أكد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن الدغيم، أن ما تشهده بعض المناطق السورية من توترات أمنية لا يعكس حالة فلتان كما تُصورها بعض وسائل الإعلام، بل يأتي ضمن سياق أمني منضبط وإجراءات مدروسة تتخذها الدولة السورية لإعادة بسط سيادتها على كامل الجغرافيا.
وأشار الدغيم، في تصريحات لاستديو الأخبار في "هاشتاغ"، إلى أن التصريحات الحكومية الأخيرة التي تحدثت عن وجود "فصائل غير منضبطة" في الساحل أو في أشرفية صحنايا لا تعني وجود انفلات أمني، بل تعكس حالة مواجهة حقيقية مع جهات مسلحة خارجة عن القانون.
وأكد أن الأداء الأمني كان متقدماً جداً، سواء في جرمانا أو في مناطق ريف دمشق الأخرى، حيث تم التعامل مع الموقف بحرفية عالية على المستويين الميداني والإعلامي.
وعن موقف مجلس الإفتاء الأعلى، أوضح الدغيم أن المجلس ليس جهة تنفيذية، بل هيئة علمية مرجعية تعمل على ترسيخ الوفاق الوطني وضبط الخطاب الديني. وأشاد ببيان المفتي العام للجمهورية، الشيخ أسامة الرفاعي، الذي دعا فيه إلى وقف الفتنة وحصر السلاح بيد الدولة، محذراً من خطورة الانجرار وراء دعوات الفوضى.
واعتبر الدغيم أن السؤال الأهم اليوم لا يتعلق بموقف مجلس الإفتاء، بل بوجود سلاح خارج سلطة الدولة. وتساءل: "لماذا هناك فصائل مسلحة في جرمانا أو السويداء؟ هل السويداء عاصمة الجمهورية؟ هل فيها وزارة دفاع أو داخلية؟"، مشدداً على ضرورة دمج كافة الفصائل ضمن وزارة الدفاع تحت سلطة الدولة.
وكشف عن جهود كبيرة تبذلها وزارة الدفاع السورية لإعادة تنظيم الفصائل وتفكيكها، مشيراً إلى أن مؤتمرات النصر كانت محطة هامة لإدماج العديد من الفصائل مثل الجيش الوطني وفصائل الجبل الوطنية، فيما لا تزال بعض الفصائل في السويداء وجرمانا بحاجة إلى استكمال عمليات الدمج.
وأكد الدغيم أن الدولة السورية تعمل تحت ظروف صعبة جداً، بفعل العقوبات الاقتصادية والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، مشيراً إلى أن إسرائيل تحاول استغلال التوترات الطائفية والعرقية لتمرير مشاريع تقسيمية في سوريا ولبنان، محذراً من دعوات الحماية الدولية التي اعتبرها بوابة لتفتيت البلاد.
وقال إن "من يؤمن بالدولة السورية وعلمها وسيادتها فهو من أبناء هذا الوطن، أما من يدعو لتدخل خارجي ويحتمي بإسرائيل فعليه أن يراجع انتماءه الوطني"، مشدداً على أن إسرائيل لا تحمي أحداً، بل تسعى لتفكيك الدول الوطنية وتحويل المنطقة إلى كونتونات عرقية وطائفية.
ورفض الدغيم الحديث بلغة الأقليات والأكثريات، مؤكداً أن الدولة السورية تسع الجميع، مشيداً بجهود شباب السويداء وجرمانا ورجال الكرامة الذين يتعاونون مع الدولة والأمن العام، ضمن صيغة تشاركية تمهد لإعادة بناء مؤسسات الدولة.
وأشار إلى أن تجربة الساحل السوري، رغم كل ما رافقها من تحديات، أظهرت أن الدولة قادرة على فرض النظام متى توفرت الإرادة والقدرة، وأن العدالة الانتقالية قادمة لا محالة، وستشمل المحاسبة وكشف الحقيقة وتعويض المتضررين.
وفيما يتعلق بما حدث مؤخراً في قرية الصورة الكبيرة، أوضح الدغيم أن أي خروقات لا تعني فشل الاتفاقات، بل تتطلب مزيداً من التنسيق، داعياً إلى التعاون مع الوجهاء والنقباء والمراجع الدينية لضبط أي تجاوزات.
وختم حديثه بالتأكيد على أن سوريا، رغم كل ما تمر به، لا تزال قادرة على حماية أبنائها، وأن مشروعها الوطني سيبقى هو الخيار الأوحد لكل من يؤمن بوحدة سوريا واستقلالها وسيادتها.