أثبتت دراسات حديثة أن المشي، سواء كان في أحضان الطبيعة أم بين شوارع المدن، يعود بفوائد كبيرة على الصحة الجسدية والعقلية، لكن الفرق الحقيقي يكمن في المسار الذي يختاره الإنسان وطريقة انتباهه إلى ما يحيط به.
فبحسب تقرير نشرته وكالة "أسوشييتد برس" فإن المشي في الطبيعة يعزز الهدوء الداخلي، ويقلل من القلق، ويعيد التركيز الذهني.
وبينما يتخيل البعض أن المشي وسط الزحام والضوضاء لا يحقق الأثر نفسه، فإن العلماء وجدوا أن المدن أيضاً يمكن أن تكون بيئة صحية إذا عرفنا كيف نسير فيها.
توضح الباحثة البريطانية ويتني فليمينغ، المتخصصة في علم النفس البيئي بجامعة "بانغور" في ويلز، أن "معظم المدن تحتوي على مساحات خضراء، وحتى مجرد النظر إلى شجرة جميلة يمكن أن يمنحنا شعوراً بالراحة".
وتشير إلى أن المشي بانتظام يخفض خطر الإصابة بأمراض القلب والضغط والخرف والاكتئاب وأنواع مختلفة من السرطان.
وتضيف فليمينغ أن الأشخاص الذين ركزوا على العناصر الطبيعية في أثناء مشيهم شعروا بقلق أقل ومشاعر أكثر إيجابية، مقارنة بمن ركزوا على المباني والعناصر المصنوعة من الإنسان. لكنها تؤكد أن المدن لا تخلو من "السحر الرقيق"، فالأحياء النابضة بالحياة أو الساحات العامة يمكن أن تمنح بدورها إحساساً بالطاقة والتجدد.
من جهته، أوضح سيزار سان خوان جيلين، أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة مقاطعة الباسك في إسبانيا، أن الأبحاث البيئية كانت سابقاً متحيزة إلى الطبيعة على حساب المدينة.
لكن دراسات جديدة بينت أن قضاء الوقت في أماكن حضرية مفعمة بالحياة مثل الساحات والمطاعم، يمكن أن يحسن الأداء الذهني والانتباه؛ بل ويقلل من التوتر والعدائية.
أما المستشار الحضري الكندي تريستان كليفلاند، فيرى أن المدن التي تشجع على المشي وتدمج بين الجمال المعماري والعناصر الطبيعية، تساعد في تحقيق التوازن النفسي.
بينما تنصح الكاتبة البريطانية أنابيل أبس ستريتسن، مؤلفة كتاب "العلاج بالمشي"، بتجربة المشي في مدن يسهل السير فيها مثل بوسطن ودوبروفنيك، أو حتى في المقابر التاريخية التي تتميز بالهدوء والجمال الفريد.
وفي الختام، تتفق الدراسات على أن المشي نفسه هو العلاج، سواء تم تحت ظلال الأشجار أم بين الأبنية الرمادية. فكما تقول ستريتسن: "ليس اللون الأخضر أفضل من الرمادي؛ بل إن اختلافهما قد يكون أحياناً هو ما نحتاج إليه تماماً".


