كشفت صحيفة نيويورك تايمز، استناداً إلى برقيات دبلوماسية أميركية مسربة، أن سوريا دخلت ضمن قائمة تضم 51 دولة تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإقناعها باستقبال مهاجرين مُرحّلين من الولايات المتحدة، حتى لو لم يكونوا من مواطنيها. ووصفت الصحيفة هذا التوجه بأنه يمثل "حملة غير مسبوقة لترحيل مهاجرين إلى دول ثالثة"، بعضها يعيش حروباً أو يواجه اتهامات واسعة بانتهاك حقوق الإنسان.
وتسعى إدارة ترامب من خلال هذه الخطة إلى "إفراغ البلاد من المجرمين والمعادين لأميركا"، وفق تعبير المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي تريشا مكلولين، التي قالت إن "كلما كانت وجهة الترحيل أبعد، كان ذلك أفضل". إلا أن الوثائق الرسمية، بحسب الصحيفة، توضح أن عدداً كبيراً من المرحلين لم يرتكبوا جرائم، ولا تربطهم أي صلة بالبلدان التي يُقترح ترحيلهم إليها، بما في ذلك سوريا.
سوريا.. من بلد لجوء إلى وجهة ترحيل
في إحدى البرقيات المؤرخة في 12 آذار/مارس الماضي، أُدرجت سوريا ضمن قائمة لـ9 دول وُصفت بأنها "وجهات آمنة محتملة" لترحيل مهاجرين إليها، بمن فيهم من لا يحملون جنسيتها. ويأتي هذا في وقت ما تزال فيه سوريا مصنفة من قبل وزارة الخارجية الأميركية كدولة "شديدة الخطورة"، بسبب النزاع المستمر والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
ورغم عدم صدور أي تعليق رسمي من الحكومة السورية على هذا المقترح، يثير إدراجها في هذه القائمة تساؤلات سياسية وقانونية حول إمكانية إبرام تفاهمات سرية أو تقديم حوافز مالية مقابل قبول مرحّلين، لا علاقة لهم بسوريا.
وبحسب واشنطن بوست، فإن سوريا واحدة من 36 دولة تدرس الخارجية الأميركية إعادة فرض قيود سفر عليها. وورد في مذكرة موقعة من وزير الخارجية ماركو روبيو أن سوريا قد تواجه حظراً جديداً بسبب ضعف السلطة المركزية، وانتشار الفساد، وعدم وجود نظام موثوق لإصدار الوثائق. وتشير المذكرة إلى أن قبول الدولة استقبال مرحّلين من دول أخرى قد يُؤخذ كعلامة إيجابية تقلل من فرص فرض قيود سفر عليها.
الترحيل مقابل الأموال
الوثائق التي حصلت عليها نيويورك تايمز تكشف عن عروض قدمتها واشنطن لدول عدة مقابل قبول مرحّلين، منها 100 ألف دولار مقابل نقل أحدهم إلى رواندا، و5 ملايين دولار للسلفادور مقابل احتجاز 200 فنزويلي. وتؤكد الصحيفة أن المفاوضات تشمل 58 دولة، وافقت 7 منها فقط حتى الآن، بينما لا تزال المحادثات جارية مع دول أخرى، من بينها سوريا.
وقد أثارت الخطوة الأميركية انتقادات واسعة من منظمات حقوقية، اعتبرت الخطة تهديداً للكرامة الإنسانية وخطراً على حياة المهاجرين. وقال مارك هيتفيلد، رئيس منظمة HIAS: "تخيل أن تُرحَّل إلى بلد لا تعرفه، لا تربطك به أي صلة، ولا تتحدث لغته، وقد يكون غارقاً في العنف أو القمع".
ولم تخفِ منظمات حقوق الإنسان قلقها من أن تتحول دول مثل سوريا إلى "مكبات بشرية" لمهاجرين لا علاقة لهم بها، في وقت ما تزال البلاد تكافح للخروج من واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في القرن.