لم يعني سقوط نظام الأسد أن الحريات الشخصية في سوريا باتت محفوظة ومصونة، بل إن مشاهد القمع والتعدي على الأفراد بسبب اختياراتهم الشخصية باتت أكثر تواتراً، وهو ما تؤكده حادثة اعتقال الصحفي عبد الرحمن الكحيل في مدينة حمص، في مشهد أعاد للأذهان صورة الانتهاكات الأمنية التي لطالما ارتبطت بالحكم الأمني المطلق، وإن تغيرت بعض الوجوه.
عبد الرحمن الكحيل، المعروف بنشاطه الإعلامي والصحفي، والمعروف بكونه أحد الثوار القدماء، كان يقود سيارته برفقة خطيبته عندما أوقفته دورية تابعة للأمن العام، لتبدأ سلسلة من الإهانات والاتهامات، تخللتها عملية اعتقال واعتداء جسدي بحجة أنه لا يحمل وثيقة "تثبت" طبيعة علاقته بالشابة التي كانت برفقته.
وأشارت المصادر الحقوقية والإعلامية التي تابعت القضية، إلى أن الكحيل اقتيد إلى مركز أمني حيث تعرض للضرب المبرح، ما تسبب بكسر في كف اليد اليمنى، وثقب في غشاء طبلة الأذن، وكدمات في مناطق متفرقة من جسده.
وبحسب ما نقله المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الاعتداء لم يقتصر على الجانب الجسدي، بل تخلله تهديدات صريحة للكحيل بعدم التحدث للإعلام أو تقديم شكوى بحق المعتدين، وإلا فإن عليه "تحمّل النتائج".
الواقعة أعادت إلى السطح أسئلة كثيرة حول طبيعة "الحرية" التي تعهد النظام السوري الجديد بصونها وفقاً لمبادئ الإعلان الدستوري، ومدى احترام السلطات للحياة الخاصة للمواطنين، في وقت تتزايد فيه التقارير عن انتهاكات فردية وجماعية تمارسها الأجهزة الأمنية أو مجموعات مسلحة تابعة لها.
وفي هذا السياق، أعرب ناشطون سوريون على وسائل التواصل الاجتماعي عن تضامنهم مع الكحيل، مؤكدين أن الحادثة تعكس تصاعداً خطيراً في سلوك الأجهزة الأمنية تجاه الصحفيين والمدنيين على حدّ سواء.
يُذكر أن الحادثة لم تلقَ أي تعليق رسمي من وزارة الداخلية أو الجهات الأمنية، كما لم تُعرض عبر الصفحات الرسمية للأجهزة المختصة، ما زاد من حدة الغضب الشعبي في الداخل السوري، خصوصاً في ظل تكرار مثل هذه الاعتداءات.