أكد الصحفي والناشط في المجتمع المدني، رواد بلان، أن الاتفاق الذي جرى الإعلان عنه مؤخراً بين القوى المجتمعية والروحية في السويداء والسلطة في دمشق ليس اتفاقاً جديداً، بل هو امتداد لملف يتم العمل عليه منذ أسابيع.
وأشار بلان، في تصريحات لاستديو الأخبار في "هاشتاغ"، إلى أنه بالفعل تمّت إعادة المئات من عناصر الشرطة وضباطها إلى أماكن خدمتهم، كما تم تعيين قائد شرطة من محافظة درعا بناءً على طلب أهالي السويداء.
وأوضح أن الإعلان الأخير عن الاتفاق جاء نتيجة الرغبة في استكمال ما لم يُنجز سابقاً، وليس لأنه يحمل مضموناً جديداً، لكن التجييش الطائفي ضد الدروز مؤخراً، نتيجة تسجيلات مفبركة وخطب من منابر دينية دعت للجهاد ضدهم، أدى إلى تعطيل هذا المسار، وعرقل جهود بناء الدولة والتواصل المؤسسي بين السويداء ودمشق.
وفيما يتعلق بالقصف الإسرائيلي الذي استهدف عدة مواقع في سوريا، اعتبر بلان أن ما تقوم به إسرائيل ليس جديداً، فهي تستبيح الأجواء والأراضي السورية منذ سنوات، والسبب الرئيس لذلك هو غياب هيئة حكم انتقالي شاملة تضم جميع مكونات الشعب السوري.
وأضاف: "السلطة الحالية غير قادرة على بناء حكم مؤسسي وعسكري محترف، وهذا ما يفتح الباب أمام التدخلات الخارجية. أي دولة ضعيفة لا تستطيع الدفاع عن نفسها ستكون عرضة للاختراق من كل الأطراف".
وشدّد على أن قوة سوريا يجب أن تأتي من وحدة الصف الداخلي، وليس من شرعيات مستوردة من دول إقليمية أو دولية، لافتاً إلى أن القوى المتنازعة وعلى رأسها السلطة لا تزال غافلة عن مصالح الداخل السوري.
وعن سبب اشتراط أن تكون قوى الأمن الداخلي من عناصر السلك السابقين، أوضح بلان أن هناك قناعة لدى أهالي السويداء وقياداتهم بأن الشرطة والقضاء والمؤسسة العسكرية يجب أن تدار من قبل محترفين.
وقال: "لا يمكن للفصائل المسلحة، بكل أشكالها ومن مختلف المكونات، أن تضبط الأمن أو تطبق القانون. عناصر الشرطة وضباطها هم خريجو كلية الحقوق وخضعوا لدورات تخصصية طويلة، ويمتلكون المعرفة القانونية الضرورية".
وأضاف: "ما كان ينقص هذه المؤسسات هو بعض الرقابة والانضباط، وإذا توفرت، فهم الأقدر على إدارة الأمن. لا يمكن الاعتماد على عناصر الفصائل، لأن أغلبهم يفتقرون للخبرة والكفاءة القانونية، وغالبيتهم من غير المتعلمين".
وأشار إلى أن الإصلاح الذي دعا إليه الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، كان واضحاً: جهاز الشرطة والجهاز العسكري يجب أن يُبنى من أبناء السويداء المحترفين، ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء.
وأضاف: "ما شهدناه من انتهاكات خلال الأشهر الماضية، سواء في السويداء أو حتى في دمشق وريفها، سببه الانفلات الأمني وغياب الانضباط في صفوف الفصائل".
وتحدث بلان عن تجربة تاريخية مشابهة، قائلاً: "تجربة الخمير الحمر في تحويل الفصائل إلى جيش كانت كارثية، لأن هذه الفصائل بنيتها عقائدية متشددة، ولا يمكن أن تكون محايدة أو على مسافة واحدة من جميع السوريين."
ودعا إلى العودة لبناء مؤسسة عسكرية من ضباط وعسكريين محترفين سوريين، تقود عملية بناء الجيش في المرحلة القادمة.
وعن البند الأخير في الاتفاق، الذي ينص على اعتبار أي إعلان أحادي يخالف بنود الاتفاق بمثابة خرق له، اعتبر بلان أن ذلك يعكس بوضوح حالة انعدام الثقة.
وقال: "الثقة اليوم في أدنى مستوياتها، ليس فقط بين الدروز والسلطة، بل بين كل مكونات الشعب السوري وبين السلطة الحالية، خاصة في ظل ممارساتها المشابهة لممارسات السلطة السابقة".
وأوضح أن السلطة لا تزال تعتمد على بعض الشخصيات الصغيرة والمجموعات الهامشية، وتحاول تمرير الاتفاقات عبرها، مما يضعف مصداقية الاتفاق ويثير شكوك المجتمع المحلي.
وأشار إلى أن هناك توافقاً بين القيادات الدينية والمجتمعية والسياسية والمدنية في السويداء على أن يكون هناك باب واحد للتفاوض وباب واحد للتنفيذ، لضمان الاستقرار وديمومة الاتفاقات.
وختم بالقول: "أي محاولة لتخريب الملفات التفاوضية أو تشويش على جهود بناء المؤسسات في السويداء تُلحق الضرر أولاً بالسلطة، وثانياً بالمجتمع، ويجب وقفها فوراً".