تُعد سوريا المكان الأكثر تضررا بالألغام الأرضية في العالم، بحسب ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن "مجموعة استشارات الألغام"، في إشارة إلى عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن هذه المتفجرات.
و"مجموعة استشارات الألغام" هي منظمة تعمل على العثور على الذخائر غير المنفجرة، التي يتم تركها بعد الصراع وتدميرها، وفقا للصحيفة.
ووصفت الصحيفة مهمة إزالة الألغام بالصعبة والخطيرة وقد تحتاج إلى عشرات السنين، مرجحة أن تبقى الألغام عالقة تحت الأنقاض، وعلى طول الطرق وعبر الأراضي الزراعية، ما يعوق عودة الحياة إلى طبيعتها.
وفي حين يُرجّح الخبراء وجود مئات الآلاف من الألغام والذخائر غير المنفجرة في سوريا، تُشكل هذه المتفجرات خطرا متزايدا في أعقاب انهيار نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
ووسط هدوء نسبي في ظل الحكومة الانتقالية، ومع عودة النازحين السوريين إلى مناطق كانت في السابق غير صالحة للسكن بسبب القتال، وقع المئات ضحايا لمخلفات النزاع من المتفجرات.
الأراضي المحيطة بالرقة، مليئة بالألغام الأرضية والذخائر العنقودية وغيرها من العبوات الناسفة
تقديرات مرعبة
وقالت مفيدة مجثو، مديرة فنية ميدانية للمجموعة، إن الأراضي المحيطة بالرقة، التي كانت بؤرة اشتعال متكررة في الحرب السورية، التي استمرت قرابة 14 عاما، مليئة بالألغام الأرضية والذخائر العنقودية وغيرها من العبوات الناسفة.
وذكرت الصحيفة أنه على مدى عدة سنوات شنّت الحكومة السورية حملة قصف مكثفة استهدفت المراكز السكانية، التي تسيطر عليها الجماعات المتمردة السورية، وكما قصفت الولايات المتحدة أهدافا لتنظيم "داعش" في جميع أنحاء البلاد، ما أسهم على الأرجح في زيادة عدد الذخائر غير المنفجرة.
وفي حين يمكن إرجاع العديد من الألغام الأرضية والعبوات الناسفة المرتجلة المنتشرة في جميع أنحاء سوريا إلى تنظيم "داعش"، الذي سيطر على مساحات شاسعة من الأراضي في البلاد، التي خسر معظمها بحلول عام 2017، خلّفت الفصائل التي تقاتل كلا من "داعش" ونظام الأسد وراءها أيضا عددا لا يحصى من المتفجرات.
ونقلت الصحيفة عن "المجموعة الاستشارية للألغام"، قول الأخيرة إن أكثر من 900 شخص قُتلوا أو أُصيبوا بسبب الذخائر غير المنفجرة منذ الإطاحة بالأسد في الـ8 من شهر كانون الأول/ديسمبر 2024.
ولفتت الصحيفة إلى أنه قبل بضعة أسابيع فقط اكتشف الفريق حقل ألغام جديد في الرقة يبلغ عرضه نحو 130 قدما وطوله 3.7 ميل على الأقل.
ووفقا لاستشاري الألغام في المجموعة، جون براون، يبدو أن متوسط عدد الألغام الأرضية يبلغ نحو ثلاثة ألغام لكل متر مربع.
وعلى الرغم من أنه لم يجري أي مسح منهجي لتحديد الحجم الدقيق لمشكلة الذخائر غير المنفجرة والألغام في سوريا، لكن حتى التقديرات التقريبية مُريعة.
وربما لم تنفجر ما بين 100 ألف و300 ألف ذخيرة خلال حملة قصف نظام الأسد وحدها، وفقا لتقرير صادر عن مركز "كارتر" في شهر آذار/مارس من عام 2022، إلا أن الصحيفة رجحت أن يكون "العدد أعلى من ذلك بكثير".
ويُضيف معدو تقرير "كارتر" أن " إزالة 86,000 قطعة من الذخائر غير المنفجرة من موزمبيق استغرقت 23 عاما".
ونوهت الصحيفة بأن جهود المجموعة في سوريا تُموّل بشكلٍ رئيس من الولايات المتحدة، من خلال مكتب إزالة الأسلحة والحد منها التابع لوزارة الخارجية، ومن الوكالة النرويجية للتعاون الإنمائي.
ولفتت إلى أنه في حين تُكلف صناعة وزراعة الألغام والعبوات غير التقليدية مبالغ بسيطة نسبيا، تُكلف إزالتها، علاوة على الخطر، مبالغ طائلة جدا، مبيّنة أن المجموعة تتوقع لتوسيع نطاق عملياتها في جميع أنحاء سوريا أنها ستحتاج إلى زيادة مستوى تمويلها من المعدل الحالي البالغ 6 ملايين دولار إلى 25 مليون دولار سنويا.
