تواجه المرأة بعد سن الأربعين تحوّلات فسيولوجية وهرمونية تؤثر في طاقتها وحالتها المزاجية وصحة بشرتها وعظامها، وهذا يجعل العناية بالتغذية عاملاً أساسيًا للحفاظ على الحيوية وجودة الحياة.
ويؤكد خبراء الصحة أن الفيتامينات والمعادن تشكّل جزءًا مهمًا من هذه العناية، ولكن بشرط أن تُتناول وفق احتياجات الجسم وبإشراف طبي.
ففي هذه المرحلة، يبدأ معدل الحرق الانخفاض، وتقلّ كثافة العظام، وتزداد احتمالية نقص بعض العناصر الغذائية، لا سيما مع ضغوط الحياة اليومية وقلة النوم والتعرّض المحدود لأشعة الشمس.
لذا ينصح الأطباء بتعزيز النظام الغذائي بمصادر طبيعية أو مكملات تحتوي على خمسة عناصر رئيسية أثبتت الدراسات فعاليتها في دعم صحة المرأة بعد الأربعين.
فيتامين "د".. الأساس الصامت لصحة العظام والمناعة
يُعدّ فيتامين "د" من أكثر الفيتامينات التي تعاني النساء من نقصها حول العالم، بسبب قلة التعرض للشمس أو استخدام واقيات البشرة باستمرار.
ووفق تقارير "منظمة الصحة العالمية"، يؤدي هذا الفيتامين دورًا محوريًا في امتصاص الكالسيوم، وهذا يجعله خط الدفاع الأول ضد هشاشة العظام. كما يُسهم في تقوية جهاز المناعة وتنظيم المزاج بتأثيره في إنتاج هرمون "السيروتونين".
وينصح الأطباء بفحص مستوى فيتامين "د" في الدم مرتين سنويًا، وتناول المكملات عند الحاجة بجرعات يحددها الطبيب فقط؛ إذ إن الإفراط فيه قد يؤدي إلى ترسب الكالسيوم في الكلى أو الشرايين.
الكالسيوم والمغنيسيوم.. توازن مزدوج لقوة العظام والعضلات
الكالسيوم حجر الأساس في بناء العظام والأسنان، وتحتاج المرأة بعد الأربعين إلى نحو 1000 إلى 1200 ملغ يوميًا.
أما المغنيسيوم، فيعمل لتحسين امتصاص الكالسيوم وتنظيم ضربات القلب والمساعدة في النوم الجيد. وتُعد الخضراوات الورقية والمكسرات والبقوليات من أفضل مصادره الطبيعية.
وتوضح أختصاصية التغذية الأمريكية جينيفر كايل أن "تناول الكالسيوم من دون وجود ما يكفي من المغنيسيوم يشبه بناء جدار بلا أسمنت"، في إشارة إلى أهمية التكامل بين العنصرين للحفاظ على التوازن العضلي والعظمي.
فيتامين "B12".. طاقة للعقل والجسم
ينخفض امتصاص فيتامين "B12" تدريجيًا مع التقدّم في العمر، خصوصًا بعد الأربعين، بسبب ضعف إفراز الأحماض في المعدة.
ويؤدي نقصه إلى أعراض مثل التعب المزمن، وفقدان التركيز، وتنميل الأطراف.
وتشير دراسات إلى أن الحفاظ على مستوى كافٍ من هذا الفيتامين يساعد في دعم الأعصاب وإنتاج خلايا الدم الحمراء، وهذا يؤثر في النشاط الذهني والجسدي.
وتُنصح النساء النباتيات خصوصاً بمراقبة مستوياته؛ لأن مصادره الأساسية توجد في اللحوم والبيض ومنتجات الألبان.
أوميغا-3.. وقود الدماغ وتنظيم المزاج
تُعرف أحماض أوميغا-3 بأنها "غذاء الدماغ"؛ إذ إنها تسهم في تحسين التركيز وتقليل الالتهابات وتنظيم المزاج، خاصة في فترة ما قبل انقطاع الطمث.
وتوجد بكثرة في الأسماك الزيتية مثل السلمون والسردين والتونة، أو في مكملات نباتية مستخلصة من الطحالب.
ويُظهر بحث من جامعة "هارفارد" أن تناول أوميغا-3 بانتظام قد يقلل خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة تصل إلى 25%، كما يساعد في تحسين جودة النوم ودعم الذاكرة على المدى البعيد.
الحديد.. دعم أساسي للطاقة ومكافحة الإرهاق
يظل الحديد عنصرًا حيويًا للمرأة في منتصف العمر، حتى مع تراجع الدورة الشهرية. ففقر الدم الناتج عن نقص الحديد قد يؤدي إلى خمول وضعف في التركيز وتساقط الشعر.
ويؤكد خبراء التغذية أن الحصول على الحديد من اللحوم الحمراء أو العدس والسبانخ مع فيتامين "C" يعزز امتصاصه في الجسم.
لكن يُحذر من تناول مكملاته من دون تحليل مسبق؛ إذ إن زيادة الحديد قد تسبب أضرارًا للكبد أو القلب.
التوازن أولاً
على الرغم من أهمية المكملات الغذائية، يشدد الأطباء على أنها لا تغني عن النظام الغذائي المتنوع والمتوازن.
فالغذاء الطبيعي الغني بالخضروات، والبروتينات، والحبوب الكاملة، إلى جانب ممارسة الرياضة والنوم الكافي، يبقى حجر الزاوية لصحة المرأة بعد الأربعين.
وتختصر خبيرة التغذية البريطانية سارة شينكمان ذلك بقولها: "الفيتامينات تُكمل النظام الغذائي لكنها لا تعوّضه... التوازن هو أساس العافية في منتصف العمر".
