في واحدة من أكثر حفلات الزفاف فخامة وتأثيرًا هذا العام، اختار الملياردير الأمريكي ومؤسس أمازون جيف بيزوس، مدينة البندقية الإيطالية مسرحًا لزفافه على الإعلامية والمستثمرة لورين سانشيز، وسط حضور نخبوي ضم أسماء من عوالم المال، والتكنولوجيا، والسينما، لتتحول المدينة العائمة يومين إلى ما يشبه "الواقع البديل" الذي امتزجت فيه رفاهية العصر الرقمي بجماليات إيطاليا الكلاسيكية.
مدينة تغرق في الفخامة.. لا الماء
على مدار 72 ساعة، كانت البندقية أشبه بجزيرة خاصة يرفرف فوقها اسم بيزوس. من قصر غريماني التاريخي المطلّ على القناة الكبرى، وحتى قوارب البندولين الفاخرة المزينة بالورود البيضاء، بدا كل شيء مصممًا بدقة تظهر ملامح زفاف "غير عادي" لشخصية غير عادية.
وبحسب مصادر في بلدية المدينة، فإن السلطات خصصت مسارات ملاحية خاصة لحركة القوارب التي تنقل الضيوف؛ إذ استُخدمت أكثر من 50 قاربًا فاخرًا تسببت بزحمة مؤقتة في بعض المسارات، وهذا دفع الشرطة المائية إلى إصدار تنبيهات مؤقتة للسكان المحليين.
مسؤول في إدارة النقل البحري صرّح لـ"الشرق الدولية": "تم وضع خطة مرورية مائية خاصة بالحفل لتفادي الاختناق البحري، بالتعاون مع منظمين تابعين لشركات خاصة أمريكية، وهو أمر نادر الحدوث بهذا المستوى".
ضيوف من النخبة.. وأجواء من الخيال
من بين المدعوين الذين رُصدوا على القوارب أو في ممرات القصر:
النجم السينمائي ليوناردو دي كابريو
سيدة الأعمال والمؤثرة الإعلامية أوبرا وينفري
الملياردير إيلون ماسك
والمصمم العالمي توم فورد
وقد تم حجز فنادق فاخرة بالكامل لاستيعاب الضيوف، وسط حراسة مشددة واستعانة بتقنيات أمنية متقدمة، شملت أنظمة مراقبة حرارية وطائرات مسيرة ومناطق محظورة جويًا فوق الحفل، وفق ما نقلته صحيفة "La Repubblica" الإيطالية.
التفاصيل الباهظة.. وفلسفة الزفاف العصري
تم تصميم ديكور الحفل بيد شركة فرنسية متخصصة في حفلات الملوك والرؤساء، وبلغت تكلفة الزهور وحدها نحو 2.3 مليون دولار، بحسب تسريبات من أحد مورّدي الزهور في ميلانو.
وارتدت لورين سانشيز فستانًا من تصميم دار Dior، تطلّب أكثر من 700 ساعة عمل يدوي، في حين ارتدى بيزوس بدلة كلاسيكية بتوقيع توم فورد، تميزت بربطة عنق رمادية وفق النمط الإيطالي المحافظ.
على الرغم من فخامة الزفاف، فإن لورين اختارت كلمات بسيطة على إنستغرام؛ إذ إنها قالت: "جمعتنا البندقية، كما جمعت عبر القرون بين الحب والفن.. بداية جديدة، في المكان الأكثر شاعرية على وجه الأرض".
الرسائل الرمزية خلف الزفاف
يأتي الزفاف بعد أشهر من إعلان الخطوبة، ويبدو أن اختيار البندقية -المدينة التي تواجه خطر الغرق- يحمل طابعًا رمزيًا يظهر مفارقة بين قِدم المدينة و"حداثة" العريس الذي أسهم في تحويل التسوق الرقمي إلى ظاهرة عالمية.
ويرى محللون أن الحدث لم يكن مجرد زفاف خاص؛ بل استعراضاً ناعماً للقوة الناعمة لرواد التكنولوجيا، ورسالة مفادها أن الثراء الحديث يستطيع إعادة تشكيل الفضاءات التقليدية، حتى لو كانت مدينة عمرها أكثر من ألف عام.
الضجيج الإعلامي والتأثير الاقتصادي
وسائل الإعلام العالمية تابعت الحدث لحظة بلحظة. وأظهرت بيانات من شركة تحليل الهاشتاغات "TrendMap" أن وسم BezosWedding تصدّر تويتر و"إنستغرام" في أكثر من 23 دولة خلال يوم الزفاف، وحقق أكثر من 150 مليون تفاعل خلال 48 ساعة.
أما اقتصاديًا، فقدرت غرفة التجارة في البندقية أن الزيارة أنعشت المدينة بأكثر من 7 ملايين يورو من حجوزات الفنادق والمطاعم والنقل.
عندما يتزوج المستقبل بالتاريخ
زفاف بيزوس وسانشيز لم يكن مجرد حدث رومانسي؛ بل لوحة متعددة الطبقات: اجتماع المال بالحب، والقوة بالتأثير، والتكنولوجيا بالفن. في مدينة تعاني الشيخوخة والفيضانات، وُلد حفل يعيد تسليط الضوء على التناقضات الجميلة التي نعيشها في القرن الحادي والعشرين.
