في خطوة طبية قد تُحدث تحولاً جذرياً في تشخيص أمراض الدماغ، كشف باحثون أن تقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة على رصد آفات عصبية مرتبطة بالصرع بنسبة دقة بلغت 64%، وهي حالات لم يتمكن أطباء الأشعة من اكتشافها بالفحوص التقليدية.
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أكد خبراء أن "هذه الدراسة مثيرة للاهتمام" وأن نتائجها "بالغة الأهمية"، بوصفها تمثل نقلة نوعية في استخدام التكنولوجيا الحديثة لخدمة علم الأعصاب.
دراسة من "كينغز كوليدج لندن"
اعتمد البحث الذي نُشر في شباط /فبرايرالماضي، وأجراه فريق من "كينغز كوليدج لندن"، على تحليل صور الدماغ بوساطة الذكاء الاصطناعي؛ إذ أظهر قدرة فائقة على اكتشاف الآفات المسببة للصرع والتي غالباً ما تفلت من أعين الأطباء باستخدام الوسائل التقليدية.
مقارنة بين أدوات التشخيص
من جهته، أوضح الخبير كونراد واغستيل أن بعض الفرق البحثية الأسترالية استعانت بمزيج من التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET)، لكن هذا الأخير يبقى مكلفاً ويصعب توفيره على نطاق واسع، فضلاً عن كونه يتضمن جرعات إشعاعية مشابهة لتلك المصاحبة للتصوير المقطعي المحوسب أو الأشعة السينية.
في المقابل، يتميز التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) بكونه أكثر أماناً وانتشاراً، وهذا يجعله خياراً أساسياً للأطباء، خصوصاً مع التطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي القادرة على تحسين دقة التشخيص بهذه الوسيلة.
آفاق مستقبلية
يرى مختصون أن هذا التقدم العلمي يعزز من فرص التشخيص المبكر للصرع واضطرابات الدماغ الأخرى، وهذا قد يؤثر إيجاباً في خطط العلاج ويمنح المرضى فرصة كبيرة في السيطرة على المرض وتحسين جودة حياتهم.
كما يُنتظر أن يفتح الباب أمام أبحاث أوسع لدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية اليومية.
ما الصرع؟
الصرع هو اضطراب عصبي مزمن يصيب الدماغ، يتميز بحدوث نوبات متكررة نتيجة نشاط كهربائي غير طبيعي في الخلايا العصبية.
وتختلف أعراض النوبات من شخص لآخر؛ فقد تكون على شكل تشنجات جسدية عنيفة، أو فقدان مؤقت للوعي، أو حتى تغيرات في السلوك والإدراك لا تستمر سوى ثوانٍ.
يصيب الصرع ملايين الأشخاص حول العالم، وغالباً يظهر في الطفولة أو عند التقدم في العمر. وعلى الرغم من أن أسبابه قد تعود إلى عوامل وراثية أو إصابات دماغية أو التهابات عصبية، فإن نحو نصف الحالات تبقى بلا سبب معروف.
الخبر السار أن المرض قابل للعلاج والسيطرة في معظم الحالات، سواء بالأدوية المضادة للتشنجات أم بالتدخلات الجراحية في بعض الحالات المعقدة، وهذا يجعل التشخيص المبكر عاملاً حاسماً في تحسين فرص الشفاء وجودة الحياة.


