"مؤشر البيتزا": كيف تكشف طلبات الطعام الليلية في واشنطن أسرار التحركات العسكرية؟

في واشنطن، حيث تعمل المراكز الأمنية والسياسية على مدار الساعة، يصبح "مؤشر البيتزا" مؤشراً غير مباشر على تحركات عسكرية محتملة أو اجتماعات طارئة. 

فالموظفون الذين يجدون أنفسهم محاصرين في مكاتبهم ساعات إضافية يحتاجون إلى وجبات سريعة وسهلة التوصيل، وهنا تأتي البيتزا في مقدمة الطلبات.

وأشارت تقارير صحافية من "Politico وThe New York Times" إلى أن هذا المؤشر قد سبق ودق ناقوسه في أحداث كبرى سابقة، منها:

- اغتيال الجنرال قاسم سليماني عام 2020م؛ إذ لوحظ ارتفاع في طلبات الطعام ليلاً في مقرات حكومية.

- انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان عام 2021م؛ إذ ارتفع الطلب على الوجبات السريعة في أثناء الاجتماعات الطارئة.

- تصاعد الأزمة في أوكرانيا عام 2022م، مع تأهب الحكومة لاتخاذ قرارات استراتيجية.

يشرح المحلل الأمني مايكل روبرتس في مقابلة مع "Defense One" أن "لا أحد يطلب بيتزا في منتصف الليل داخل البنتاغون من باب الترفيه. الطلبات المرتفعة تعني اجتماعات طارئة وحالة طوارئ أمنية".

ويضيف: "هذا المؤشر لا يظهر فقط ساعات العمل الطويلة؛ بل أيضًا حساسية الموقف الذي تتطلبه التحركات العسكرية؛ إذ يكون العاملون على استعداد لاتخاذ قرارات حاسمة بسرعة".

ليلة الخميس الماضية، وبينما كانت الأنظار تتابع توترات المنطقة، كشفت بيانات شركات توصيل الطعام عن ارتفاع غير معتاد في الطلبات من مبانٍ تضم كوادر صنع القرار الأمني والسياسي في واشنطن.

 وبعد ساعات، أعلنت وسائل إعلام دولية تنفيذ "إسرائيل" ضربات جوية استهدفت منشآت عسكرية إيرانية في مدن أصفهان وتبريز، وهذا أكد فرضية أن مؤشر البيتزا كان بمنزلة "نبض خفي" يظهر تحركات ميدانية مرتقبة.

تُعد مراقبة مثل هذه المؤشرات جزءًا من أدوات التحليل الاستخباراتي غير التقليدي. فالخبراء لا يكتفون بالمعلومات الرسمية فقط؛ بل يبحثون عن أنماط وسلوكيات ثانوية تظهر واقع الأحداث، ومنها:

- حركة الموظفين في مراكز صنع القرار.

- حجم ونمط طلبات الطعام والشراب في أوقات غير معتادة.

- نشاط الاتصالات والمراسلات غير الرسمية.

وهذا النوع من المعلومات قد يساعد في التنبؤ بوقوع أحداث كبرى أو تفاقم أزمات دولية، ويساعد الصحافيين والمحللين في فهم ما يجري خلف الكواليس.

لأن ظاهرة بسيطة مثل ارتفاع طلبات الطعام تُلقي الضوء على التوترات الجيوسياسية العالمية بطريقة مبتكرة وغير متوقعة. فهي تذكرنا بأن في قلب واشنطن، وبين جدية القرارات العسكرية والدبلوماسية، تبقى التفاصيل الصغيرة هي التي تحكي القصة الكبرى.

في عالم السياسة والأمن، ليست كل المعلومات تصلنا بوساطة القنوات الرسمية أو التصريحات الصحافية. أحيانًا، تتحدث البيتزا، بكل بساطتها، عن ساعات السهر والتوتر، وتسبق الأخبار الكبيرة بخطوات صغيرة لكنها حاسمة.