في الوقت الذي أصبحت فيه اليقظة الذهنية (Mindfulness) جزءاً أساسياً من توصيات الأطباء النفسيين لمواجهة القلق، يشير عدد من الباحثين إلى أن بعض الأنشطة اليدوية والحركية يمكن أن تكون أكثر فاعلية في تهدئة الذهن وتنظيم المشاعر.
فوفق تقرير نشره موقع مجلة "VegOut" الأمريكية، فإن التأمل على الرغم من فوائده الكبيرة، قد لا يناسب الجميع، خاصة أولئك الذين يجدون صعوبة في تهدئة عقولهم في أثناء الجلوس بصمت.
يحتاج هؤلاء إلى أنشطة ملموسة تُشرك الحواس وتحفّز الحركة، لتمنحهم حالة من التركيز تشبه التأمل ولكن بطابع أكثر حيوية وتفاعلاً.
ويؤكد علماء النفس أن الفعل الملموس يمكن أن يكون علاجاً فعالاً للقلق؛ إذ إنه يساعد الدماغ في الانخراط في أنشطة منظمة تُعيد إليه الإحساس بالتحكم والطمأنينة.
وفي ما يأتي ثماني هوايات "غير تقليدية" يرى الباحثون أنها قد تتفوق على التأمل في تهدئة الذهن وتحسين المزاج:
1. الفخار.. راحة في حركة اليدين
العمل بالطين يُعد تجربة حسية غامرة تساعد في تفريغ التوتر العاطفي.
وتوضح الدكتورة كاثي مالكيودي، عالمة النفس ومعالجة الفنون التعبيرية، أن التشكيل اليدوي للطين يُنشط الجهاز العصبي المسؤول عن الراحة والتعافي. يكفي أن ينغمس الشخص في تدوير الطين على العجلة ليشعر بإيقاع داخلي هادئ ومتوازن.
2. البحث عن الطعام في الطبيعة
تجربة المشي في الغابة بحثاً عن الفطر أو الأعشاب البرية ليست مغامرة فقط؛ بل هي نوع من العلاج الطبيعي للذهن.
فعندما يركز الشخص على أصوات الطيور ورائحة الأرض، فإنه يقطع سلسلة الأفكار المقلقة.
علماء النفس يطلقون على هذه الظاهرة اسم "استعادة الانتباه"؛ إذ تساعد الطبيعة في تصفية الذهن من التحفيز المفرط للحياة الحديثة.
3. مراقبة الطيور.. يقظة بموسيقا الطبيعة
تشير دراسة نُشرت في مجلة Scientific Reports عام 2022 إلى أن رؤية أو سماع الطيور يرفع من مستويات السعادة النفسية لمدة قد تصل إلى ثماني ساعات.
وتعمل هذه الهواية لتدريب العقل على الملاحظة الدقيقة بدلاً من الانشغال بالأفكار السلبية، وهذا يجعلها شكلاً عملياً من أشكال التأمل النشط.
4. حل ألغاز الصور المقطوعة
يُدخل هذا النشاط الشخص في حالة تركيز تُعرف بـ"التدفق" (Flow)، وهي الحالة نفسها التي يعيشها الفنانون في أثناء الإبداع.
وفيها يفرز الدماغ الدوبامين، وهذا يعزز المزاج ويقلل القلق. كما أنه ينشّط مهارات معرفية مهمة كالإدراك المكاني والذاكرة البصرية.
5. البستنة.. علاج طبيعي من نوع آخر
البستنة أو الزراعة ليست مجرد عمل منزلي؛ بل علاج نفسي متكامل.
فقد توصل باحثون في جامعة "فلوريدا" إلى أن العناية بالنباتات تخفض معدلات القلق والاكتئاب حتى عند الأشخاص الأصحاء.
وتحتوي التربة نفسها على بكتيريا طبيعية ترفع مستوى السيروتونين في الدماغ، وهي المادة الكيميائية المرتبطة بالشعور بالسعادة.
6. الكوميديا الارتجالية.. الضحك في وجه القلق
على الرغم من أن الوقوف أمام جمهور من دون نص مكتوب يبدو تجربة مرعبة، فإن الارتجال الكوميدي أصبح مستخدَماً في العلاج النفسي.
فهو يساعد الأشخاص في التكيف مع المواقف غير المتوقعة، ويمنحهم القدرة على الضحك على الأخطاء بدلاً من الخوف منها. إنها طريقة فعّالة لتحويل التوتر إلى طاقة إيجابية.
7. بناء النماذج المصغرة
سواء كان تجميع قطار صغير أم تصميم منزل مصغّر، فإن بناء النماذج يمنح العقل إحساساً بالتحكم والنظام.
تحدث هذه الأنشطة المتكررة توازناً ذهنياً يشبه التأمل، وتساعد على تهدئة الإحساس بالفوضى الداخلية بالانغماس في تفاصيل دقيقة ومنظمة.
8. الجري في الطرق الوعرة
بخلاف الجري التقليدي على الأرصفة، يتطلب الجري في تضاريس غير مستوية تركيزاً ذهنياً وجسدياً كاملاً، وهذا يمنع الدماغ من الانغماس في القلق.
ويصف علماء النفس هذا النوع من الأنشطة بأنه "يقظة مجسدة"؛ إذ إنه يجمع بين الحركة والانتباه الواعي للجسد، وهي صيغة متقدمة من التأمل النشط.
على الرغم من أن التأمل يظل وسيلة فعّالة لإدارة التوتر، فإن الأنشطة الحركية والحسية توفر بدائل أكثر تنوعاً تناسب مختلف أنماط الشخصية.
وبينما يسعى البعض إلى السكون للوصول إلى الهدوء، يجد آخرون راحتهم في الطين، أو النباتات، أو الحركة، أو حتى الضحك.


