تزايد الاهتمام العلمي في السنوات الأخيرة، بدور الأمعاء في صحة الإنسان، لتتحول من مجرد عضو هضمي إلى ما يشبه "العقل الثاني" للجسم.
ولم تعد صحة الأمعاء مسألة مرتبطة فقط بالهضم؛ بل هي محور يرتبط بوظائف مناعية، نفسية، وهرمونية. ووفق ما أوردته صحيفة "Times of India"، فإن أعراضًا شائعة مثل الانتفاخ، ومشكلات البشرة، واختلال الهرمونات، والتعب المزمن قد تكون جميعها إشارات واضحة على اختلال في التوازن الداخلي للجهاز الهضمي.
"الميكروبيوم" مجتمع بكتيري يحكم صحتك
داخل الأمعاء، يعيش ما يزيد على 100 تريليون من الكائنات المجهرية، تُعرف بـ"الميكروبيوم المعوي".
وتؤدي هذه البكتيريا النافعة وظائف حيوية مثل هضم الطعام، وإنتاج الفيتامينات، وتنظيم الهرمونات، ودعم الجهاز المناعي؛ بل وحتى التأثير في المزاج بوساطة ما يُعرف بـ"محور الأمعاء–الدماغ".
ويقول خبراء الصحة إن أي خلل في هذا التوازن البكتيري، سواء بسبب التغذية السيئة أم الضغط النفسي أم الإفراط في تناول المضادات الحيوية، يمكن أن يؤدي إلى مشكلات تتجاوز حدود المعدة.
أعراض اضطراب صحة الأمعاء
وفق "Times of India"، هناك مجموعة من المؤشرات التي يجب عدم تجاهلها؛ لأنها غالبًا ما تظهر وجود اختلال في صحة الأمعاء:
1. الانتفاخ المتكرر والغازات
الشعور المستمر بالامتلاء أو التهيج بعد تناول الطعام قد يكون نتيجة اختلال في هضم بعض المكونات مثل السكريات أو الألياف، وهذا يُشير إلى نقص بعض أنواع البكتيريا المفيدة.
2. مشكلات الجلد
حالات مثل الإكزيما، أو حب الشباب، أو الطفح الجلدي قد ترتبط بزيادة "نفاذية الأمعاء"؛ إذ تمر جزيئات غير مرغوب فيها إلى الدم، وهذا يُسبب استجابات مناعية تؤثر في الجلد.
3. اضطراب حركة الأمعاء
سواء في شكل إمساك مزمن أو إسهال متكرر، فإن ذلك يدل على خلل في أداء الجهاز الهضمي أو نقص في تنوع الميكروبيوم المعوي.
4. التعب المزمن
نقص امتصاص الفيتامينات والمعادن الضرورية، خاصة فيتامين B12 والحديد، قد يسبب شعورًا بالإرهاق المستمر، حتى مع الراحة والنوم الكافي.
5. تقلبات المزاج والقلق
تشير دراسات إلى أن نحو 90% من السيروتونين -هرمون السعادة- يُنتج في الأمعاء. وعليه، فإن اضطراب الأمعاء قد يرتبط مباشرة بمشكلات مثل القلق والاكتئاب.
6. تساقط الشعر وضعف الأظافر
إذا لم تكن الأمعاء قادرة على امتصاص العناصر الغذائية امتصاصاً فعّالاً، فستظهر النتائج بسرعة في شكل هشاشة الأظافر وتساقط الشعر.
7. اختلالات هرمونية
صحة الأمعاء ترتبط بتوازن هرمونات مثل الإستروجين والكورتيزول. خلل الأمعاء قد يؤدي إلى اضطرابات في الدورة الشهرية أو تفاقم أعراض متلازمة تكيّس المبايض.
هل يمكن استعادة صحة الأمعاء؟
يؤكد الأطباء أن الأمعاء جهاز "قابل للتعديل"، ويمكن إعادة توازنه بمجموعة من العادات اليومية:
- اتباع نظام غذائي غني بالألياف والبروبيوتيك (اللبن، الكفير، المخللات).
- الابتعاد عن السكريات والدهون المشبعة والمعلبات.
- ممارسة الرياضة بانتظام، وهذا يعزز التنوع البكتيري.
- تقليل التوتر وممارسة التأمل أو اليوغا.
- تجنب الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية.
صحة الأمعاء ليست رفاهية؛ بل ضرورة
قد تكون الأعراض التي نراها سطحية، لكن جذورها غالبًا ما تنبع من أعماق الجهاز الهضمي.
وتجاهل صحة الأمعاء لا يعني فقط مشكلات في الهضم؛ بل خطرًا على توازن الجسم بأكمله، من المناعة إلى المزاج.
إن اتباع نمط حياة يراعي صحة الأمعاء هو استثمار بعيد الأمد في جودة الحياة الجسدية والعقلية.