية المعايير المتفق عليها.
وأكدت وزارة الخزانة أن لا قيود قانونية تحول دون إصدار مثل هذه الإعفاءات، لكنها تتطلب تنسيقاً داخلياً واسعاً، مشيرة إلى أن العقوبات لن تُرفع بالكامل حالياً، لكن الطريق أصبح مفتوحاً أمام استثمارات ومساعدات دولية متوقفة منذ 2011م.
وكان رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع قد التقى ترامب في الرياض يوم الأربعاء الماضي، في اجتماع استمر أكثر من نصف ساعة، وأُجري فيه بحث خارطة الطريق الاقتصادية ما بعد العقوبات. ووصف الشرع القرار بأنه "تاريخي وشجاع"، مشيراً إلى أن الشعب السوري سيكون أول المستفيدين من هذه الخطوة.
ورحبت الحكومة السورية بالإعلان، معتبرة أنه يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي، في حين أعلنت المملكة العربية السعودية وقطر سداد ديون سوريا المستحقة للبنك الدولي، وهذا يؤهل دمشق مجدداً للحصول على منح ومشروعات تنموية.