يُعد الخوف من المشاعر الشائعة بين البشر، لكن ما قد يجهله الكثيرون هو أن الخوف يمكن أن يكون معدياً؛ إذ إنه ينتقل بين الناس من دون أن يكون هناك سبب واضح.
فقد ينشر الشخص الخائف هذا الشعور في محيطه حتى من دون أن يدرك ذلك. على سبيل المثال، قد يشعر من حوله بالخوف في الطائرة لمجرد أن الشخص الجالس بالقرب منهم يشعر بالقلق.
الخوف ليس مجرد شعور فردي
أوضح تقرير مختص نشرته مجلة "بوبيولار ساينس" أن الخوف ينتقل من شخص لآخر عبر حواس متعددة مثل البصر والسمع، وأحيانًا انتقالاً لا واعي. وعند التعرض لمشاعر الخوف، ينشط الدماغ ردود فعل جسدية تحفز الجسم استجابةً للتهديد.
كيف ينتقل الخوف في الدماغ؟
قال "أراش جافانباخت"، عالم النفس في جامعة "واين ستيت"، إن البشر يتعلمون من المحيطين بهم، ومن الطبيعي أن يتأثروا بمشاعر الآخرين. إذا كان الشخص الموجود في محيطك يشعر بالخوف، فإنك ستشعر به أيضًا، حتى لو لم يكن هناك تهديد حقيقي.
وأضاف جافانباخت: "يعد الخوف من المشاعر البدائية التي تطورت مع الإنسان. فمثلاً، إذا شعر شخص بالخوف من حيوان مفترس، فإن الآخرين في محيطه سيشعرون بالخوف كذلك، حتى لو لم يتعرضوا للخطر المباشر، وهذا كان يساعد البشر في البقاء على قيد الحياة".
رد الفعل الجسدي.. كيف يستجيب الجسم؟
عندما يشعر الإنسان بالخوف، تنشط اللوزة الدماغية، وهي جزء من الدماغ المسؤول عن معالجة التهديدات، فترسل إشارات إلى الحُصين لتنشيط الجهاز العصبي.
يؤدي ذلك إلى إفراز الأدرينالين، وهذا يعزز استجابة "القتال أو الهروب"، ويزيد من معدل ضربات القلب والتنفس.
الخوف ينتقل اجتماعيًا
ذكر "جاسيك ديبيك"، طبيب نفسي، أن عدداً من المشاعر، بما فيها الخوف، هي مشاعر اجتماعية بامتياز. نحن لا نختبرها بمفردنا؛ بل نشاركها مع الآخرين، وهذا التفاعل الاجتماعي يجعلنا نتأثر بمشاعر من حولنا.
الحيوانات أيضًا تتأثر بالخوف
ليس البشر فقط من يتأثرون بالخوف؛ فالحيوانات الأخرى، مثل الفئران، "تقلد" الخوف. عندما تستمع الفئران إلى نداءات الاستغاثة من فئران أخرى، فإنها تتجمد خوفًا. وهذا يدل على أن الخوف يمكن أن ينتقل بين الكائنات الحية بطرق متعددة.
البشر يمكنهم "شم رائحة الخوف"
ظن العلماء في السابق أن البشر لا يستطيعون "شم رائحة الخوف" لأننا لا نملك أعضاء للكشف عن الفيرومونات مثل بعض الحيوانات.
لكن الدراسات الحديثة أظهرت أننا قادرون على استشعار الخوف بالروائح. عندما يخاف شخص ما، يفرز جسده مواد كيميائية تحفز اللوزة الدماغية عند من حوله، وهذا يزيد من شعورهم بالقلق.
يعد الخوف أكثر من مجرد رد فعل فردي؛ فهو شعور اجتماعي ينتقل بين الأشخاص بطرائق متعددة. يمكن أن يتأثر البشر بالخوف عبر الحواس المختلفة، وقد يساعدنا هذا الفهم في إدراك التأثيرات التي قد نتركها في الآخرين في محيطنا.


