أعلن علماء من جامعة "كوينز بلفاست" البريطانية، في اكتشاف طبي واعد قد يُحدث تحولاً جذريًا في مجال طب العيون، تطوير علاج دوائي جديد يمكن أن يحمي مرضى السكري من فقدان البصر، وهو أحد أكثر المضاعفات شيوعًا وخطورة للمرض المزمن.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "إيفننج ستاندرد" البريطانية فقد أظهرت الدراسة التي مولتها جمعية السكري في المملكة المتحدة أن الدواء الجديد المعروف باسم (2-HDP)، قد ينجح في حماية شبكية العين من التلف الناتج عن ارتفاع مستويات السكر في الدم، وهو التلف الذي يؤدي في كثير من الحالات إلى العمى الدائم.
استهداف الضرر المبكر قبل فوات الأوان
أوضح فريق البحث بقيادة البروفيسور تيم كورتيس والدكتورة جوسي أوغسطين من معهد "ويلكوم-وولفسون" للطب التجريبي، أن العلاج الجديد يركز على "الضرر المبكر" الذي يصيب شبكية العين قبل أن يصبح غير قابل للعلاج.
ويُعد هذا التحول في نهج العلاج خطوة أساسية نحو الوقاية بدلاً من الاكتفاء بعلاج المراحل المتأخرة.
وقال البروفيسور كورتيس: "غالباً ما يبدأ مرض الشبكية السكري من دون أعراض واضحة، بينما تكون الخلايا العصبية والأوعية الدموية في الشبكية قد بدأت التلف بالفعل. العلاجات الحالية تتعامل مع المراحل المتقدمة فقط، بعد فوات الأوان تقريباً".
نتائج مشجعة في التجارب المخبرية
في التجارب على نماذج حيوانية لمرض السكري، وجد الباحثون أن دواء (2-HDP) يساهم في حماية الخلايا العصبية والأوعية الدموية، ويُقلل الالتهاب، كما يساعد في الحفاظ على الوظائف البصرية.
ويعمل الدواء بتحييد الجزيئات السامة التي تتراكم في شبكية العين وتؤدي إلى فقدان البصر.
وأشار الباحثون إلى أن فحص أنسجة شبكية العين عند مرضى السكري أظهر وجود الجزيئات الضارة نفسها، وهذا يُشير إلى إمكانية تطبيق العلاج على البشر مستقبلاً.
وقالت الدكتورة أوغسطين: "تكشف نتائجنا عن علاج جديد محتمل يركز على حماية البصر بمعالجة الضرر المبكر، وقد يفتح الباب أمام جيل جديد من الأدوية التي تحافظ على جودة حياة ملايين المرضى حول العالم".
نحو علاج فموي مستقبلي
وفق الدراسة، أظهرت المحاكاة الحاسوبية أن الدواء يمكنه اختراق خلايا الجسم بسهولة، وهذا يُعزز إمكانية تطوير علاج على شكل أقراص في المستقبل، بدلاً من الحقن أو الإجراءات المعقدة.
من جانبها، قالت ميكايلا هو من جمعية السكري في المملكة المتحدة: "فقدان البصر يمثل عبئًا نفسيًا وحياتيًا كبيرًا على مرضى السكري. نحن فخورون بدعمنا هذا البحث الذي يقدم أملاً جديدًا في علاج المراحل المبكرة للمرض قبل أن تتفاقم".
أمل جديد لملايين المرضى
يؤكد هذا الاكتشاف أهمية التدخل المبكر في أمراض شبكية العين المرتبطة بالسكري، وضرورة تطوير أدوية مستهدفة وفعالة يمكنها إيقاف المرض في بدايته، قبل الوصول إلى مراحل لا يمكن إصلاحها.
وبذلك، يمثل الدواء الجديد خطوة علمية مهمة قد تغيّر مستقبل علاج فقدان البصر الناتج عن مرض السكري، وتمنح الأمل لملايين المرضى حول العالم.
