.
أعلن علماء فرنسيون اكتشاف فصيلة دم جديدة ونادرة للغاية تُسمى "غوادا سالب"، وذلك بعد سنوات من البحث والتحليل الدقيق لسيدة من جزيرة غوادلوب في منطقة الكاريبي.
وأكدت مؤسسة الدم الفرنسية (EFS) أن هذه الفصيلة نالت اعترافًا رسميًا في حزيران/يونيو 2025م، في المؤتمر السنوي للجمعية الدولية لنقل الدم (ISBT) الذي أقيم في مدينة ميلانو الإيطالية، حسبما ذكرت مجلة "Newsweek" الأمريكية.
بداية القصة: لغز دم لا يشبه غيره
بدأ كل شيء عندما خضعت امرأة من أصول كاريبية لفحوصات دم روتينية ضمن برنامج للتبرع.
ولاحظ الأطباء في مؤسسة الدم الفرنسية أن نتائج فحص دمها لا تتوافق مع أي من فصائل الدم التقليدية المعروفة.
حاولت فرق التحليل مطابقة هذه الفصيلة مع مجموعات الدم الشائعة والنادرة، لكن من دون جدوى.
استمرت الأبحاث والفحوصات الوراثية والبروتينية سنوات عدة، باستخدام تقنيات تحليل معقدة، حتى تم التحقق من أن فصيلة الدم هذه فريدة من نوعها تمامًا.
وبعد مراجعة صارمة من لجان علمية دولية، صُنفت رسميًا نوعاً جديداً من فصائل الدم.
ما الذي يجعل "غوادا سالب" فريدة من نوعها؟
يحمل الاسم "غوادا سالب" دلالتين واضحتين:
"غوادا" إشارة إلى جزيرة غوادلوب، موطن السيدة التي تم اكتشاف الفصيلة لديها.
"سالب" (SALB) هو اختصار لاسم بروتين مميز موجود على سطح خلايا الدم الحمراء، وفي هذه الفصيلة يكون هذا البروتين غائبًا تمامًا، وهذا يجعلها تختلف جذريًا عن باقي الفصائل المعروفة.
هذا الغياب يضع "غوادا سالب" في فئة الأنماط الدموية النادرة للغاية (Ultra-Rare Blood Types)، وهي فصائل توجد عند أقل من 1 من كل 10 ملايين شخص.
لماذا يُعدّ هذا الاكتشاف بالغ الأهمية؟
يمثل اكتشاف فصيلة دموية جديدة حدثًا نادرًا في الطب الحديث. والأهمية تكمن في نواحٍ عدة:
- طب نقل الدم: عدم توفر متبرعين متوافقين مع فصائل فائقة الندرة يُعدّ تحديًا كبيرًا عند إجراء عمليات جراحية أو في أثناء الطوارئ.
- أبحاث الوراثة والمناعة: هذه الفصائل تُساعد العلماء في فهم تطور فصائل الدم، والروابط الجينية بين المجموعات العرقية.
- أمان نقل الدم: تحديد مثل هذه الفصائل بدقة يمنع حصول مضاعفات خطرة قد تؤدي إلى رفض الجسم الدم المنقول، أو تفاعلات مناعية مهددة للحياة.
هل هناك فصائل نادرة أخرى؟
بحسب الجمعية الدولية لنقل الدم، هناك أكثر من 375 مستضدًا دمويًا معروفًا، يتم تصنيفها ضمن 43 نظامًا مختلفًا، لكن هناك فقط أقل من 10 أنواع تُعدّ "فائقة الندرة"، مثل:
- فصيلة "RH-null" أو "الدم الذهبي"،؛ إذ تغيب جميع بروتينات RH.
- فصيلة "INRA" التي اكتُشفت سابقًا في الهند.
والآن تُضاف إليها "غوادا سالب" بوصفها واحدة من أندر الفصائل المكتشفة عالميًا.
تحديات أمام الرعاية الصحية
يفرض وجود مثل هذه الفصائل تحديات كبيرة أمام أنظمة الرعاية الصحية وبنوك الدم، منها:
- ضرورة إنشاء قواعد بيانات دولية لتحديد الأشخاص ذوي الفصائل النادرة.
- تخزين وتجميد عينات من دمهم تخزيناً بعيد الأمد.
- تنشيط برامج التبرع الموجّه والنوعي لضمان تأمين دم في حالات الطوارئ.
هل سنكتشف المزيد؟
يرى العلماء أن هذا الاكتشاف هو مجرد بداية، فمع التطور السريع في علم الوراثة وتحليل الجينوم، من المتوقع أن تظهر أنماط دموية جديدة ناتجة عن طفرات وراثية أو اختلافات سكانية محلية لم تُدرس بعد.
ويؤكد باحثو مؤسسة الدم الفرنسية أن العمل جارٍ لفهم خصائص فصيلة "غوادا سالب" فهماً أعمق، ودراسة مدى انتشارها المحتمل في المجتمعات الكاريبية والإفريقية، التي يُعتقد أنها قد تحمل تنوعًا دموياً أكبر مما هو موثق حاليًا.