هاشتاغ
بحث

مفاوضات الإدارة الذاتية مع حكومة دمشق .. ما هي خواتيمها؟

07/06/2025

مفاوضات-الإدارة-الذاتية-مع-حكومة-دمشق-..-ما-هي-خواتيمها؟

شارك المقال

A
A

هاشتاغ: خاص

 

اجتمع الأسبوع الفائت في العاصمة دمشق وفد الإدارة الذاتية الكردية مع ممثلي السلطة الحالية في البلاد من أجل استكمال المفاوضات حول تنفيذ الاتفاق الذي وقعه الرئيس السوري أحمد الشرع مع قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في العاشر من آذار الماضي، بعد أن تعثر تطبيق الاتفاق في أكثر من ملف.

 

ووقع الشرع وعبدي اتفاقاً يقضي بضمان الدولة لحقوق المجتمع الكردي في المواطنة وكافة الحقوق الدستورية ودمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز.

 

كما نص الاتفاق على رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري على أن يتم تطبيق الاتفاق قبل نهاية العام الحالي.

 

وبعد عدة اجتماعات في الحسكة بين وفد الحكومة السورية و"قسد" تم التوصل إلى اتفاقات لتبادل الأسرى والسجناء وكذلك تسليم "قسد" سد تشرين للقوات الحكومية، كما جرت مباحثات لاستلام حكومة دمشق حقوق النفط والغاز ومراكز اعتقال واحتجاز عناصر "داعش".

 

لكن حتى اليوم تم تنفيذ خطوات بسيطة في "بناء الثقة" بين الجانبين تمثلت باستلام القوات الحكومة المركزية مهام الأمن في حيي الأشرفية والشيخ مقصود بمدينة حلب حيث الغالبية الكردية وخروج مقاتلي "قسد" منها وكذلك تبادل الأسرى والسجناء في الحيين على دفعتين، الأولى قبل شهر تقريباً والثانية قبل أيام عقب الاجتماع الذي احتضنته دمشق.

 

وبالرغم من أن عضو اللجنة الحكومية المختصة بإتمام الاتفاق مع "قسد" العميد زياد العايش أعلن في تصريح لسانا أنه تم التوافق في الاجتماع الأخير في دمشق على عدد من الملفات المهمة أبرزها "تشكيل لجان فرعية تخصصية" لمتابعة تنفيذ اتفاق العاشر من آذار، تبقى الملفات العالقة أكبر مما يتصوره البعض.



تنظر دمشق إلى المطالب الكردية بعين الشك والرفض معاً خشية أن تتحول المكتسبات الكردية إلى مطالب للأقليات الأخرى

مؤتمر الوحدة الكردي .. وفد موحد إلى دمشق بعد العيد

لأن الأكراد لا يتكلمون بصوت واحد فيما يتعلق بمستقبل سوريا، جاء مؤتمر "وحدة الصف والموقف الكردي في روج آفا" الذي عقد في 26 نيسان الماضي محطة مهمة لجهة بلورة رؤية كردية مشتركة حول شكل الدولة السورية المنشودة والتي تم التوافق عليها "دولة ديمقراطية لامركزية يتمتع فيها جميع المواطنين بحقوق متساوية".

 

سارعت الرئاسة السورية آنذاك لإعلان رفضها المطلق لمخرجات المؤتمر وأي شكل من أشكال الفيدرالية في البلاد، معتبرة أن أي دعوات من هذا القبيل تشكل تهديداً لوحدة سوريا أرضاً وشعباً وخروجاً عن الصف الوطني ومساساً بالهوية السورية الجامعة.

 

رغم ذلك، أكدت القوى السياسية الكردية أن المؤتمر ومخرجاته يأتي تأكيداً على "سوريا الموحدة" وشكّلت وفداً موحداً مكوناً من 6 أعضاء لمناقشة حل القضية الكردية مع السلطة المركزية في دمشق اعتباراً من الأسبوع الذي يلي عطلة العيد.

 

وعلّق الجنرال مظلوم عبدي على تشكيل الوفد الموحد على منصة "إكس" بأنه يأتي في سياق "تنفيذ اتفاق 10 آذار الذي أكد على تثبيت حقوق الشعب الكردي دستورياً في سوريا موحّدة" مشيراً إلى أن ‏الوفدان: وفد قسد والوفد الكردي الموحد، يشكلان "مساراً متكاملاً" ويجسدان "التزامنا بالحوار الوطني كخيار استراتيجي نحو مستقبل يحقق العدالة والمساواة".

وأعتبر الاعتراف بحقوق المكونات هو "الأساس لبناء سوريا ديمقراطية وعادلة يشارك فيها الجميع".

 

ومن المقرر، بحسب بيان أصدره الوفد الموّحد، أن يجري "حوارات مع حكومة دمشق والأطراف الدولية لتعزيز الحلول السياسية التي تخدم مصالح الشعب الكردي في سوريا"، كما يتوقع أن يتم التركيز في الحوارات على قضايا رئيسية تتمثل بإقامة نظام لا مركزي، والاعتراف الدستوري بحقوق الشعب الكردي في سوريا، وإقرار التعليم باللغة الكردية.


من غير المقبول مثلاً أن يمنح الأكراد إدارة لامركزية وتمنع عن السويداء أو الساحل في ظل التجاذبات السياسية الداخلية والخارجية

دولة استبدادية أم لامركزية

لاشك أن مسار المفاوضات بين الإدارة الذاتية مع الحكومة الانتقالية في دمشق يخص شمال شرق سوريا، لكن في المحصلة ستكون له تداعيات في حال نجاحه أو فشله على كامل الجغرافيا السورية ولاسيما في هيكلية بنية الدولة، مركزية أم لامركزية.

