تصدر اسم عميل جهاز الموساد إيلي كوهين محركات البحث عبر الإنترنت في الساعات الماضية. بعد إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس الأحد، استرجاع نحو 2500 وثيقة وصورة ومقتنيات شخصية كانت ضمن "الأرشيف السوري الرسمي" الخاص به، الذي أدى مهمات استخبارية حتى انكشاف أمره وإعدامه في ستينيات القرن الماضي.
وطفت إلى السطح وصية أخذتها "إسرائيل" من ضمن مئات المستندات كتبها الجاسوس الشهير قبل ساعات من إعدامه في 18 أيار/ مايو 1965م في ساحة المرجة بدمشق.
فماذا تضمنت تلك الوصية؟
كتب كوهين في رسالته هذه التي وجهها إلى زوجته نادية وعائلته: "أكتب إليكم كلماتي الأخيرة، وأطلب منكم الحفاظ على اتصال بعضكم الدائم بين بعض"، وفق ما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية سابقاً.
كما طلب منها الحفاظ على أولادهما (صوفي، وإيريس، وشاؤل) ورعايتهم والحرص على تعليمهم. حتى إنه قال لها: "يمكنك الزواج بشخص آخر، حتى لا يكبر الأطفال من دون أب. لك كامل الحرية في ذلك".
كذلك ناشدها عدم تضييع وقتها في البكاء على الماضي؛ بل التطلع إلى المستقبل. وختم وصيته أو رسالته كاتباً: "لكم جميعًا، قبلاتي الأخيرة".
وكان كوهين قد نسج في مهمته السرية التي استمرت أربع سنوات، علاقات وثيقة مع شخصيات سياسية وعسكرية رفيعة المستوى في سوريا، قبل أن تكتشف أجهزة الأمن أمره، ويعدم علناً في ساحة المرجة.
"تحديد مكان دفنه"
بينما عد نتنياهو أمس أن الحصول على هذه المتعلقات هو تتويج لـ"عقود من الجهد الاستخباراتي والعملي والتقني من الموساد للعثور على أي معلومة تتعلق بكوهين بهدف كشف مصيره ومكان دفنه".
وأوضح أن محاولات عدة أُجريت على مر السنين بينها تلك التي نفذت "داخل دول معادية لمعرفة ما حدث له"، وفق ما نقلته "فرانس برس".
في حين أكد رئيس الموساد ديفيد برنيع أن نقل الأرشيف إلى "إسرائيل" "يعد إنجازاً كبيراً يحمل أسمى القيم الأخلاقية، وخطوة إضافية نحو تحديد مكان دفنه في دمشق".
وتشمل المواد المسترجعة وصية أصلية كتبها كوهين بخط يده قبل ساعات من إعدامه، وتسجيلات صوتية وملفات من استجوابه واستجواب من كانوا على اتصال به، ورسائل كتبها لعائلته في "إسرائيل" وصور من مهمته في سوريا.
كما تتضمن مقتنيات شخصية نُقلت من منزله بعد اعتقاله، منها جوازات سفر مزورة وصور له مع مسؤولين عسكريين وحكوميين سوريين رفيعي المستوى، إضافة إلى دفاتر لتدوين الملاحظات ويوميات تسرد مهام الموساد.
كذلك، تم العثور على ملف يحمل اسم "نادية كوهين" يتضمن تفاصيل مراقبة أجهزة الأمن السورية الحملة التي قادتها زوجته للمطالبة بالإفراج عنه.
وقد شارك نتنياهو وبرنيع هذا الأرشيف مع نادية في اجتماع خاص أُجري أمس، بحسب ما أفاد به بيان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وهذه ثاني عملية سرية مرتبطة بسوريا تعلن "إسرائيل" تنفيذها منذ الإطاحة بحكم الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024م.
إذ أعلنت "إسرائيل" في 11 أيار/مايو أنها استعادت بـ"عملية خاصة" في "العمق السوري"، رفات جندي قُتل في معركة شرقي لبنان في أثناء اجتياح 1982م.
في حين أفاد مسؤول فلسطيني في سوريا كانون الأول/ديسمبر الماضي، بعد أيام من سقوط حكم الأسد، بأن الجهات الإسرائيلية تحاول بوساطة وسطاء معرفة مكان رفات كوهين وجندي إسرائيلي مفقود.
يذكر أنه في صيف 2018م، أعلنت 'إسرائيل" أنها استعادت ساعة يد كوهين التي كانت جزءاً من "هويته العربية الزائفة"، وذلك بفضل "عملية خاصّة نفّذها الموساد في دولة عدوّة"، وفق تعبيرها.
بينما سرت حينها معلومات بشأن مفاوضات تجريها "إسرائيل" مع روسيا حليفة الأسد، من أجل استعادة أغراض شخصية أخرى لكوهين، وحتّى رفاته.