كشف "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أن "اللجنة الاقتصادية" في حماة تعمل على الاستيلاء على أراضي وممتلكات خاصة تعود لمدنيين مهجّرين من عدة قرى في ريف حماة الشرقي، بذريعة "الاستثمار لصالح الدولة"، وسط عمليات سلب منظمة يقودها قادة وشيوخ مرتبطون بأجهزة أمنية وميليشيات مسلحة.
أشارت شهادات من أهالي المنطقة إلى أن الأراضي المُصادرة تُمنح للاستثمار من قبل شخصيات نافذة يستفيدون منها بشكل مباشر
خيارين لا ثالث لهما
وبحسب "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، فقد طالت عمليات الاستيلاء قرى: الشهيب والشهبا وتل عبد العزيز ونوى والشيخ علي كاسون ومريود والمبطن ومعان والفانات والزغبة والطليسية والطوبا وأم قلق والشيحة والرويف، حيث هجرها السكان بالتوازي مع سقوط النظام السابق وتزايد العمليات الانتقامية، فيما بقيت عدة عائلات تعجز عن استئجار بيوت في مناطق أخرى بسبب ضعف إمكانياتها.
وتؤكد المصادر أن عناصر محسوبين على مجموعات محلية، يمارسون الضغط على من تبقى من الأهالي، عبر التهديد بدفع إتاوات تصل إلى 3.5 ملايين ليرة سورية أو تسليم سلاح، تحت طائلة التهجير أو المضايقات.
وأشارت شهادات من أهالي المنطقة إلى أن الأراضي المُصادرة، لا سيما ذات العائد الاقتصادي المرتفع ككروم الفستق الحلبي والزيتون، تُمنح للاستثمار من قبل شخصيات نافذة، يستفيدون منها بشكل مباشر.
وأفاد أحد المتضررين في شهادة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن اللجنة صادرت نحو 80 دونما من الفستق الحلبي تعود له، منها 55 دونما عمرها يتجاوز خمسين عاما، إضافة إلى 40 دونما مزروعة بالزيتون، كما تمت مصادرة أراضي مماثلة تعود لعائلته وأقاربه في ريف حماة.
وتُقدّر نسبة القرى المهجّرة في تلك المنطقة بنحو 99%، وفق تقديرات محلية، في ظل انعدام أي ضمانات للعودة أو تعويض أصحاب الأملاك، وسط استمرار الصمت من جانب سلطات النظام السوري عن هذه الممارسات.
وفي وقت سابق، كشفت مصادر محلية عن تورط شركة "اكتفاء" للاستثمار الزراعي، التي تعمل بتنسيق مباشر مع المكتب الاقتصادي لمحافظة حماة، في عمليات ممنهجة لاغتصاب الأراضي وتهجير السكان قسرا، تستهدف قرى ذات غالبية علوية، تحت ذريعة استثمار الأراضي الزراعية.
وبحسب المعلومات، تُركّز الشركة على قرى مثل "معان" الواقعة شمال شرقي حماة، حيث تُنتقى الأراضي الخصبة الملائمة لزراعة الفستق الحلبي، ليجري بعد ذلك، بالتنسيق مع المحافظة، توجيه مجموعات مسلّحة لبثّ الرعب بين السكان ودفعهم إلى النزوح.
ويُجبر الأهالي على القبول بأحد خيارين لا ثالث لهما: الأول، توقيع عقود استثمار مجحفة مع الشركة، تُفقدهم السيطرة على أراضيهم وحقوقهم الأساسية. والثاني في حال الرفض، ما يدفع السلطات إلى منح الأراضي المستصلحة لمجموعات أخرى تُوقّع لاحقا عقودا باسمها، في خطوة توصف بأنها "شرعنة" للاستيلاء.
وأشارت المصادر إلى أن هذه السياسة لا تقتصر على قرية واحدة، بل تطال معظم القرى ذات الغالبية العلوية في ريف حماة، ما يُثير مخاوف جدية من اتساع نطاق عمليات التهجير والاستيلاء على الأراضي تحت غطاء رسمي واستثماري.