 

فمن غير المقبول مثلاً أن يمنح الأكراد إدارة لامركزية وتمنع عن السويداء أو الساحل في ظل التجاذبات السياسية الداخلية والخارجية، فإما حكومة مركزية على الجميع أو حكومة لامركزية للجميع.

 

وبالرغم من أن مسار التوصل إلى اتفاق سيكون طويلاً وشاقاً، لكنه السبيل الأفضل للعيش المشترك بين مختلف مكونات الشعب السوري وترسيخ شكل وهيكلية الدولة التي تضمن المساواة في المواطنة، والاعتراف بخصوصية المكونات السورية واعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الدولة السورية.

 

ومن هنا تنظر دمشق إلى المطالب الكردية بعين الشك والرفض معاً خشية أن تتحول المكتسبات الكردية إلى مطالب للأقليات الأخرى، الأمر الذي ترى فيه السلطة الحالية مصدر خطر على سيطرتها المطلقة على البلاد والتحكم بمختلف تفاصيل الحياة العامة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

 

المواقف بين دمشق والإدارة الذاتية مازالت متباعدة ومتناقضة إلى درجة كبيرة. فقد تساءلت رئيسة قسم العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا، إلهام أحمد في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قبل أيام عن شكل الدولة السورية الجديدة: أي نوع من الدولة ستكون؟ ديمقراطية أم استبدادية؟ تحترم الحقوق أم قمعية؟ معتبرة أن تجربة الإدارة الذاتية تشكل "نموذجاً للديمقراطية" التي ينبغي الإقتداء بها.

 

ورأت المسؤولة الكردية في مقالها أن الدستور المؤقت الجديد لسوريا "لايعكس" التنوع السوري "فهو لا يحمي حقوق الأقليات أو النساء في سوريا بشكل كامل" داعية إلى "عملية دستورية جديدة لإنتاج وثيقة تضمن تقاسم السلطة، وتصون الحريات السياسية، وتجعل الحكم لامركزياً، وتسمح بالمشاركة الديمقراطية الكاملة، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنس" معتبرة أنه من المنطقي "السماح للمناطق بحكم نفسها وفقاً لاحتياجاتها وتقاليدها ضمن دولة موحدة".


العامل الإقليمي والدولي

يبقى الدور الإقليمي الذي تلعبه تركيا في مسألة حل القضية الكردية في سوريا، دوراً مهماً وخصوصاً بعد قرار حزب العمال الكردستاني حل نفسه في تركيا وما يفرضه ذلك من تداعيات على الوضع الكردي في سوريا بشكل عام.

 

فقد شن الجيش التركي عدة عمليات عسكرية خلال سنوات الحرب الأهلية في سوريا على المناطق الكردية في عفرين ورأس العين بالإضافة إلى استهدافات مازالت مستمرة بالطيران على مناطق ومراكز "قسد"، وتواصل أنقرة التهديد باستخدام القوة لمنع قيام إدارة مركزية في شمال شرق سوريا.

 

بالمقابل تعوّل القوى السياسية الكردية على العلاقة القوية مع واشنطن وتسعى إلى استثمار تلك العلاقة من أجل ضمان حقوق الأكراد المتمثلة باللامركزية في الحكم بما يمنح الأكراد خصوصية وإدارة مناطقهم من خلال إدارة محلية موسعة.

ومن هذا المنطلق قالت أحمد في مقالها مؤخراً بأنه لدى إدارة ترامب والكونغرس الأمريكي "فرصة تاريخية لمساعدتنا في بناء مثل هذه الحكومة في سوريا. فهذا لن يساعد السوريين فحسب، بل سيوفر أيضاً مخطط للشرق الأوسط بأكمله".

 

التطورات السياسية الأخيرة بين دمشق وواشنطن، والانفتاح الكبير الذي أبدته إدارة ترامب على الحكومة الانتقالية في سوريا، قد يشكل عامل دعم لتسريع التوافق بين الطرفين السوريين إذا ما مارست الولايات المتحدة ضغوطاً على الجانبين للتوصل إلى حلول وسط تضمن حقوق الأكراد من جهة وعدم التسبب بالقلق لكل من دمشق وأنقرة من جهة ثانية.

 

فالتعافي الاقتصادي في سوريا والاستثمار المنتظر من الدول الخارجية، يتطلب استقراراً أمنياً واجتماعياً ويتطلب التوصل إلى توافقات على شكل الحكم في البلاد بما يوفر بيئة مناسبة للشركات العالمية لخوض غمار الاستثمار في بلد يحتاج إلى ضخ مليارات الدولارات.


التعليقات

الصنف

سياسة

منشور حديثاً

الأكثر قراءة

تابعنا

مقالات ذات صلة

يستخدم موقع هاشتاغ والمنصات التابعة له ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الموقع، وتقديم محتوى مخصص، وتحليل استخدام الموقع. هل توافق على استخدامنا للملفات لهذه الأغراض؟ يمكنك رفض ذلك، وسنستخدم فقط الملفات الضرورية لتشغيل الموقع.

هاشتاغ بيحكي عنك

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى في مناصرة المواطنين في المنطقة العربية وتمكينهم والدفاع عنهم ونقل أخبارهم وفق المواثيق الأممية والقواعد المهنية

أسّسها محمد محمود هرشو

محمد محمود هرشو

جميع الحقوق محفوظة - Hashtag هاشتاغ © 2015 - 2025